في قمة التنمية الاجتماعية بالدوحة.. غوتيريش: 700 مليون إنسان يعانون الفقر والجوع
في قمة التنمية الاجتماعية بالدوحة.. غوتيريش: 700 مليون إنسان يعانون الفقر والجوع
وسط عالم يرزح تحت وطأة النزاعات والأزمات الإنسانية، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى تحرك دولي عاجل يعيد الاعتبار للإنسان في سياسات التنمية، مؤكدا أن نحو 700 مليون شخص حول العالم ما زالوا يعيشون في فقر مدقع رغم العقود الطويلة من الوعود والمبادرات الدولية.
وفي كلمته، اليوم الثلاثاء، أمام القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المنعقدة في الدوحة، شدد غوتيريش على أن الاجتماع يأتي في "منعطف حاسم" يشهد تصاعد المعاناة، واستمرار الفقر والجوع والنزوح والبطالة، إلى جانب تأثيرات التغير المناخي التي تضرب الاقتصادات الأكثر هشاشة، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وقال إن الدول النامية ما زالت لا تتلقى الدعم اللازم لتجاوز أزماتها، وإن سرعة العمل العالمي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة "دون المستوى المطلوب"، محذرا من أن التراخي في مواجهة التفاوت الاجتماعي يهدد الاستقرار الإنساني العالمي.
أزمة عدالة اجتماعية تتفاقم
أعرب غوتيريش عن أسفه العميق لواقع يعاني فيه الملايين من الجوع والأمراض التي يمكن الوقاية منها بسهولة، بينما تقلّص الحكومات ميزانيات الصحة والرعاية الاجتماعية، وأوضح أن غياب نظم الحماية الاجتماعية الشاملة يترك مئات الملايين من الأشخاص دون دعم عند الأزمات، وهو ما يعمّق الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وشدد الأمين العام على أن القضاء على الفقر لا يتحقق عبر الخطابات أو التعهدات فقط، بل من خلال استثمارات حقيقية وموجّهة نحو الإنسان، وأكد أن تحقيق العدالة الاجتماعية يستلزم ضمان حصول الجميع على الغذاء الميسور والمياه النظيفة والسكن اللائق، إلى جانب توفير فرص التعليم والعمل اللائق والحماية من الصدمات الاقتصادية.
الإنسان في صميم التنمية
وأشار غوتيريش إلى أن التنمية ليست هدفا اقتصادياً بحتاً، بل مشروعاً إنسانياً شاملاً يضع الكرامة البشرية في المركز، واستشهد بالتجربة التاريخية للقمة الأولى للتنمية الاجتماعية التي عقدت في كوبنهاغن عام 1995، واعتبرها "لحظة صحوة" ذكّرت العالم بأن التنمية الحقيقية يجب ألا تكرّس رخاء القلة، بل تمكّن الأغلبية التي تعاني من التهميش والفقر والبطالة.
وقال إن التحدي اليوم لا يتمثل فقط في سد الفجوة الاقتصادية، بل في إعادة بناء الثقة بين الشعوب ومؤسسات الحكم العالمية، وتفعيل آليات تضامن قادرة على مواجهة التفاوت البنيوي الذي تفاقم بفعل الأزمات المتلاحقة.
دعوة لتجديد الالتزام العالمي
وأكد الأمين العام أن القمة الحالية تمثل فرصة لإطلاق رؤية تنموية جديدة تواكب العصر، وتعيد الالتزام بروح اتفاق الدوحة، الذي يضع الإنسان والعمل في قلب أربعة محاور أساسية: تسريع الكفاح ضد الفقر، ومواجهة انعدام المساواة، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتوسيع الوصول إلى فرص العمل الكريم.
ودعا غوتيريش إلى أن تكون العدالة الاجتماعية والمناخية في صميم السياسات الدولية، محذرا من أن استمرار الإنفاق العسكري والسباق نحو التسلح يبددان الموارد التي يحتاج إليها العالم لمحاربة الفقر والجوع.
تأتي القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة بعد مرور ثلاثة عقود على قمة كوبنهاغن التاريخية عام 1995، التي وضعت أسس مفهوم التنمية القائمة على الإنسان، ويشارك في القمة الحالية نحو 14 ألف شخص من قادة الدول والمنظمات الدولية والخبراء، لمناقشة سبل الحد من الفقر وعدم المساواة، وتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية حول العالم.
ورغم التقدم النسبي الذي أحرزته بعض الدول في مجالات التعليم والصحة، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن العالم لا يزال بعيداً عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، إذ يعيش واحد من كل عشرة أشخاص في فقر مدقع، فيما تتزايد الفوارق الاجتماعية داخل الدول وفي ما بينها.
في ظل هذه التحديات، يبرز نداء غوتيريش في قمة الدوحة كتذكير مؤلم بأن العدالة الاجتماعية ليست رفاهية، بل ضرورة وجودية لإنقاذ إنسان هذا العصر من أعباء الفقر والتهميش والجوع.










