أكاديميون ومغتربون عرب: بيت العائلة الإبراهيمي رمز للتعايش بين الأديان وصورة جيدة عن الإسلام
أكاديميون ومغتربون عرب: بيت العائلة الإبراهيمي رمز للتعايش بين الأديان وصورة جيدة عن الإسلام
التعايش في اللغة يُقصد به عيش الناس، وقيل هو مصطلح يقصد به اجتماع الناس في تساكن وتوافق داخل المجتمعات على الرغم من اختلافهم الديني والمذهبي، ويعني اصطلاحًا، تحسين مستوى العلاقة بين الشعوب والطوائف أو الأقليات الدينية، وبعضهم يسميه تسامحاً، وقيل هو حسن المعاملة، والعيش بصورة ملائمة بين المجتمعات كافة، مع الاختلاف الديني، والفكري والثقافي.
كل هذه المعاني اختصرتها الإمارات في بيت العائلة الإبراهيمي الذي يعتبر رمزًا للتسامح والتعايش بين الديانات الإبراهيمية والدول المختلفة وإن اتفقت في الدين.
وبيت العائلة الإبراهيمية هو مشروع تاريخي منبثق من "وثيقة الأخوة الإنسانية" الإماراتية، والذي يحظى بمتابعة من شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، وتشرف عليه اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، على جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي.
وناقشت "جسور بوست"، فكرة بيت العائلة الإبراهيمي وأثره على الثقافات والشعوب، مع أفراد من عدة دول عربية وآخرين عرب يحملون جنسيات أوروبية.
رمز التعايش بين الأديان
قال أستاذ القانون الجنائي وحقوق الإنسان، بكلية الشرق الأوسط الجامعة بالعراق، د. محمد سرحان الحمداني: "إن البيت الابراهيمي منذ الوهلة الأولى، حظي بمباركة كبيرة على الصعيدين الدولي والإقليمي، فضلًا عن الترحيب الواسع من قبل العالم الإسلامي وكان على رأسهم شيخ الأزهر الشريف وهيئه علماء المسلمين، ولهذا البيت تأثير على التعايش بين الأديان، فعند التمعن في التصميم النهائي للبيت الإبراهيمي المنفذ على الأراضي الإماراتية، يتبين أنه يضم في ثناياه ثلاثة معالم يمثل كل واحد منها ديناً وذلك للتقارب بينها، فالمعلم الأول يمثل مسجدا، الذي يعد رمز الديانة الإسلامية، أما الثاني فيمثل كنيسة والتي تعد رمز الديانة المسيحية، فضلا عن معلم الكنيس الذي يرمز إلى الديانة اليهودية.
وأضاف الحمداني في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": على حسب الكثير من المدونين والباحثين بهذا الشأن، يعد البيت الإبراهيمي بمثابة روح الحياة الجديدة، ومن خلاله يحدث التقارب بين الأديان والتواصل بينها على اختلافها، وبعد الكشف عن الأسماء التي تحملها معالم البيت الإبراهيمي، فالمسجد الذي يمثل الديانة الإسلامية يحمل اسم الإمام الطيب، فيما تحمل اسم الكنيسة القديس فرانسيس، فيما يطلق اسم موسى بن ميمون على الكنيس اليهودي، فمن خلال البحث والتقصي اتضح لنا أن هذا المعلم هدفه الرئيسي هو لمّ شمل الأمم والحفاظ عليها من التشتت والفرقة، ونشر الوعي الإنساني والاحترام المتبادل بين كل الأديان، فضلًا عن تقبل الدين الآخر داخل المجتمع الواحد.
وأتم: موطن الإبراهيمية الأصلية في أرض العراق، وكانت لزيارة البابا فرنسيس للعراق في مطلع 2021 الأثر الأهم في تاريخ العراق، الذي وصف زيارته بالحج إلى مسقط رأس أبي الأنبياء، فحظت الزيارة بترحيب شعبي، كما كانت زيارته تحمل شعارا إنسانيا بحتا "أنتم جميعكم أخوة" وهذا إرساء لمبادئ الأخوة بين الديانات.
صورة جيدة للإسلام
بدورها، قالت لينا عاطف، لبنانية تقيم في سويسرا، وتعمل مدرسة لغة عربية هناك: "إن ما يمكن أن يقدمه المسلمون هو صورة جيدة عن الدين الإسلامي غير تلك التي يقدمها الإرهابيون في الدول العربية والغرب كذلك، إننا نعاني في سويسرا من بعض المتشددين الذين يدعون إلى الطائفية والغلو في الدين".
وأضافت لينا في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": مشروع الأخوة الإنسانية وما انبثق عنه من مزايا تخص التعليم والصحة والحريات والمواطنة والتعايش والسلم، هي مكاسب حقيقية لم تكن لنحصل عليها إلا بتفكير راقٍ وعقل حكيم، ويعد هذا المشروع وجهة حسنة لنا أمام العالم، خاصة أن بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر ممثل الدين الوسطي في العالم الإسلامي على رأس المشروع، ونتمنى أن ينجح هذا المشروع وأن يحقق التعايش والسلام بين الديانات الثلاث.
وأشادت لينا بسرعة تنفيذ المشروع الذي انطلق عام 2019، ليتم الإعلان عن افتتاحه في 2023، مؤكدة أن النوايا الحسنة الدافعة لخروج المشروع إلى النور هي السبب الرئيسي في ذلك.
التعايش موجود والسياسيون من يشعلون الفتنة
قال نادر علو، سوري مقيم في هولندا، عمل سابقًا في الأمم المتحدة وحاليًا كمرشد سياحي يتنقل بين دول أوروبا: إن التعايش بين الشعوب والديانات حادث منذ قرون وبدون مشكلات، المشكلات تفتعلها السياسية، والسياسيون هم من يفرقون بين الناس باستغلال الجهل أحيانًا وافتعال المشكلات أحايين كثيرة، أما الشعوب فلا مشكلات بينها، وإلّا فلماذا تلك الفتن غير موجودة في أوروبا، ولا أدري لماذا علينا أن نثبت أن الإسلام متعايش، وكذلك كل الديانات الإبراهيمية، فجميعها يعتقد أن البشر سواسية وليس هناك دين يدعو للتفرقة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، في أوروبا لا يوجد ما يسمى بالفتنة الطائفية، لماذا تحدث عند العرب فقط؟ ولماذا توجد في دول عربية دون غيرها؟ لماذا توجد في العراق ولا توجد في السعودية مثلًا؟ لأن السياسيين يمنعون ذلك، ففكرة وضع المسجد بجوار الكنيسة لا توجد إلا في ظل منظومة قانونية تمنع الفتن وتفرض احترام الآخر، لقد زرت 54 دولة ولم أسمع مرة أن التعايش ببناء المسجد بجوار الكنيسة، لدي أصدقاء مسيحيون ونتعايش وأرضي ربي بمعاملة الناس معاملة حسنة، ويتعايش معي المسيحي بمعاملتي بمحبة كما يقول له دينه.