دراسات حديثة: القطاع الزراعي الأكثر تسبباً في التغيرات المناخية.. ومدينة هولندية تمنع اللحوم
دراسات حديثة: القطاع الزراعي الأكثر تسبباً في التغيرات المناخية.. ومدينة هولندية تمنع اللحوم
المطبخ في حضارة الإنسان مرآة للوضع الاقتصادي، وكلما عمرت الموائد باللحوم، كلما دل على رفاهية تنعم بها الأفراد عادة، وفي العرف يكرم الرجل ضيفه بأن ينحر له الذبائح، تأكيدا على الكرم وحسن الضيافة.
هذه الهبة التي أعطيت للبشرية على وشك أن تمنع منها، حيث تشير دراسات حديثة نشرتها المواقع المتخصصة، إلى أن إنتاج الغذاء مسؤول عن ثلث إجمالي الغازات التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري، بينما يخلف إنتاج اللحوم من الحيوانات ضعف حجم التلوث مقارنة بالأطعمة النباتية.
وتستند الدراسات إلى حقائق عدة، منها إزالة الغابات بهدف توفير مراعٍ للحيوانات، واحتواء أعلافها على النيتروجين الذي يلوث الهواء والماء ويساعد على زيادة حدة الاحتباس الحراري.
تنتج الثروة الحيوانية انبعاثات كبيرة من الميثان، وهو أحد أبرز الغازات الدفيئة.
وفي خطوة جريئة، أصبحت هارلم الهولندية أول مدينة في العالم تمنع الإعلان عن بيع اللحوم ومنتجاتها في الأماكن العامة، فقد قررت المدينة الواقعة غربي أمستردام ويسكنها نحو 160 ألف شخص، حظر الإعلان عن اللحوم بدءا من عام 2024، في محاولة للحد من انبعاث الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري، وفقًا لتقارير صحفية.
وأثار القرار شكاوى من العاملين في إنتاج اللحوم، حيث يرون أن السلطات المحلية "تتمادى في فرض الوصاية على السكان".
وقالت زيغي كلازيس، وهي عضو حزب "اليسار الأخضر" الذي صاغ اقتراح منع الإعلان عن اللحوم، إنها لم تكن تعلم أن هارلم ستكون أول مدينة تطبق هذه السياسة في العالم عندما اقترحتها.
وأضافت لمحطة "هارلم 105": "نحن لا نتحدث عما يحضره الناس في مطبخهم، إذا أرادوا الاستمرار في تناول اللحوم فلا بأس، لكن لا يمكننا إخبار الناس بوجود أزمة مناخية وفي الوقت ذاته تشجيعهم على شراء المنتجات التي تشكل جزءا من السبب، بالطبع هناك كثيرون يجدون القرار شائنا ومتعصبا، لكن هناك أيضا آخرين يعتقدون أنه قرار جيد".
وتشمل قرارات المدينة أيضا حظر الرحلات الجوية لقضاء العطلات، واستعمال الوقود الحفري والسيارات التي تعمل به، بدءا من 2024. وتشير أبحاث إلى أن هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في "انبعاثات صفرية" بحلول عام 2050، يتطلب تقليل استهلاك اللحوم إلى 24 كيلوغراما لكل شخص سنويا، مقارنة بالمعدل الحالي البالغ 82 كيلوغراما، أو 75.8 كيلوغرام في هولندا، أكبر مصدر للحوم في الاتحاد.
القطاع الزراعي الأخطر نسبياً
علق أستاذ الاقتصاد الزراعي جامعة القاهرة، نادر نور الدين بقوله: "إن القطاع الزراعي يساهم في الانبعاثات الغازية المسببة في التغيرات المناخية، بنسبة 31% من إجمالي الانبعاثات الغازية، ولكن لنا أن نعلم أنه يساهم بنسبة 4% فقط من الناتج القومي العالمي بينما الصناعة والمواصلات والطاقة تساهم بنسبة 61%، وما بين 20-30% من الناتج القومي العالمي، ولهذا يقول كثير من العلماء إن القطاع الزراعي هو الأكثر تسببًا في الانبعاثات الغازية، نظرًا لأنه يساهم بقدر قليل في الناتج القومي العالمي، ومن ثم القطاع الزراعي يحتاج إلى وقفة".
وقال “نور الدين” في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، إن إزالة الغابات لتحويلها إلى محاصيل اقتصادية ومزارع، أحد أسباب زيادة الانبعاثات الغازية، والحيوانات المجترة، هذه العملية تتسبب في كميات كبية من غاز الميثان"NH4" وهو من الغازات النيتروجينية الذي لديها قدرها على إحداث احتباس حراري 80% ضعف قدرة غاز ثاني أكسيد الكربون، وعليه هناك دول كثيرة في العالم تقول إن "المواشي" أحد الأسباب المهمة في الاحتباس الحراري.
وتابع، كذلك فإن إنتاج اللحوم يستهلك كميات مياه كبيرة وأن تربية "عجل" واحد لمدة 3 سنوات يستهلك مياها تكفي لري فدان من الأراضي الزراعية، وأن إنتاج كيلو واحد من اللحم يحتاج إلى 5 آلاف كيلو من المياه، كذلك تستهلك كمية كبيرة من الحبوب والذرة والشعير، هذا غير الأعلاف المكونة من فول الصويا، لذا فهي تنافس الإنسان في الغذاء، ولهذا يتجه العالم للتقليل من أكل اللحوم لتسببها في الاحتباس الحراري.
واستطرد، قطاع الزراعة مؤثر نسبيًا في الاحتباس الحراري ما نسبته 31%، والقطاع الحيواني هو الأكثر تسببًا داخل القطاع الزراعي وكذلك الثروة السمكية لما يخرج عنها من الأمونيا، كذلك حقول الأرز والبرك الموجودة في القرى وكل المحاصيل الحقلية جميعها تخرج ثاني أكسيد الكربون خاصة ليلًا.
وعن البدائل، قال: إنه كلما ارتفع المستوى الاقتصادي لفرد كلما كانت نسبة استهلاكه للحوم أعلى، وقل اعتماده على الكربوهيدرات والحبوب، لكن اللحوم ليست حمراء فقط، ولكن هناك بدائل للحوم الخنزير والبقر التي تعدا الأكثر استخداما في العالم، وهذه البدائل أقل تسببًا في التلوث كالدواجن والأسماك، ويمكن للإنسان الاعتماد على الطيور المأكولة حيث إنها الأقل استهلاكًا للمياه وإصدارًا للانبعاثات الحرارية، وكذلك الأسماك تستخدم المياه ولا تستهلكها، وطالما هناك بدائل فلا خوف ولذلك فإن الدول المتقدمة تتجه مثل هذه الاتجاهات من التقليل من استخدام اللحوم.