تهميش ممنهج.. نساء كرماشان يواجهن الفقر والعنف وسط غياب الدعم الرسمي
تهميش ممنهج.. نساء كرماشان يواجهن الفقر والعنف وسط غياب الدعم الرسمي
كشف ناشطون اجتماعيون، عن واقع قاسٍ يعيشه سكان المناطق المهمشة في محافظة كرماشان غربي إيران، حيث يفتقر أكثر من 400 ألف شخص إلى السكن الملائم، والبنية التحتية، والخدمات الصحية الأساسية.
ويصف سكان وسط المدينة هؤلاء الأهالي بـ"المهمشين"، وهو وصف يرسخ التمييز، ويحرمهم من الاستفادة من الميزانيات الحكومية المخصصة لتحسين البنية الحضرية والخدمات الاجتماعية، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.
وذكرت تقارير إعلامية حكومية أن كرماشان تحتل المرتبة الثانية في التهميش على مستوى البلاد، إذ يعيش معظم المهمشين في أطراف المدينة، في بيوت غير مرخصة، معرضة للهدم في أي وقت.
وتروي أفسانة ب.، من سكان منطقة جمن، كيف هدمت البلدية منزل أسرتها عدة مرات بحجة أنه غير قانوني، ما دفعهم إلى إعادة بنائه في مواقع أخرى.
وتقول: "بسبب عنوان منطقتنا، ترفض المدارس تسجيلي، وحتى إن قبلت، فلا توجد وسائل نقل تقلني إليها. والدي بلا عمل، ونعيش على ما نملك من أغنام قليلة، بينما الخوف من الجرافات لا يفارقنا".
نساء بلا مأوى
في حي آخر من أطراف كرماشان، تحكي ربابة سلامي (اسم مستعار) عن فقدان منزلها البسيط الذي بنته من الطوب والخشب قبل أن يهدمه موظفو البلدية دون السماح لها بإخراج ممتلكاتها.
وتضيف: "بعد أن انتقلنا للعيش في بيت والدتي، أحاول يوميًا جمع ما تبقى من أغراضنا على أمل بناء مأوى جديد قبل الشتاء". وتعكس قصتها معاناة نساء يتحملن أعباء أسرهن في ظل غياب الأزواج أو انشغالهم بأعمال غير مستقرة.
وتلفت الناشطة الاجتماعية سارا سبهري (اسم مستعار) إلى أن غياب المياه النظيفة وانعدام المرافق الصحية في هذه المناطق أدى إلى تفشي أمراض معدية بين النساء، اللواتي يلجأن غالبًا إلى أساليب علاج تقليدية، ما يفاقم أوضاعهن الصحية.
وتشير إلى أن هذه الظروف تؤدي إلى التهابات مؤلمة ومضاعفات صحية خطيرة، في ظل غياب تام للرعاية الطبية الحكومية.
عنف أسري وزواج مبكر
تروي رويا ب.، من حي آناهيتا، تجربتها المؤلمة مع العنف الأسري، إذ وقفت مرارًا بين زوجها وبناتها لحمايتهن من الضرب، فيما يصر الزوج على تزويج ابنتهما البالغة من العمر 13 عامًا للتخفيف من أعباء المعيشة.
وتوضح هذه القصة مدى انتشار الزواج المبكر كحل اقتصادي قسري في ظل الفقر المدقع، وما يترتب عليه من آثار نفسية واجتماعية خطيرة على الفتيات.
تعرضت ماندانا س.، المقيمة في منطقة دره دراز، لمضايقات من مديرها بعد أن علم بأنها من سكان المناطق المهمشة، حيث بدأ بتقديم اقتراحات غير أخلاقية لإجبارها على ترك العمل، وعندما رفضت، اتهمها زورًا بالسرقة.
وتوضح هذه الحادثة كيف يمتد التمييز الاجتماعي إلى أماكن العمل، ليحرم النساء من فرص حقيقية في الاستقلال المعيشي.
فجوة طبقية متجذرة
تشير التقارير إلى أن سياسات الحكومة، مقرونةً بالتمييز الاجتماعي، خلقت فجوة طبقية عميقة بين سكان المركز والأطراف، ففي محافظة غنية بالموارد مثل كرماشان، يعيش أكثر من 400 ألف شخص في ظروف مأساوية.
يأتي ذلك، بينما يرسخ المجتمع النظرة الدونية إليهم، ما يضاعف معاناتهم، خاصة النساء اللواتي يفتقرن إلى الوعي بحقوقهن وإمكانيات الدفاع عنها.
ويرى ناشطون أن منح النساء في المناطق المهمشة الحد الأدنى من المعرفة بحقوقهن، وتوفير برامج دعم حقيقية، يمكن أن يكون خطوة أولى نحو إنهاء دائرة التمييز والتهميش، لكن من دون تغيير جذري في السياسات الحكومية والمجتمعية، ستظل النساء في كرماشان عالقات بين فقر مادي وتهميش اجتماعي وعنف متعدد الأشكال.