"ساعة نهاية العالم تقترب".. والأمم المتحدة تعتمد 7 أولويات للخروج من الأزمات
"ساعة نهاية العالم تقترب".. والأمم المتحدة تعتمد 7 أولويات للخروج من الأزمات
ركز أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على 7 أولويات في خطابه أمام الجمعية العامة، والذي استهله بتقديم أحر التعازي لذوي ضحايا الزلزالين المدمرين اللذين ضربا تركيا وسوريا صباح الاثنين الماضي، مؤكدا أن الأمم المتحدة تحشد مواردها لدعم الاستجابة الطارئة.
ونقل الموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة، حديث "غوتيريش" عن أولويات عمل المنظمة أمام أعضاء الجمعية العامة، مشيرا إلى ما يعرف بـ"ساعة نهاية العالم" وهي ساعة رمزية وضعها علماء الذرة، ومن بينهم ألبرت أينشتاين، قبل 76 سنة، وعاما بعد الآخر يُقيم الخبراء اقتراب البشر من "منتصف الليل"، أو التدمير الذاتي لعالمهم.
وقال غوتيريش، إن الخبراء رصدوا حالة العالم عام 2023، في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا وكارثة المناخ الجامحة والتهديدات النووية المتزايدة وتقويض المعايير والمؤسسات العالمية، وتوصلوا إلى نتيجة واضحة وهي أن ساعة نهاية العالم تقترب أكثر من أي وقت مضى، حتى بالمقارنة بما كانت عليه خلال ذروة الحرب الباردة.
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن ساعة نهاية العالم في الحقيقة هي منبه عالمي، داعيا إلى "الاستيقاظ والعمل".
وأشار "غوتيريش" إلى الهوة بين من يملكون (الموارد) ومن لا يملكون، مؤكدا أن تلك الهوة تقسم المجتمعات والبلدان وعالمنا الأوسع، وأضاف: "هذا الطريق، طريق مسدود.. نحن بحاجة إلى تصحيح المسار".
وحذر الأمين العام من الخطط قصيرة الأجل التي تركز فقط على المشاكل الآنية، قائلا إن "هذا التفكير على المدى القريب لا يعد غير مسؤول بشدة وحسب، بل إنه غير أخلاقي.. إنه هزيمة ذاتية"، ودعا إلى ضرورة عدم التركيز فقط على ما قد يحدث لنا اليوم، والتعثر به، بل إلى النظر إلى المستقبل وما سيحدث لنا جميعا غدا، قائلا: "إنه وقت التحول، تحول يرتكز على كل ما يوجه عملنا، بدءا من ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
الحق في السلام
شدد الأمين العام، على حق جميع البشر في العيش بسلام، مشيرا إلى ما يتسبب به الغزو الروسي لأوكرانيا من معاناة لا توصف للشعب الأوكراني، في ظل تداعيات عالمية عميقة.
وقال: "يجب أن نعمل بجدية أكبر من أجل السلام في كل مكان: في فلسطين وإسرائيل، حيث يصبح حل الدولتين أكثر بعدا يوما بعد يوم، في أفغانستان، حيث تُداس حقوق النساء والفتيات وتتواصل الهجمات الإرهابية المميتة، في منطقة الساحل وميانمار وهايتي وفي أماكن أخرى حول العالم من أجل ملياري شخص يعيشون في بلدان متأثرة بالصراعات والأزمات الإنسانية".
وقال إن الوقت قد حان لتحويل نهجنا تجاه السلام من خلال إعادة الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، ووضع حقوق الإنسان والكرامة في المقام الأول، مع وضع الوقاية (من حدوث الصراعات) في الصميم.
الحقوق الاجتماعية والاقتصادية
الأمين العام أوضح من خلال الأولوية الثانية التي سيركز عليها في عمل المنظمة هذا العام على تنامي الهشاشة في مختلف أنحاء العالم، داعيا إلى وضع حلول جذرية.
وأوضح أنه عندما نرى الفقر والجوع يتزايدان حول العالم، وعندما تضطر البلدان النامية إلى دفع تكاليف الاقتراض 5 أضعاف ما تدفعه الاقتصادات المتقدمة، وعندما تُحرم البلدان الضعيفة ذات الدخل المتوسط من التمويل الميسر وتخفيف عبء الديون، وعندما يستحوذ أغنى 1% على ما يقرب من نصف كل الثروة الجديدة خلال العقد الماضي، وعندما يتم توظيف الأشخاص وفصلهم من العمل حسب الرغبة، فيما يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية.. عندما نرى كل هذه العيوب الهائلة والمزيد، فهذا يعني أن هناك خطأ جوهريا في نظامنا الاقتصادي والمالي.
وشدد الأمين العام على أن "الهيكل المالي العالمي" هو لب المشكلة، يجب أن يكون الوسيلة التي من خلالها تعود العولمة بالفائدة على الجميع، ومع ذلك فها هو يخفق، لا يحتاج الهيكل المالي العالمي إلى تطور بسيط، بل يحتاج إلى تحول جذري.
وفي هذا السياق، أشار الأمين العام إلى فرص إنقاذ أهداف التنمية المستدامة، بدءا من قمة البلدان الأقل نمواً المقررة الشهر المقبل وصولا إلى قمة أهداف التنمية المستدامة في سبتمبر.
الحق في بيئة نظيفة وصحية
وفق الأمين العام للأمم المتحدة فإن إعمال الحق في التنمية لا بد أن يتم جنبا إلى جنب مع الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.
ودعا في هذا الصدد إلى إنهاء "الحرب التي لا ترحم ولا هوادة فيها ولا معنى لها على الطبيعة"، وقال إنها تعرض عالمنا لخطر فوري بتجاوز الزيادة المتفق عليها في درجات حرارة العالم والمحددة بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بمعدلات فترة ما قبل الصناعة، وحذر من أن العالم ما زال يتحرك الآن نحو ارتفاع خطير ومميت في درجات الحرارة يقدر بـ2.8 درجة مئوية.
وفي الوقت نفسه، أشار إلى الضرر الشديد الذي تلحقه البشرية بالتنوع البيولوجي، في ظل عواقب وحشية لا رجعة فيها على الناس والكوكب.
وقال غوتيريش: "عام 2023 عام الحساب، يجب أن يكون عام العمل المناخي الذي يغير قواعد اللعبة.. نحن بحاجة إلى تعطيل (المسار الحالي) لإنهاء التدمير".
احترام التنوع وعالمية الحقوق الثقافية
شدد الأمين العام للأمم المتحدة على أهمية الثقافة التي وصفها بـ"قلب البشرية وروحها" أينما نكون، وحيثما نعيش، وقال إنها تعطي معنى لحياتنا، مشيرا إلى أهمية العالمية والتنوع بالنسبة للحقوق الثقافية.
وقال: "تصبح هذه الحقوق بلا معنى إذا تم رفع ثقافة أو جماعة فوق أخرى"، وأعطى مثالا على ذلك ما يجري اليوم في العالم من تدمير مواقع الدفن المقدسة إلى تغيير الديانات الذي ترعاه الدولة وما يسمى ببرامج إعادة التثقيف، الأمر الذي يعرض الحقوق الثقافية العالمية للهجوم من جميع الأطراف.
وحذر من أن "معاداة السامية، والتعصب الأعمى ضد المسلمين، واضطهاد المسيحيين، والعنصرية، وأيديولوجية سمو العرق الأبيض تنتعش".
الحق في المساواة بين الجنسين
تعد المساواة بين الجنسين حقا أساسيا من حقوق الإنسان، كما أنها حل لبعض أكبر التحديات العالمية التي نواجهها، وعلى حد قول الأمين العام الذي شدد على أهمية إعمال هذا الحق في نقطته الخامسة اليوم وكأنه بذلك يستذكر الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة.
وحذر "غوتيريش" من تراجع حقوق نصف البشرية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الأكثر انتشارا في عصرنا، ولفت الانتباه إلى ما يحصل في أفغانستان، حيث النساء والفتيات منفيات في بلدهن، ممنوعات من الحياة العامة، ويتحكم الرجال في كل جانب من جوانب حياتهن، واقتبس مما قالته إحدى الشابات الأفغانيات قائلا: "نحن أموات ومع ذلك أحياء".
أما في إيران، فقد خرجت النساء والفتيات إلى الشوارع للمطالبة بحقوق الإنسان الأساسية، الأمر الذي يأتي بتكلفة شخصية باهظة، وفي حين أن أكثر الأمثلة تطرفاً تحظى بالاهتمام، فإن التمييز بين الجنسين عالمي ومزمن ومنتشر ويعوق ازدهار كل دولة.
الحقوق المدنية والسياسية
ويرى الأمين العام للأمم المتحدة أن حرية التعبير والمشاركة في الحياة السياسية جوهر الديمقراطية وتقوية المجتمعات والاقتصادات، ولكن في أجزاء كثيرة من العالم، تتعرض هذه الحقوق للتهديد في ظل تراجع الديمقراطية، "إذ تم استخدام الجائحة كغطاء لجائحة انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية".
وأشار إلى أن القوانين القمعية تقيد حرية التعبير عن الآراء، وغالبا ما توفر التقنيات الجديدة أعذارا وطرقا للتحكم في حرية التجمع وحتى حرية الحركة.
للمساعدة في تحقيق ندائه للعمل من أجل حقوق الإنسان، يجري العمل على تعزيز الحريات الأساسية، وتعزيز مشاركة أكثر منهجية من قبل المجتمع المدني في جميع أعمال الأمم المتحدة، وحماية الفضاء المدني في جميع أنحاء العالم.
ويجري العمل على تعزيز الدعم للقوانين والسياسات التي تحمي الحق في المشاركة والحق في حرية التعبير، بما في ذلك الإعلام الحر والمستقل.
تهديدات تقوض حقوق الأجيال القادمة
النقطة الأخيرة التي شدد عليها أمين عام الأمم المتحدة هي أهمية إدراك أن جميع التهديدات التي نواجهها لا تقوض حقوق الناس اليوم فحسب، بل تقوض أيضا حقوق الأجيال القادمة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: "هذه مسؤولية أساسية، واختبار حاسم للحكم الرشيد"، ومع ذلك، في كثير من الأحيان، بالكاد تكون الأجيال القادمة على الطاولة كفكرة لاحقة.
ودعا "غويتيرش" إلى أن تضع قمة المستقبل، المقرر انعقادها العام المقبل، هذه الحقوق في صدارة النقاش العالمي: صنع السلام مع الطبيعة، وضمان مستقبل رقمي مفتوح وحر وشامل للجميع، واتفاق رقمي عالمي، وإزالة أسلحة الدمار الشامل، وبناء حوكمة أكثر عدلا وشمولية.











