لاجئون سوريون في المخيمات يترقبون قسوة الشتاء والإعانات الدولية

لاجئون سوريون في المخيمات يترقبون قسوة الشتاء والإعانات الدولية

 

يترقب اللاجئون السوريون في المخيمات بمزيد من الحذر المقرون بالأمل شتاء هذا العام في ظل استمرار جائحة كورونا وتردي الأوضاع الاقتصادية والغلاء المعيشي على مستوى العالم، وقسوة الظروف المناخية، داعين المنظمات الإنسانية والإغاثية لمد يد العون.

 

ظروف صعبة

ففي مخيم “الدلهمية” بسهل البقاع شرق لبنان، يروي أحد اللاجئين، أن “الخيم قديمة ومهترئة وليست مؤهّلة للتدفئة، وما إن تتساقط الأمطار حتى تتحول الأرض إلى مستنقعات من الوحل، فإذا أردنا إرسال مريض إلى المستشفى لا تستطيع سيارات الإسعاف الدخول بسبب الطرقات السيئة”.

 

وطالب الجهات المختصة بالمساعدات الإنسانية بـ”النظر في مسألة تبديل الخيم وتعبيد الطرق بالرمل والحصى، وتزويد اللاجئين بالعوازل البلاستيكية وإيجاد حلول لتصريف مياه الأمطار المتراكمة”.

 

كورونا وأعباء إضافية

وقال لاجئ آخر: “التعرض للبرد في هذا الموسم يضع ضغوطاً إضافية على صحة اللاجئين الكبار والصغار، خصوصاً في ظل جائحة كورونا التي تشكل تهديداً إضافياً لبقائهم على قيد الحياة”.

 

وأضاف: “المياه لم تعد تكفي للتنظيف والاستعمال اليومي، كما أن المنظمات والجمعيات لا تبادر إلى مساعدتنا وتزويدنا بمستلزمات الوقاية الطبية، إذ إن أعداد الإصابات بدأت تزداد بشكل مخيف يومياً، وخلال الشتاء نحن بحاجة أكثر إلى الشوادر ومواد التدفئة والمواقد، وهناك كثير من الخيم تحتاج إلى ترميم، لكن المساعدات محدودة جداً”.

 

وتابع: “أعداد الإصابات بكورونا مرتفعة جداً بسبب الاحتكاك المباشر داخل المخيمات والتصاقها ببعض، إذ لا يوجد مكان ليحجروا فيه أنفسهم”.

 

وعلى الرغم من انتشارها بشكل مخيف، إلا أن أحداً لا يعلن العدد الحقيقي للوفيات، لافتاً إلى أن “مقبرة اللاجئين السوريين في عكار وعرسال أصبحت مكتظة”.

 

وفي المخيمات العشوائية للاجئين السوريين بالأردن، قال أحمد الديري: عندما وجدنا أنفسنا خارج سوريا كان كل همنا كيفية العناية بأسرنا، وكيف سنحول هذه المعاناة إلى استقرار نسبي نستطيع من خلاله متابعة حياتنا وعدم الاندثار، استأجرنا أنا وأقربائي أرضاً في المفرق حتى تقطن بها 22 عائلة.

 

وأضاف: في البداية وضعنا الخيم حتى أجمعنا على أهمية بناء بركسات خاصة بنا، مقابل مبلغ محدد لصاحب الأرض، وبقي في الأرض عدد من الأسر التي ما زالت تسكن داخل الخيم.

 

وتابع: السكن داخل المخيمات العشوائية ليس بالأمر السهل لكن مع ذلك كنا نستطيع التحرك والبحث عن العمل بشكل أسهل، معظمنا يعمل في الزراعة والمهن الحرفية التي ترتبط بالعمارة كالدهان والتبليط وغيرها، هنالك مشكلات عديدة نواجهها، وحياتنا لا يمكن مقارنتها نهائياً بما كانت عليه بالسابق.

 

وبيَّن أن ساكني المخيمات العشوائية يواجهون ظروفاً قاهرة لا يمكن تحملها، “ففي فصل الصيف نعاني من ارتفاع الحرارة والغبار الذي يؤثر على مرضى الربو، وفي الشتاء نعاني من البرودة الشديدة والرياح السريعة التي قد تقتلع الخيام”، مؤكداً أن الجميع يترقب شتاء هذا العام بمزيد من الحذر.

 

الافتقار إلى الخدمات

وفي سياق متصل، قال مواطن سوري يعيش في أحد مخيمات الشمال، محمد السعد: “نسمع أن الشتاء سيكون بارداً هذا العام. الخيام لا تتحمل البرد ولا المطر ولا الحرارة. حتى الآن، لم تقدم لنا أي منظمة أي مساعدة لتوفير التدفئة، وكل ما يمكننا فعله هو السماح للأطفال بجمع بعض الأكياس البلاستيكية وبعض الأغصان لاستخدامها، حاولت أن أشد الخيمة ببعض الحبال وربطتها بالأرض، هذا كل ما يمكنني فعله”.

 

من بين نحو 1400 مخيم في المنطقة، 88.5 بالمئة منها مواقع غير رسمية ذاتية الاستيطان تفتقر إلى أدنى الخدمات كقنوات الصرف الصحي المناسب، كما تتعرض هذه المخيمات غالباً لأضرار جسيمة جراء الأمطار الغزيرة أو الرياح العاتية.

 

يذكر أن الحرب الدائرة في سوريا خلفت 2.8 مليون نازح في المنطقة، منهم 1.7 مليون يعيشون في المخيمات.

 

وعلى الرغم من أنشطة العديد من المنظمات الإنسانية في المنطقة، فإن المساعدات لا تغطي سوى ثلث احتياجات الأسر للبقاء على قيد الحياة.. وتتمثل المصادر الرئيسية للدخل في هذه المخيمات في الاقتراض والوظائف اليومية، والتي لا تسمح بضمان سوى ​​دولارين فقط في اليوم.

 

وبالنسبة للذين يحاولون تأمين خيامهم قبل حلول فصل الشتاء القاسي، فلا يستفيدون من مساعدات كافية لذلك، خاصة مع تراجع المساعدة التي كانت توفرها وكالات الإغاثة الدولية.

 

وأشار مدير حملة الشتاء بفريق الاستجابة للطوارئ، فراس منصور، إلى أنه خلال الشتاء لا توجد برامج خاصة لتوزيع الحطب للتدفئة من قبل المنظمات الدولية في شمال سوريا.

 

وتابع المتحدث: تعمل بعض المنظمات المحلية على تقديم المساعدات خلال فصل الشتاء ولكن بموارد محدودة لا تغطي 10 بالمئة من الاحتياجات.

 

ومن مخيم الزعتري، قالت بشرى الفاضل: الأوضاع المادية للعائلات صعبة، جُل الراتب يذهب في شراء الغاز للتدفئة، الشتاء صعب وقاسٍ ونظل أنا وزوجي طوال الليل نراقب وضع الكرفان، فالأمطار تأتي شديدة وهنالك فرصة لتساقط الثلوج، فالزعتري يقع في وسط الصحراء ولا توجد مصدات للرياح كالأشجار أو المباني، أغلب العائلات تقتطع جزءاً من دخلها قبل قدوم الشتاء بثلاثة أشهر أو تلجأ للاقتراض لمواجهة الصعوبات.

 

وأشارت بشرى إلى أنّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقدم المساعدات للعائلات من أجل ترميم الكرفانات لكنها لا تستطيع مساعدة الجميع رغم الحاجة الماسة.

 

وتابعت: أصبحنا نعتمد على أنفسنا، يجب إيجاد حل جذري للكرفانات بالتجديد أو البحث عن حل آخر، ففي كل عام تزداد مهمة الترميم صعوبة وهيكل الكرفانة يصبح مهترئاً، لدينا مخاوف من سقوط هذه الكرفانات في أية لحظة.

 

المساعدات لا تكفي

أما أبو وسيم، وهو أب لثلاثة أطفال، فقال: فصل الشتاء فصل مرعب، ولا يمكن وصف كيفية شعور العائلات، ففي السنوات الماضية العديد من العائلات اجتاحتها الأمطار وظلت أياماً دون مأوى، الدخل الذي يصلنا من الأعمال التي نعملها محدود للغاية ولا يكفي لتغطية كل المستلزمات، بعد أن قطعت المفوضية المساعدات النقدية عن عدد كبير من العائلات مؤخّراً، ومن الصعب التوجّه إلى خارج المخيم، إذ إنّ فرص العمل غير متوفّرة.

 

ويرى “أبو وسيم” أنّ كل سكان مخيّمات من المحتاجين للمساعدات العاجلة، بما يقتضي دعماً أكبر من العالم، مشيراً إلى أنّ مشكلة الشتاء والاستعداد له أكبر من قدرة اللاجئين، لا سيّما أنّ أغلبية سكان المخيّم من الأطفال وكبار السن ممن يحتاجون إلى الرعاية الخاصة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية