خبراء: مصر تُمثل إفريقيا في خسائر التغير المناخي.. ومساعٍ لتمويل "التحول الأخضر"

خبراء: مصر تُمثل إفريقيا في خسائر التغير المناخي.. ومساعٍ لتمويل "التحول الأخضر"

في ظل ما تعانيه قارة إفريقيا من انهيار اقتصادي، جاءت التغيرات المناخية لتثقل كاهلها، على الرغم من ضعف مساهمتها في الانبعاثات الحرارية المسببة لتلك التغيرات، وكحلٍ التزمت الدول الصناعية الكبرى بتمويلات القارة السمراء بما يكفل لها التعايش.. ولكن هل التزمت تلك الدول بما ألزمت بها نفسها؟

منذ يومين، دعا ممثلون عن 24 دولة إفريقية الدول المتقدمة إلى الوفاء بالتزاماتها المالية، والتي تم التعهد بها، لمساعدة القارة على التكيف مع تبعات التغير المناخي. 

وقال الممثلون عن الدول الإفريقية، في بيان صدر عن منتدى التمويل الدولي والتعاون الإنمائي بنسخته الثانية، والذي استضافته مصر، إنهم يحضون الدول المتقدمة على الوفاء بتعهداتها المتعلقة بالتمويل المخصص لقضايا المناخ والتنمية، بجانب الوفاء بالالتزامات المتمثلة في مضاعفة التمويل المخصص لعمليات التحول الأخضر، وتحديدًا للدول الإفريقية. 

وتعهدت الدول الغنية في عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار من التمويل الخاص بالمناخ للعالم النامي، لكن هذا التعهد لم يتم الوفاء به إلا جزئيا ومن المقرر أن ينتهي عام 2025. 

وانتقد اجتماع وزراء أفارقة في القاهرة الأسبوع الماضي، قبل قمة المناخ كوب 27 في نوفمبر، نقص الدعم الذي قالوا إنه أدى إلى استفادة القارة من أقل من 5.5 بالمئة من تمويل المناخ العالمي

 وجاء منتدى التمويل الدولي، ليسبق مؤتمر المناخ العالمي للأمم المتحدة "كوب 27"، والمقرر عقده في مصر خلال شهر نوفمبر القادم في مدينة شرم الشيخ. 

وبحسب البيان، قال ممثلو الدول الإفريقية إن التأثير على القارة، والذي يحدث نتيجة للتغير المناخي "غير متناسب"، إذ إن القارة السمراء تسهم بأقل من 4 بالمئة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما أن غابات حوض الكونغو تمثل "الرئة الخضراء" الرئيسية للكوكب، مثل غابات الأمازون. 

وكانت وزيرة التعاون الدولي المصرية، رانيا المشاط، قد قالت في تصريحات صحفية، الجمعة، إن مؤتمر "كوب 27"، الذي ستنظمه وزارة المالية المصرية، سيمهد الطريق للتحرك "من التعهد إلى التنفيذ"، في ما يتعلق بحصول الدول الإفريقية على التمويل اللازم لمشروعات التنمية المتعلقة بقضايا التغير المناخي. 

وأكدت الوزيرة أن المؤتمر، المقرر عقده في الفترة من 6 حتى 18 نوفمبر، سيركز بشكل كبير على قضايا المناخ وضرورة توفير تمويل لها، خاصة للدول النامية، التي تعهد المجتمع الدولي بتوفير تمويل لها، كونها الأكثر تضررًا من تأثيرات التغير المناخي، رغم أنها ليست بالدول المنتجة لانبعاثات تزيد من حجم مشكلة المناخ.

كيف تضررت إفريقيا؟

في تصريح له تناقلته الصحف، قال البنك الإفريقي للتنمية، إن القارة السمراء تخسر ما بين 5 و15% من نصيب الفرد من النمو الاقتصادي بسبب تداعيات تغير المناخ وتواجه نقصا كبيرا في التمويل المناخي. 

وتضررت إفريقيا بشكل غير متناسب من تداعيات تغير المناخ الذي أدى إلى تفاقم حالات الجفاف والفيضانات والأعاصير بأنحاء القارة في السنوات الأخيرة. 

وقال كبير الاقتصاديين بالإنابة في البنك الإفريقي للتنمية كيفين أوراما، في بيان صدر الأسبوع الماضي، إن الدول الإفريقية تلقت نحو 18.3 مليار دولار من التمويل المخصص لمكافحة تغير المناخ بين عامي 2016 و2019. 

لكنها تواجه فجوة تقارب 1.3 تريليون دولار في تمويل المناخ للفترة من 2020 إلى 2030. 

وأضاف أوراما: "تعكس هذه المبالغ حجم الأزمة، الاستثمار في التكيف مع المناخ في سياق التنمية المستدامة هو أفضل طريقة للتعامل مع تداعيات تغير المناخ".

مصر تُمثل إفريقيا وتدافع عنها

وبدوره، قال مدير مركز التغيرات المناخية، ومستشار وزير الزراعة المصري، محمد فهيم لـ“جسور بوست”: "إن مصر تمثل بل وتتولى الدفاع عن مصالح قارة إفريقيا من خلال مؤتمر التغيرات المناخية (COP27)، ومن خلال منتدى التعاون الدولي الثاني الذي حضره الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي كان أيضًا لصالح إفريقيا، وهناك العديد من الأحداث والفعاليات جميعها موجهة لدعم القارة الإفريقية، مثل يوم التكيف والزراعة، وهناك جلسة كاملة تتحدث في هذا الشأن، على اعتبار أنها قارة غير مساهمة في أسباب التغيرات المناخية إلا بقدر قليل جدًا لا يتجاوز 4% من حجم الانبعاثات الغازية، ورغم ذلك تتأثر وبشكل كبير بتلك التغيرات خاصة أن كثيراً منها دول متخمة بالمشكلات الاقتصادية".

وتابع مدير مركز التغيرات المناخية: معظم النقاشات ستكون حول التكيف لعدم مساهمة القارة في تلك التغيرات ولذا نناقش كيفية التكيف معها لا فكرة التخفيف منها، وذلك سيحتاج إلى تمويل، وعلى الدول الصناعية الكبرى المتعهدة بمئة مليار لم توفِ بها، ونتوقع تحقق تلك الالتزامات على أرض الواقع في الفترة القادمة في COP27، وما بعده والذي من المقرر عقده في الإمارات وسيكون مكملًا للمؤتمر الذي تقيمه مصر.

وأضاف خبير المناخ: الدول الأوروبية في مأزق كبير بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية والتي ضربت هذه الدول في مقتل بسبب الطاقة والتي تعتمد في جزء كبير من مصادرها على روسيا، خاصة مع دخول فصل الشتاء والمتوقع أن يكون شتاء قارساً مما يتسبب في مشكلة إضافية للغرب للبحث عن بدائل، وليس هناك وقت سوى الاعتماد على الطاقة النووية والتي لا تساهم في انبعاثات حرارية، هذه مشكلة خاصة أن أوروبا كانت في طريقها لتحقيق زيرو انبعاثات بحلول 2030، ورغم ما تعانيه ما زال لديها فائض اقتصادي تستطيع من خلاله لتقديم الدعم، خاصة أن الغرب نفسه يجد أضرار تلك التغيرات، فالعمل على مواجهتها لا بد أن يكون جماعيًا لخفض الانبعاثات، وهناك آليات عدة للتمويل عن طريق إسقاط الديون واستثمارات موجهة وغيرها بعيدًا عن الآليات التقليدية.

                                           مدير مركز التغيرات المناخية، ومستشار وزير الزراعة المصري، محمد فهيم

ما ضاع حق وراءه مطالب

وقال خبير اقتصاد الطاقة والبيئة، وعميد كلية التجارة جامعة الأزهر، محمد يونس: "إن المجتمع الدولي أبرم العديد من المعاهدات للحد من آثار التغيرات المناخية، ولقد تعهدت الدول الصناعية الكبرى في مؤتمر التغيرات المناخية السابق بدعم الدول المتضررة من تلك التغيرات دون أن تساهم في أسبابها من انبعاثات الغازات المسببة للمتغيرات المناخية، ويجب على تلك الدول الالتزام بما تعهدت به، خاصة أنها المتسببة في التغيرات المناخية".

         خبير اقتصاد الطاقة والبيئة، وعميد كلية التجارة بجامعة الأزهر، محمد يونس

وتابع: لا بد للقارة الإفريقية المتضررة المطالبة بتلك الحقوق من خلال القنوات الشرعية كالأمم المتحدة، وذلك يحتاج إلى سعي والاستمرار في مطالبتها بالالتزام بما تعهدت به وإلّا ستكون هناك عقوبات تلحق بمن يمتنع، وهذه الدول لديها قدرات مادية تستطيع من خلالها الإيفاء بما ألزمت به نفسها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية