الحرمان من التعليم.. جرح مفتوح في مستقبل الفتيات في أفغانستان
الحرمان من التعليم.. جرح مفتوح في مستقبل الفتيات في أفغانستان
يكشف حرمان الفتيات من التعليم في أفغانستان عن أزمة تتجاوز حدود الصفوف الدراسية، لتطول البنية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للمجتمع بأسره، إذ لا يعني غياب المدرسة فقدان المعرفة فقط، بل يفتح الباب أمام سلسلة من التداعيات الخطيرة، منها تصاعد الزواج المبكر، وتفاقم الفقر، وتراجع فرص التنمية، وحرمان البلاد من نصف طاقتها الإنتاجية في لحظة تاريخية هي بأمسّ الحاجة فيها إلى كل إمكاناتها البشرية.
ويتحوّل إنهاء الصف السادس هذا العام بالنسبة لآلاف الفتيات الأفغانيات من محطة طبيعية في مسار التعليم إلى نقطة انكسار قاسية، بعدما أُغلقت أمامهن الأبواب التي كان يفترض أن تقودهن إلى الصف السابع، بحسب ما ذكرت وكالة "أنباء المرأة"، اليوم الأربعاء.
وتغادر الفتيات مقاعد الدراسة وهنّ يحملن شهادات نجاح، لكن دون أمل حقيقي في مواصلة التعلم، في مشهد يلخص كيف تُطفأ الأحلام عند عتبة الطفولة.
أحلام معلّقة ومستقبل غامض
يمثل التعليم في هذه المرحلة العمرية حاجة أساسية للنمو الفكري والنفسي للفتيات، وحرمانهن منه يعني قطع الطريق فجأة أمام مواهب بدأت تتشكل وطموحات لم تكتمل بعد.
وتحلم كثيرات بأن يصبحن طبيبات أو معلمات أو عناصر فاعلة في خدمة المجتمع، غير أن الواقع الجديد يضعهن أمام مستقبل مجهول، تحكمه القيود بدل الفرص.
وتمتد عواقب هذا الحرمان إلى الأسرة والمجتمع، إذ تصبح الفتيات غير المتعلمات أكثر عرضة للزواج المبكر والعمل القسري والعزلة الاجتماعية، ما يعمّق دوائر الفقر والتبعية وعدم المساواة، ويتحوّل غياب التعليم إلى أداة لإعادة إنتاج التهميش جيلاً بعد جيل، في بلد يعاني أصلاً من أزمات متراكمة.
عبء نفسي ثقيل
يحاول بعض الأسر التخفيف من آثار هذه الأزمة عبر توفير تعليم منزلي أو دورات غير رسمية لبناتها، إلا أن هذه المبادرات تظل محدودة وغير مستقرة، وغالباً ما تواجه خطر الإغلاق في أي وقت.
ويضاعف غياب سياسة تعليمية واضحة وعادلة العبء النفسي على الفتيات وذويهن، حيث يشعر الآباء بالعجز أمام مستقبل يُسلب من بناتهم دون بدائل حقيقية.
تجسد قصة رويا بيرين التي نالت شهادة الصف السادس بامتياز هذا الألم الإنساني العميق. وتعود رويا إلى منزلها بدموع تغالبها، بعدما تحوّلت فرحة النجاح إلى حزن صامت تشاركه مع والدتها بصوت مرتعش.
معاناة ملايين الفتيات
تعكس دموع رويا معاناة ملايين الفتيات الأفغانيات اللواتي حُرمن من حق التعليم خلال السنوات الأربع الماضية، لا بسبب عجز أو ظرف قاهر، بل نتيجة قرارات فرضت عليهن قسراً.
تتردد في أزقة المدن والأحياء الأفغانية صرخات مكتومة لفتيات أنهين الصف السادس، ويفقدن مع كل دمعة جزءاً من أملهن في مواصلة التعليم، ويقف المعلمون عاجزين وهم يودّعون طالباتهم، محاولين زرع بذرة أمل بقولهم إن هذا القمع لن يدوم، وإن يوماً سيأتي تُفتح فيه الأبواب المغلقة.
ويضع هذا الواقع مسؤولية أخلاقية وإنسانية جسيمة على من حوّلوا التعليم إلى أداة للهيمنة والسيطرة، إذ إن كل يوم تُغلق فيه أبواب المدارس أمام الفتيات، تتسع الفجوة بين الطموح والواقع، ويتعمّق جرح سيظل شاهداً على جيل حُرم من حقه الأساسي في المعرفة والحلم بمستقبل أفضل.











