تصعيد فرنسي ضد المنصات الرقمية.. انتهاكات تفتح ملف حماية الأطفال في الفضاء الإلكتروني
بعد اكتشاف دمى جنسية تشبه القاصرين
أعلن وزير التجارة الفرنسي، سيرج بابان، عن رفع شكاوى قانونية ضد منصتي AliExpress وJoom بعد اكتشاف بيع دمى جنسية تشبه الأطفال على منصاتهما، في حين تنتظر Shein حكمًا قضائيًا بشأن حظرها لمدة ثلاثة أشهر.
وأوضح الوزير الفرنسي في مقابلة مع قناة TF1 التلفزيونية: "حان الوقت لإنهاء الغرب الرقمي، لذا فنحن في معركة طويلة"، مؤكدًا أن الهدف هو حماية المستهلكين والأطفال على حد سواء.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز" ،اليوم الخميس، بدأت السلطات الفرنسية تحقيقات موسعة على منصات التجارة الإلكترونية، ومنها Alibaba وJoom وShein، إضافة إلى منصات أخرى مثل Temu وWish وeBay، للكشف عن منتجات غير قانونية تشمل الأسلحة والمواد الإباحية الموجهة للقاصرين.
أكدت منصة Temu أنها تمنع البائعين من عرض منتجات لا تتوافق مع اللوائح المعمول بها، في حين لم تُجب eBay أو Wish عن طلبات التعليق.
حظر منتجات الدمى الجنسية
قررت Shein حظر جميع منتجات الدمى الجنسية على موقعها الإلكتروني مؤقتًا، وإلغاء جميع قوائم البائعين المخالفين، وفقًا لتصريحات الشركة لمجلة "تايم"، وأكد رئيس مجلس إدارة Shein، دونالد تانغ، أن مكافحة استغلال الأطفال أمر ضروري للشركة، معتبراً أن بعض العروض كانت مقدمة من بائعين خارجيين، لكنه يتحمل المسؤولية شخصيًا.
وأضاف المتحدث الفرنسي باسم Shein، كوينتين روفات، أن بيع الدمى كان نتيجة خلل في عمليات الشركة، وأنه تم اتخاذ إجراءات سريعة لتطبيق ضمانات ومراجعة عملياتها، وفقًا لتقرير "تايم"، كما أوضحت الشركة أنها ستواصل التعاون مع السلطات لتقديم بيانات البائع والمشتري والمنتج.
ومن جانبها، حظرت AliExpress بائعًا صينيًا يُدعى Guava Dolls يبيع دمى جنسية تشبه الأطفال بعد تحقيق أجرته "رويترز" للتحقق من التزام المنتجات بقوانين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وأفاد بيان الشركة بأن البائع لم يكن أمينًا في تواصله مع المنصة، وأن المنتجات تضمنت سمات مرتبطة بالتحرش الجنسي بالأطفال، مثل الزي المدرسي والتعبيرات الطفولية.
وأكدت AliExpress أنها ستشرك جهات خارجية مستقبلًا لمراقبة المنصة، وأن المحتوى يجب ألا يكون صريحًا جنسيًا أو ضارًا بالقاصرين، وأضافت الشركة أن المنتجات الأولية كانت تُعرف باسم "دمى أنمي" لعشاق الرسوم اليابانية، لكنها حُذفت بعد رصد المخالفات.
التدقيق الأوروبي
كثفت المفوضية الأوروبية الرقابة على إجراءات حماية الأطفال لدى Shein بعد اكتشاف الدمى الجنسية والأسلحة غير القانونية على موقعها الإلكتروني، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس.
وأوضح المتحدث باسم المفوضية، توماس رينيه، أن هناك مؤشرات على أن Shein قد تُشكل خطرًا نظاميًا أكبر على المستهلكين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، مطالبًا الشركة بتقديم معلومات حول الأنظمة التي وضعتها لمنع بيع السلع غير القانونية وحماية القاصرين.
وأضافت المفوضية أن التدقيق الأوروبي يتم بموجب قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي (DSA) الذي يفرض التزامات صارمة على المنصات الإلكترونية الكبيرة جدًا (VLOPs) لضمان إزالة المحتوى غير القانوني أو الحد من الوصول إليه، بحسب تقارير "رويترز" و"أسوشيتد برس".
التحقيق الفرنسي
بدأ المدعون العامون في باريس تحقيقًا في Shein وAliExpress بتهمة نشر صور أو تمثيلات إباحية للقاصرين، إضافة إلى Temu وWish، بحسب تايم. وعثرت هيئة حماية المستهلك الفرنسية (DGCCRF) على الدمى الجنسية "الطفولية" على منصة Shein، وأحالته إلى النيابة العامة.
صرحت المفوضة السامية الفرنسية لشؤون الطفل، سارة الحائري، أن هذه الدمى "تُعد بمنزلة تدريب لمجرمي الأطفال المستعدين للتصرف"، مؤكدًة أهمية حماية القاصرين من أي محتوى إباحي أو عنيف على المنصات الرقمية.
ونددت السلطات المحلية و السياسيون الفرنسيون بوصول Shein إلى باريس، معتبرين أن هذا يشكل تهديدًا للقيم المدنية والتنظيمية، وفقًا لتقرير تايم، وقال إيان بروسات، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن باريس من الحزب الشيوعي: "لا يمكن لعاصمتنا أن تصبح واجهةً للسلع الاستهلاكية والاستغلال".
وتجمّع مئات المتظاهرين أمام متجر Shein في BHV باريس احتجاجًا على إدراج دمى جنسية على المنصة، في حين وقّع أكثر من 120 ألف شخص عريضة ضد افتتاح المتجر، وأشار ديفيد بيليارد، المرشح لمنصب عمدة باريس وعضو حزب الخضر، إلى رفض المدينة لوجود مثل هذه العلامات التجارية على أراضيها.
وأعلنت اثنتا عشرة علامة تجارية سحب منتجاتها من متجر BHV احتجاجًا على Shein، وفقًا لتقرير "تايم"، كما ألغت غاليري لافاييت شراكتها مع الشركة الأم SGM لأسباب استراتيجية، في حين دافع فريديريك ميرلين، رئيس SGM ومالك BHV، عن الشراكة مع Shein، مؤكدًا أن المتجر لن يسهم في استغلال الأطفال جنسيًا، وأن المنتجات المخالفة تم حظرها عالميًا من السوق.
معايير أكثر صرامة
ضغطت فرنسا على الاتحاد الأوروبي لتطبيق معايير أكثر صرامة على الألعاب والمنتجات الخطرة، ومنها دمى Shein الجنسية، وحققت نجاحًا جزئيًا، بحسب "فايننشيال تايمز"، وقد أُلغيت الإعفاءات السابقة للطرود منخفضة القيمة، وأقرّ المشرّعون الأوروبيون قواعد أكثر صرامة لضمان حماية المستهلكين، خاصة الأطفال، من المنتجات غير القانونية على المنصات الرقمية.
وتواجه Shein وAliExpress وTemu التزامات تنظيمية صارمة بموجب قوانين الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى قوانين الولايات المتحدة التي تحظر بيع أو استيراد أو حيازة دمى جنسية تشبه الأطفال في عدة ولايات، بحسب "رويترز".
وأكد خبراء حماية الأطفال أن الخصائص الجنسية الواضحة للدمى تجعلها منتجات غير قانونية، وليست مجرد ألعاب، وفقًا لتصريحات كريستين سيرادا من منظمة "إنفانس أو كور".
وتوضح هذه الأحداث أن حماية الأطفال أصبحت أولوية وطنية وأوروبية مشتركة، وأن الجهات التنظيمية والحكومات تتخذ إجراءات صارمة لمكافحة استغلال الأطفال عبر المنصات الرقمية، وتسلط القضية الضوء على التحديات الحقوقية والرقابية في العصر الرقمي، حيث تتقاطع التجارة الإلكترونية مع حماية حقوق الأطفال، في معركة مستمرة لضمان بيئة آمنة للمستهلكين الصغار.











