في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. "تورك": "التجاهل" أدى لأعمال "بربرية" أثارت غضب البشرية
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. "تورك": "التجاهل" أدى لأعمال "بربرية" أثارت غضب البشرية
توضح العديد من الأزمات والمصائب التي تعيشها البشرية في جميع أنحاء العالم، كيف أدى تجاهل "حقوق الإنسان" وازدرائها حول العالم لأعمال بربرية أثارت غضب ضمير البشرية، وفقا لديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي ذكر المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك العالم بها في كلمته بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2022.
ووفقا للبيان الذي نشره الموقع الرسمي للمفوضية، وجه "تورك" رسالة إلى قادة العالم في السياسة والمجتمع قائلا: "عندما تبدو التحديات مستعصية على الحل، إذا ركز القادة ردودهم على حقوق الإنسان فقط، فإن الحلول ستكون دائمًا في مرمى النظر"، مؤكدا أن "هذا ما ينص عليه الإعلان العالمي، وما أؤمن به، وهذا ما سمعته من المدافعين عن حقوق الإنسان الذين التقيت بهم من جميع أنحاء العالم".
وأضاف: "هذا ما سمعته في السودان الشهر الماضي -حيث قام المجتمع المدني، بقيادة النساء والشباب على وجه الخصوص- بتغيير المعادلة على الأرض.. وهذا ما سمعته في أوكرانيا هذا الأسبوع، وأسمعها تدوي كل يوم من خلال عمل مكتبي على الأرض في 104 من الوجود الميداني على مستوى العالم".
وفي رسالته إلى الصحفيين قال "تورك": "انتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان تهمنا جميعًا وفي كل مكان، بصفتك صحفيًا، تلعب دورًا مهمًا بشكل لا يصدق كل يوم في ضمان الإبلاغ عن المعاناة الإنسانية على نطاق واسع وتضخيم مطالب الناس حتى يسمعها أصحاب القوة والنفوذ والأموال لإحداث فرق".
هايتي
وأضاف المفوض السامي: "أود اليوم أن أبرز بعض الأزمات الأخرى، التي لها آثار خطيرة، وبطريقة ما تم نسيانها، وأصبحت لا تتصدر العناوين.. من بين هؤلاء هايتي، الأزمة التي لا يمكن تجاهلها.. هذا بلد تسيطر فيه العصابات المسلحة، المدعومة من قبل النخب الاقتصادية والسياسية، على أكثر من 60٪ من العاصمة، يواجه حوالي 4.7 مليون شخص الجوع الحاد، ومنذ بداية هذا العام، قُتل 1448 شخصًا وجُرح 1145 واختطف 1005 أشخاص على أيدي العصابات".
ولفت تورك إلى "أن وراء كل هذه الأرقام عائلات ومجتمعات بأكملها يمزقها العنف، حيث يستخدم أعضاء العصابة أيضًا العنف الجنسي لغرس الخوف وفرض السيطرة على السكان، كما أبرز تقرير صدر في أكتوبر عن خدمة حقوق الإنسان في مكتب الأمم المتحدة المتكامل في هايتي (BINUH)".
وشدد المسؤول الأممي، على أن حل هذه الأزمة متعددة الأوجه وطويلة الأمد يتطلب شجاعة سياسية ومسؤولية على المستويين الوطني والدولي، مشيرا إلى أنه تجب معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، لا سيما التفاوتات الاجتماعية، والفساد المستشري، والتواطؤ بين النخب القوية وزعماء العصابات، والإفلات المستشري من العقاب، وداعيا المجتمع الدولي إلى ضمان وصول جميع الراغبين في طلب اللجوء إلى إجراءات لجوء عادلة وفعالة.
اليمن
وفي حديثه عن اليمن، شدد "تورك" على أنه يجب إنهاء هذا الصراع الذي يبدو لا نهاية له، داعيا إلى تجديد الهدنة وتوسيعها لتمكين المناقشات على الطريق نحو تسوية أكثر شمولاً.
وأشار "تورك" إلى أنه بينما توقفت الأعمال العدائية والضربات الجوية على نطاق واسع بشكل عام، ما زلنا نتلقى تقارير عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين، لا سيما الأطفال بالقرب من الخطوط الأمامية بسبب الألغام الأرضية وغيرها من المتفجرات من مخلفات الحرب، ومزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
أفغانستان
شدد "المفوض السامي"، في حديثه عن أفغانستان، على الاستبعاد المنهجي المستمر للنساء والفتيات من جميع جوانب الحياة تقريبًا، والذي لا مثيل له في هذا العالم، مؤكدا أنه يحرم البلد ككل من الاستفادة من المساهمات الكبيرة التي تقدمها النساء والفتيات، كما أعرب عن استيائه لاستمرار استخدام العقوبة البدنية وعقوبة الإعدام، بما في ذلك أحدث حالات الجلد والإعدام التي نُفذت علنًا هذا الشهر، في انتهاك صارخ لالتزامات أفغانستان الدولية في مجال حقوق الإنسان.
موزمبيق
بعد 5 سنوات من بدء النزاع في كابو ديلجادو، شمال موزمبيق، لا يزال المدنيون يُقتلون ويتعرضون للعنف الجنسي والاختطاف والاختفاء القسري، مع استمرار تدمير الممتلكات بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية ودور العبادة، كما نزح ما يقرب من مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال.
ورأى "تورك" أن معالجة الأسباب الجذرية للنزاع ستتطلب حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والحفاظ على الفضاء المدني، وضمان الوصول إلى العدالة، وإعطاء الأولوية للشباب والنساء في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وصنع القرار، بما في ذلك استخدام الموارد الطبيعية التي تؤثر بشكل مباشر على حياتهم.
الصومال
يواجه الصومال كارثة إنسانية وسط أطول وأشد جفاف في التاريخ الحديث، إلى جانب ذلك وثق مكتب الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ارتفاعًا حادًا في الخسائر المدنية -76٪ منها تُعزى إلى حركة الشباب- في الفترة من يناير إلى نوفمبر 2022، وصلت إلى 672 قتيلًا و1.082 جريحًا، أي أعلى بنسبة 51٪ من تلك خلال نفس الفترة من العام الماضي.
كما أشار "تورك" إلى بواعث أخرى تدعو للقلق تتعلق بحقوق الإنسان، وتشمل اعتقال الصحفيين واحتجازهم، وإعاقة حرية التعبير، وتعزيز الرقابة الذاتية، وتفاقم نقاط الضعف الموجودة مسبقًا في مجال حقوق الإنسان.
وشدد "تورك" على أن ما سبق والعديد من حالات الأزمات الأخرى ليست لها عواقب وخيمة على الأشخاص المتضررين بشكل مباشر فحسب، بل من المحتمل أن تكون لها آثار مضاعفة عبر الحدود، وتخاطر بمزيد من زعزعة الاستقرار في مناطقهم، وأن الشيء الوحيد المشترك بينهم هو تجاهل حقوق الإنسان.
وحدد "تورك" على سبيل المثال لا الحصر: تأثير التمييز العنصري المستمر وغيره من أشكال التمييز، حملات القمع العنيفة للمعارضة، وانتهاكات الحق في مستوى معيشي لائق، والمساهمة في خطاب الكراهية، بما في ذلك في البيئات الرقمية غير المنظمة، بشكل أكبر في تراجع الحقوق، مثل المساواة بين الجنسين، وهناك شهدنا تراجعًا كبيرًا.
وشدد على أنه دائمًا ما يتحمل العبء الأكبر من تأثير هذه الأزمات الأكثر تهميشًا، والأكثر استبعادًا، من بين هؤلاء على وجه الخصوص: النساء والأطفال والمهاجرون والشعوب الأصلية والنازحون داخليًا والأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السن والأقليات الإثنية والعرقية والمثليون وغيرهم من الفئات الضعيفة.
وأشار "تورك" إلى أنه على الصعيد العالمي، نشهد أيضًا أزمة ثقة، مشيرا إلى أن صعود الحركات والاحتجاجات الاجتماعية، في جميع المناطق، هو علامة واضحة على تآكل المؤسسات التي من المفترض أن تخدم الناس، مؤكدا أنه "لا يمكن للعالم أن يتحمل اعتبار حقوق الإنسان مجرد فكرة متأخرة أو أسوأ، كأداة للجغرافيا السياسية".
كما أشار "تورك" إلى الدرس الأعظم الذي استخلصناه من كوفيد-19، وحالة الطوارئ المناخية، وهو "أننا يجب أن نتعاون لحماية قيمنا المشتركة في مجال حقوق الإنسان وإنسانيتنا المشتركة".
وأعلن "تورك" عن إطلاق مبادرة 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كفرصة للتذكير بالإجماع الذي يتوخاه هذا الإعلان، ولإعادة ضبط وتعزيز البنية التحتية الرائعة لحقوق الإنسان، و لإحياء الروح والاندفاع والحيوية التي صاغت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل 75 عامًا ولتجديد إجماع عالمي حول حقوق الإنسان.
وأوضح أنه سيتم تنسيق المبادرة من قبل مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مع الشركاء، وسيشمل ذلك الأنشطة والإجراءات، بما في ذلك طرق تجديد وعي الناس والتزامهم بحقوق الإنسان، وخاصة بين الشباب، وإيجاد طرق للتفكير مبتكرة حول تحديات حقوق الإنسان.











