حرائق الغابات.. خبراء يحذرون من فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم
حرائق الغابات.. خبراء يحذرون من فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم
تتنامى المخاوف العالمية من ظاهرة حرائق الغابات بالعالم، والتي عانت منها مؤخرا العديد من الدول، ولعل أبرزها إسبانيا والبرتغال واليونان وفرنسا وتونس وتركيا والمغرب وروسيا.
ودمرت الحرائق آلاف الهكتارات من الغابات دائمة الخضرة وذات الأشجار والمروج الخضراء، بفعل ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن التغيرات المناخية بالعالم.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض.
وحذر خبراء في مجال البيئة من حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
خسائر عالمية
في فرنسا، دمرت حرائق الغابات أكثر من 10 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية، كما أجبرت ما يزيد على 10 آلاف شخص على النزوح جنوب شرقي البلاد.
وفي إسبانيا والبرتغال، أدى اشتعال الحرائق المستمرة في الغابات بالبلدين، إلى مصرع ما لا يقل عن 281 شخصا وإصابة المئات الآخرين، فيما أُخليت عدة بلدات في غرب إسبانيا.
وفي اليونان دمرت نيران الحرائق نحو 2500 هكتار من غابات الصنوبر شرق العاصمة أثينا، فيما هددت محمية وطنية مهمة تعد الأكبر في البلاد.
وفي تونس، سجلت السلطات اندلاع أكثر من 26 حريقا كبيرا في الغابات الشجرية خلال شهر يوليو الجاري، أبرزها حريق جبل بوقَرنين القريب من العاصمة والمتنفّس الطبيعي الأهمّ لأكثر من مليونَي تونسي يقيمون في المدن المحاذية للجبل.
وفي تركيا، اندلعت حرائق هائلة في غابات أيدن جنوب غربي البلاد، دمرت نحو 100 هكتار من الأراضي الزراعية والغابات، ورفعت درجات الحرارة إلى 141 درجة مئوية في بعض المناطق.
وفي المغرب، دمرت الحرائق التي اندلعت في 6 محافظات شمالي البلاد، أكثر من 10 آلاف هكتار من الغابات، كما شردت سكان عدد من البلدات وأحرقت منازلهم.
وفي روسيا، أجلت السلطات 250 طفلا من مخيم "أورليونوك" الصيفي للأطفال بمنطقة ميرنينسكي، بعد أن أتت حرائق الغابات على بعض المنازل في بلدة أريلاخ المجاورة.
الاحتباس الحراري
بدوره، حذر الخبير البيئي ومستشار برنامج المناخ العالمي، الدكتور مجدي علام، من تنامي تداعيات ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بسبب التلوث الكارثي الناجم عن الثورة الصناعية.
وأضاف علام، في تصريح لـ"جسور بوست"، أن تزايد غازات الاحتباس الحراري، والتي يأتي أبرزها غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري بكافة أشكاله، أدى إلى تغير الغلاف الجوي.
وتابع: "لم يعد الغلاف الجوي يقوى على إخراج الحرارة من سطح الأرض، فأصبح يحبسها لذلك سميت بـ(غازات الاحتباس الحراري)، والتي تؤدي بطبيعة الحال إلى العديد من الكوارث البيئية كحرائق الغابات".
ومضى موضحا: "غاز الميثان هو السبب الرئيسي وراء حرائق الغابات في العديد من الدول الأوروبية والعربية، وهو الغاز الذي يستخدم في تدفئة المنازل وتسخين المياه ومجففات الملابس، وعندما يتعرض للهواء يحول الغابات إلى حرائق".
واختتم علام حديثه قائلا: "حرائق الغابات يعد فقدانا لأكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم إذا استمر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإصرار الدول الصناعية الكبرى على تلويث المناخ والبيئة، سيضطر كل إنسان بالعالم إلى اللجوء لأنابيب الأكسجين حتى يتنفس".
صيانة دورية
وحذر استشاري الطاقة والبيئة وتغير المناخ، الدكتور ماهر عزيز، من تأثير حرائق الغابات على تأكل الغطاء الأخضر للأرض، وتقليل إنتاج الأكسجين مقابل انطلاق كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يعد السبب الرئيسي للاحتباس الحراري.
وقال عزيز في تصريح لـ"جسور بوست" إن معظم أسباب اندلاع حرائق الغابات يكون من خلال تحلل الحشائش والنباتات التي تنتج غازات قابلة للاشتعال، وبالتالي مع ارتفاع درجات الحرارة تندلع الحرائق.
ودعا الخبير البيئي إلى مكافحة اندلاع الحرائق من خلال عمل صيانة دورية للغابات، لتخليصها من النباتات والحشائش القابلة للتحلل وإنتاج الغازات، كإجراءات وقائية لتقليل احتمالات اندلاع الحرائق.
وأشار إلى ضرورة سرعة تعامل السلطات المحلية مع حرائق الغابات لمحاصرتها وإخمادها من خلال فرق الطيران المدني والعسكري ونشر المبردات قبل التمدد والانتشار الكارثي الذي يفقد آلاف الهكتارات ويهدد المواطنين بالوفاة والإصابة والنزوح.
وأصبحت موجات الحر أكثر تكرارا وكثافة في مختلف دول العالم، إلى جانب أنها تستمر لفترة أطول بسبب ظاهرة التغير المناخي الناجم عن الأنشطة الصناعية.