بسبب الأعراف والتقاليد.. العراقيات يبحثن عن تشريعات تحميهنّ من العنف

بسبب الأعراف والتقاليد.. العراقيات يبحثن عن تشريعات تحميهنّ من العنف

العراق– عبد الرشيد الصالح 

"حياتنا مهددة بالقتل".. بهذه الجملة عبرت امرأة عراقية، عن الواقع الذي تعيشه الكثير من النساء في العراق، ما بين عنف أسري وقتل ممنهج -بسبب الأعراف والتقاليد- واغتصاب، ضاعت حقوق النساء، وكفلت القوانين النصر دائماً للجاني.

كل ذلك بدا واضحاً في حادثة المدونة والناشطة العراقية طيبة علي، التي قتلت على يد والدها في محافظة الديوانية، مطلع فبراير الجاري، والتي أثار حادث مقتلها الرأي العام في العراق. 

وبحسب تسريبات صوتية نشرت لطيبة علي، تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، قالت إنها “هربت من أهلها إلى تركيا بسبب تحرش شقيقها الجنسي المستمر بها، وعادت إلى العراق من أجل المشاركة في بطولة خليجي 25 التي احتضنتها محافظة البصرة”.

قوانين تشرع القتل والعنف 

وبحسب مركز البيان للدراسات والبحوث، فإن "القانون شرع العنف ضد النساء عبر المادة 41 من قانون العقوبات العراقي رقم 1 الَّذي نصَّ على أنه (لا جريمة في ممارسة حق الزوج الشرعي مع زوجته)، بما في ذلك (تأديب الزوجة من قبل زوجها)، أمَّا المادة 128 فتوضِّح عدداً من الأسباب التي تؤدِّي إمَّا إلى تخفيف العقوبة أو إلغائها، وتُعفي المادة 398 من قانون العقوبات الجاني الذي ارتكب جريمةً بدافع الشرف من العقوبة تحت ما يسمى بـ(غسل العار) في المجتمعات المحلية".

وأضاف المركز، أن "القانون يمنح الحرية، لكل شخص يقوم باغتصاب ضحيته، ومن ثَمَّ يتزوَّجها، بأن يُعفى الجاني في هذه الحالة من الملاحقة القضائية"، لافتا إلى أن "هذا يدلُّ على تواطؤ قانون العقوبات، المشرّع عام 1969 والذي بقي دون تغيير حتى مع تغير النظام السياسي في عام 2003". 

وأشار المركز إلى أن "كل تلك القوانين تحفز الجناة على ارتكاب جرائمهم مع الإفلات المستمر من العقاب، ويترك النساء والفتيات الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي من دون أية حماية قانونية".

وقالت عضو لجنة المرأة والطفل النيابية سروة محمد في حديث لـ"جسور بوست"، إن "العراق بحاجة إلى تشريع قوانين مكافحة العنف الأسري، وحماية الطفل، وبرنامج حكومي للمرأة"، معتبرة أن "الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، الأسوأ في إدارة ملف المرأة، لأنها لم تعين مستشارة لها مختصة بشؤون المرأة".

وأشارت إلى أن "حكومة محمد شياع، لم تضع أي برنامج يهتم بالنساء، بسبب عدم وجود وزارة للمرأة في العراق"، مبينة أن "لجنة المرأة النيابية غير مفعلة، ولم يتم اختيار رئيسة لها سوى قبل عدة أيام".

وشددت على "ضرورة إيجاد برنامج حكومي لتمكين المرأة وتثقيفها وحمايتها، وإبراز دورها سياسياً"، موضحة أن "الكثير من القرارات الحكومية لم يتم تطبيقها، ومن بينها قوانين تردع تزويج القاصرات، وإخراج الطالبات من المدارس".

سروة محمدسروة محمد

 

تحديات ومشاكل

وقالت رئيسة منظمة النجدة المجتمعية، هناء حمود، إن "المرأة العراقية تواجه عدة تحديات، أبرزها العادات والتقاليد البالية التي تعيق عمل وتنقل النساء وتقدمهن في المجتمع"، لافتة إلى "وجود نسبة كبيرة من المطلقات والأرامل لم يتم تسجيلهن في دائرة حماية المرأة والرعاية الاجتماعية".

وأكدت حمود لـ"جسور بوست"، "ضرورة أن تجري الحكومة تعداداً سكانياً لعدد النساء، ووضعهن الاجتماعي"، مشيرة إلى أن "التمكين الاقتصادي من أبرز احتياجات النساء، فضلا عن الدعم النفسي للأرامل والمطلقات".

وبينت أن "المنظمات النسوية قدمت العديد من الورش لتثقيف النساء بحقوقهن القانونية، سيما وأن الكثير من النساء يجهلن حقوقهن، فيما يتعلق بالوصاية على الأطفال عند الطلاق والتفريق بين الزوجين".

هناء حمود

هناء حمود

أما الناشطة سارة جاسم، فأكدت لـ"جسور بوست"، أن "النساء يواجهن في العراق عنفاً ممنهجاً سواء كان من الحكومة أو العشائر، فضلا عن الجماعات المسلحة"، مبينة، أن "المرأة العراقية شهدت خلال الفترة الأخيرة إقصاء اجتماعياً وضغطاً كبيراً بجميع مجالات الحياة". 

وأشارت إلى أن "التمييز الجندري الذي فرضه السلطات والمجتمع والتقاليد، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية السيئة، عوائق تحد من تقدم دور المرأة العراقية". 

وتابعت الناشطة سارة: "أمور كثيرة فضلا عن القوانين تضغط على حياة المرأة في العراق، فمنها المضايقات والتحرش في العمل والشارع"، داعية الجهات الحكومية، إلى “إنصاف المرأة عبر تشريع القوانين، أو تعديل بعضها الذي يسيء للمرأة العراقية”. 

يشار إلى أن العراق صادق على اتفاقيات ومعاهدات دولية تخص المرأة وحقوقها، أغلبها كانت شكلية ولم تطبق على أرض الواقع فعليا".

سارة جاسم

سارة جاسم

إحصاء للعنف 

كشفت وزارة الداخلية، في بيان لها، عن تسجيل 5292 حالة عنف أسري خلال العام الماضي في مختلف مناطق البلاد، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات.

وبدوره، قال مدير الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية العراقية، العميد غالب العطية لـ"جسور بوست"، إن "الشرطة الاجتماعية قدمت المساعدة لأكثر من 1400 امرأة بحاجة إلى مساعدة قانونية"، مؤكدا أن "الوزارة رصدت بالمقابل 400 حالة عنف سجلت ضد الرجال خلال عام 2022".

ونوه العطية إلى أن "الشرطة المجتمعية تعمل على حل المشاكل الأسرية بشكل ودي بين المتخاصمين عبر اعتماد مبدأ المصالحة بينهم"، لافتا إلى أن "الوزارة رصدت حالات قتل للنساء بسبب قضايا شرف، وأيضا خلافات عشائرية".

وبيّن مدير الشرطة المجتمعية في الداخلية العراقية، أنه "في بعض الحالات المرصودة يتم التكتم على جرائم الشرف، وتعتبر حوادث عرضية من قبل ذوي الضحية".

العميد غالب العطية

العميد غالب العطية

70 ألف حالة طلاق 

وبحسب تقرير نشر على موقع مجلس القضاء الأعلى العراقي، ذكر أن عام 2022 سجل نحو 70 ألف حالة طلاق في المحاكم، بمعدل وسطي يبلغ قرابة 200 حالة يوميا، وفي عام 2021 سجلت المحاكم أكثر من 73 ألف قضية طلاق.

وأشار التقرير إلى أنه خلال العقد الممتد بين 2004 و2014، انتهى زواج واحد من بين كل 5 زيجات بالطلاق، وسجل خلال الفترة نفسها 516 ألفاً و784 طلاقاً من بين 2,6 مليون زواج.

تجدر الإشارة إلى أن تلك الإحصائيات لا تشمل حالات الطلاق المسجلة في محاكم إقليم كردستان العراق، ما يعني أن الرقم أكبر بكثير.
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية