في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. مهجّرو عفرين ورأس العين يطالبون بالعودة الآمنة
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. مهجّرو عفرين ورأس العين يطالبون بالعودة الآمنة
سلّط المرصد السوري لحقوق الإنسان الضوء على مأساة مهجّري عفرين ورأس العين وتل أبيض، الذين أجبروا على ترك منازلهم خلال السنوات الماضية نتيجة الهجمات التي شنها فصائل مسلحة موالية لتركيا، منوهاً بأنه تم تهجير أهالي عفرين في خريف عام 2018، فيما هُجّر سكان رأس العين "سري كانيية" وتل أبيض "كري سبي" في 2019، وما زال هؤلاء المهجرون بعيدين عن ديارهم، مضطرين للعيش في مخيمات مؤقتة أو مساكن مستأجرة، محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، وعلى رأسها الحق في العودة الآمنة والطوعية إلى مناطقهم الأصلية.
العيش في المخيمات
وأفاد المرصد السوري في تقرير له اليوم الأربعاء بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بأن المهجرين يعيشون في ظروف صعبة بين مخيمات غير معترف بها من الأمم المتحدة وسكن مؤقت محدود الموارد، ويواجهون تحديات مستمرة تتعلق بالتعليم والخدمات الصحية والعمل، ما يزيد من معاناتهم ويجعل حياتهم اليومية مليئة بالمخاطر والصعوبات، ويشير المرصد السوري إلى أن هذه الظروف لا تتناسب مع أبسط المعايير الإنسانية، إذ إن المأوى غير لائق، والغذاء محدود، والخدمات الصحية لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية.
مع سقوط النظام السوري السابق، بدأ المهجرون يضعون آمالهم في إمكانية العودة، إلا أن استمرار سيطرة الفصائل المسلحة وسياسات الدولة التركية يعرقل تحقيق ذلك، ويؤكد المهجرون أن تطبيق بنود اتفاق العاشر من مارس يظل الحل الأساسي لضمان سلامتهم وعودتهم إلى منازلهم بشكل آمن، من دون التعرض للابتزاز أو التهديد.
شهادات من المهجرين
وقال أحد مهجري رأس العين في شهادة أوردها المرصد السوري: "في اليوم العالمي لحقوق الإنسان لا أملك حق العودة إلى منزلي، وأنا محروم منه، هذا اليوم موجود فقط على المنصات العالمية، لكنه لا يعكس الواقع على الأرض، فمنزلي الآن في قبضة آخرين يهددونني، إما أن أدفع لهم مالاً أو أن يحرقوه".
وقالت سيدة مُهجّرة من عفرين: "تهجرنا مرتين خلال سنوات قليلة، ونحن محرومون من كل حقوقنا الإنسانية، نعيش في خيم مهترئة، في الصيف نعاني الحرارة الشديدة وفي الشتاء البرد القارس، وسقوط نظام الأسد لم ينهِ معاناتنا، فالاحتلال ما زال يمنعنا من العودة إلى منازلنا. نطالب بتطبيق اتفاق 10 آذار لتأمين العودة الآمنة لنا ولعائلاتنا".
الدعوات إلى تدخل الحكومة الانتقالية
يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان ضرورة قيام الحكومة الانتقالية بالإسراع في تنفيذ الإجراءات التي تضمن عودة جميع المهجرين إلى مناطقهم الأصلية دون قيود أو شروط تعسفية، كما دعا المرصد إلى محاسبة المسؤولين عن معاناة النازحين والمهجرين في مختلف المخيمات والمناطق السورية، وتوفير الحماية القانونية والاجتماعية لهم لضمان عيش كريم وحقوق إنسانية أساسية.
الالتزام بالقانون الدولي
تؤكد القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان على حق الأفراد في العودة إلى ديارهم بعد النزوح القسري، بما يشمل حماية الممتلكات الشخصية وضمان أمنهم وسلامتهم، ويشير المرصد السوري إلى أن تجاهل هذا الحق المستمر منذ سنوات يمثل انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية، ويعكس هشاشة حماية المدنيين في مناطق النزاع، ويعطي رسالة مفادها أن التهجير القسري يمكن أن يستمر دون محاسبة المسؤولين عن ذلك.
تداعيات التهجير على الأطفال والنساء
تعاني النساء والأطفال في المخيمات بشكل خاص من صعوبات بالغة، حيث يفتقر الأطفال إلى التعليم الملائم، وتتعرض النساء لمخاطر إضافية نتيجة نقص الخدمات الصحية وعدم توفر الأمن الكامل في المخيمات، ويضيف المرصد أن غياب الحلول الفورية يفاقم حالة اليأس والإحباط بين السكان المهجرين، ما يؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية ويهدد مستقبل أجيال كاملة.
تجدر الإشارة إلى أن الهجمات على مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض في عامي 2018 و2019 أجبرت عشرات الآلاف على النزوح نحو مناطق شمال شرق سوريا، في أكبر موجة تهجير قسري منذ سنوات الصراع في سوريا، وينص اتفاق العاشر من مارس على ضمان سلامة المدنيين وحقهم في العودة إلى مناطقهم، لكنه لم يُطبّق بشكل كامل نتيجة استمرار سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا على هذه المناطق، مع غياب وجود سلطة محلية قوية تضمن تنفيذ بنود الاتفاق.
ويؤكد القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان أن العودة الطوعية الآمنة هي حق أساسي لكل مهجر، وأن الحرمان من هذا الحق يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان، ويأتي اليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر من كل عام كتذكير عالمي بالتزامات الدول والمجتمع الدولي تجاه حماية المدنيين، وضمان حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حق العودة والحماية من التهجير القسري، والتمتع بالحياة الكريمة في مساكنهم الأصلية.
ويوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان العاشر من ديسمبر من كل عام، وهو مناسبة تعتمدها الأمم المتحدة لإحياء ذكرى تبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، ويُعد هذا اليوم فرصة لتسليط الضوء على القيم الأساسية التي تضمن كرامة الإنسان وحقه في الحرية والأمان والعدالة دون تمييز، كما يشكل مساحة لتقييم أوضاع الحقوق والحريات حول العالم ورصد الانتهاكات التي ما زالت مستمرة رغم مرور أكثر من سبعة عقود على صدور الإعلان، ويهدف هذا اليوم إلى تذكير الحكومات والمجتمعات بواجباتها في حماية الإنسان من التعذيب والاعتقال التعسفي والتمييز والعنف، وإلى دعم جهود المنظمات الحقوقية التي تعمل من أجل بناء عالم أكثر إنصافاً واحتراماً للحقوق الأساسية.











