وسط قلق من عودة العنف.. انفجار عبوة ناسفة في تعز يصيب نساءً وأطفالاً
وسط قلق من عودة العنف.. انفجار عبوة ناسفة في تعز يصيب نساءً وأطفالاً
استيقظت مدينة تعز اليمنية، صباح الخميس، على مشهد دموي جديد أعاد إلى الأذهان سنوات من القلق وعدم الاستقرار، بعدما أدى تفجير عبوة ناسفة في شارع مكتظ بالسكان إلى مقتل وإصابة 8 مدنيين، في هجوم هز واحدة من أكثر المدن اليمنية كثافة سكانية وحساسية أمنية.
وقع التفجير في شارع جمال، أحد الشوارع الحيوية في وسط المدينة، خلال ساعات الذروة الصباحية، حين تكون الحركة في أوجها مع توجه الطلاب إلى مدارسهم والموظفين إلى أعمالهم.
وبحسب مصادر محلية، قام شخص مجهول بزرع عبوة ناسفة في الشارع قبل تفجيرها عن بُعد، مستهدفاً فضاءً عاماً يعج بالمارة والمركبات، وفق صحيفة "المنتصف نت".
أفادت مصادر أمنية بأن موقع الانفجار كان بالقرب من المكتب التنفيذي لحزب الإصلاح في تعز، إلا أنها شددت على أن الهجوم لم يكن موجها ضد أي جهة سياسية بعينها، وأوضحت أن العبوة الناسفة زُرعت داخل بقايا بطارية، في أسلوب يهدف إلى إخفاء المتفجرات وتعظيم الأثر النفسي، مؤكدة أن الهدف الأساسي كان بث الرعب بين السكان المدنيين.
وأضافت المصادر أن جميع الضحايا من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال، ما يعزز فرضية أن التفجير استهدف المدنيين بشكل مباشر دون تمييز، وأشارت إلى أن هذا النوع من العمليات يعكس توجها خطيرا نحو استهداف الحياة اليومية في المدينة.
ضحايا من طريق المدرسة
قال أحد المسعفين الذين هرعوا إلى موقع الحادث إن من بين الضحايا طفلًا يبلغ من العمر 7 سنوات، كان في طريقه إلى مدرسته لحظة وقوع الانفجار، وأضاف أن مشهد الطفل المصاب ترك أثرا عميقا في نفوس الأهالي والمسعفين على حد سواء، خاصة أن التفجير وقع في توقيت يفترض أن يكون آمنا.
وأثار مقتل وإصابة الأطفال موجة من الغضب والحزن في أوساط السكان، الذين عبروا عن مخاوفهم من تحوّل الشوارع العامة إلى ساحات خطر مفتوحة، في ظل هشاشة الوضع الأمني الذي يعيشه اليمن.
من جانبه، أوضح مصدر طبي في أحد مستشفيات تعز أن 7 جرحى، بينهم نساء وأطفال، نُقلوا إلى عدة مرافق صحية لتلقي العلاج، وبيّن أن الإصابات تراوحت بين شظايا في الرأس وأجزاء متفرقة من الجسم، مشيرا إلى أن بعض الحالات وُصفت بالحرجة وتحتاج إلى متابعة طبية دقيقة.
وأضاف المصدر أن المستشفيات تعاني أصلا من نقص في الإمكانيات والمستلزمات الطبية، ما يزيد من صعوبة التعامل مع مثل هذه الحوادث المفاجئة.
حالة هلع وأضرار مادية
وأشار شهود عيان إلى أن الانفجار أحدث حالة هلع واسعة في الشارع والمناطق المحيطة به، حيث هرع المواطنون إلى الاحتماء داخل المحال التجارية والمنازل القريبة، كما تسبب التفجير في أضرار مادية طالت عددا من المتاجر والمركبات المتوقفة في المكان.
وعقب الحادثة، فرضت الأجهزة الأمنية طوقا أمنيا في محيط شارع جمال، وبدأت فرق التحقيق بجمع الأدلة ورفع بقايا العبوة الناسفة، وسط إجراءات مشددة لمنع وقوع أي تفجيرات أخرى محتملة.
ووفقا لمعطيات أمنية أولية، نُفذ التفجير باستخدام أسلوب يستهدف تعظيم الأثر النفسي، عبر إخفاء عبوة ناسفة شديدة الانفجار داخل بطارية ولوح توليد شمسي، وأوضحت المصادر أن سائق حافلة صغيرة قام بتسليم بطارية لرجل كان يستقل دراجة نارية وبرفقته طفله، طالبا منه إيصالها إلى شارع جمال.
وأثناء إنزال البطارية في الموقع المحدد، جرى تفجير العبوة عن بعد، ما أدى إلى مقتل شخصين على الأقل وإصابة آخرين. واعتبرت المصادر هذا الأسلوب دليلا على تعمد المنفذين استغلال المدنيين دون علمهم، بمن في ذلك الأطفال، لتنفيذ الهجوم.
تحقيقات مستمرة وقلق شعبي
لا تزال الأجهزة الأمنية تواصل تحقيقاتها لتحديد هوية المنفذين ودوافع الهجوم، في وقت يتصاعد فيه القلق الشعبي من عودة موجة التفجيرات بعد فترة من الهدوء النسبي الذي شهدته المدينة.
ويخشى سكان تعز من أن تؤدي هذه الحادثة إلى إعادة دوامة العنف، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والانقسام الأمني الذي تعانيه المدينة منذ سنوات.
الألغام خطر دائم
وفي سياق متصل يعكس حجم المخاطر الأمنية التي تهدد المدنيين في اليمن، أعلن مشروع مسام السعودي لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام عن انتزاع 699 لغما خلال الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر الجاري، كانت قد زرعتها المليشيات الحوثية في عدد من المحافظات.
وأوضح المشروع، في بيان، أن الألغام المنزوعة شملت لغما واحدا مضادا للأفراد، و74 لغما مضادا للدبابات، و619 ذخيرة غير منفجرة، و5 عبوات ناسفة، وبذلك يرتفع عدد الألغام التي جرى نزعها خلال شهر ديسمبر إلى 1732 لغما.
أرقام تعكس حجم المأساة
وأشار مشروع مسام إلى أن إجمالي عدد الألغام التي جرى نزعها منذ انطلاقه وحتى الآن بلغ 528192 لغما، زرعت عشوائيا في مختلف الأراضي اليمنية، مستهدفة أرواح الأطفال والنساء وكبار السن، ومخلّفة آثارا نفسية واجتماعية عميقة في المجتمعات المحلية.
وتؤكد هذه الأرقام أن خطر المتفجرات لا يزال حاضرا في حياة اليمنيين اليومية، سواء عبر تفجيرات متعمدة في المدن أو عبر مخلفات الحرب المزروعة في الطرقات والحقول.
تعد مدينة تعز واحدة من أكثر المدن اليمنية تضررا من الصراع المستمر منذ سنوات، حيث شهدت حصارا ومعارك متكررة وانفلاتا أمنيا أثر بشكل مباشر على حياة المدنيين، وتنتشر في المدينة ومحيطها مخلفات حرب وأسلحة غير منفجرة، إلى جانب عمليات تفجير تستهدف الفضاء العام بين الحين والآخر، ومع استمرار الجهود المحلية والدولية لتقليص خطر الألغام والمتفجرات، تبقى تعز وغيرها من المدن اليمنية عرضة لهجمات تهدد أمن السكان، في ظل غياب حل شامل يعيد الاستقرار ويضع حدا لمعاناة المدنيين.
ويشهد اليمن معاناة إنسانية كبيرة نتيجة الحرب المستمرة منذ سبتمبر 2014 بين القوات الموالية للحكومة، وميليشيا الحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء.
ويسيطر الحوثيون على صنعاء ومعظم مناطق الشمال اليمني ومن بينها مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر والتي تضم ميناء يعتبر شريان حياة ملايين السكان في مناطق الحوثيين.
وتسببت الحرب باليمن في مصرع أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، ونزوح الآلاف في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب وصف الأمم المتحدة.











