مجلس حقوق الإنسان ينتفض لرفض الانتهاكات بحق مسلمي الروهينغا

على هامش انعقاد الدورة الـ52

مجلس حقوق الإنسان ينتفض لرفض الانتهاكات بحق مسلمي الروهينغا

بسلسلة من الجرائم والانتهاكات التي يندى لها جبين الإنسانية، تعد الأقلية المسلمة من قبائل الروهينغا في ميانمار هي الأتعس حظا بين الأقليات المختلفة حول العالم.

وعلى هامش الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي، قدّم المجلس ومعه مفوضية الأمم المتحدة السامية، تقريرا بشأن الجرائم والانتهاكات المتواصلة ضد مسلمي الروهينغا في ميانمار.

تعقد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي خلال الفترة من 27 فبراير الجاري حتى 4 إبريل المقبل، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

وعقد المجلس الأممي لحقوق الإنسان جلسة نقاشية، بمشاركة مندوبي العديد من الدول والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لمناقشة انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان ضد مسلمي الروهينغا.

ومنذ 25 أغسطس 2017، يشن الجيش في ميانمار ومليشيات بوذية حملة عسكرية ومجازر وحشية بحق مسلمي الروهينغا في إقليم راخين (غرب)، ما أسفر عن مقتل الآلاف ولجوء قرابة مليون منهم إلى بنغلاديش، وفق الأمم المتحدة.

ونفذ قادة بالجيش في ميانمار، مطلع فبراير 2021، انقلابا تلاه اعتقال قادة كبار في الدولة، بينهم الرئيس وين مينت والمستشارة أونغ سان سوتشي، ما أضفى مزيدا من التعقيد على مأساة الروهينغا.

الأسباب الجذرية

ومنذ سنوات وثّقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان وكيانات الأمم المتحدة وهيئات معاهدات حقوق الإنسان، العوامل التي شكلت بعض الأسباب الجذرية لانتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الروهينغا وغيرها من الأقليات في ميانمار.

خرجت الجلسة النقاشية بعدة أسباب لانتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الروهينغا، والتي يعد بعضها معقدا ومتعدد الأبعاد وقائما منذ أمد بعيد.

وكشفت الجلسة أن هذه الأسباب في الموروثات التاريخية، ووجود نظام قانوني أضفى الطابع المؤسسي على التمييز ضد الأقليات، إضافة إلى النزاعات المسلحة والتشرد والفقر، أوجه قصور الديمقراطية وضعف سيادة القانون والمؤسسات بما فيها القضاء، الأفعال التي يقوم بها البوذيون القوميون المتطرفون مع ترسخ إفلات الجيش من العقاب.

وأوضحت أنه رغم قمع وتقييد الحكومات العسكرية المتعاقبة في ميانمار، وانتهاك الحقوق والحريات الديمقراطية لجميع المواطنين، فإن الأقليات العرقية وعلى وجه الخصوص الروهينغا تحملت الأسوأ في انتهاكات حقوق الإنسان جملة وتفصيلا.

وأضافت أن هذه الجرائم والانتهاكات أثرت على تاريخ ونسيج المجتمع في نطاق الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، الأمر الذي أدى إلى زيادة التهميش والتمييز المنهجي والاضطهاد المؤسسي طويل الأمد للروهينغا.

وسردت الجلسة روايات بشأن التمييز بين الجنسين في مجتمعات الروهينغا والأقليات الأخرى في ضوء انتهاك حقوق النساء والفتيات.

وكرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الإعراب عن قلقه العميق إزاء تصاعد العنف، فضلاً عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان لمسلمي الروهينغا واستمرار التشريد القسرى للمدنيين.

مساعي أممية

وفي الجلسة النقاشية أكدت المفوضة السامية أن مجلس حقوق الإنسان سعى على مدار سنوات عديدة إلى التصدي لتلك الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة، وأوصى بإنشاء آليات جديدة للتحقيق فيها وتوثيقها مع السعي للمساءلة.

وأضافت أن المجلس سعى أيضًا إلى النظر بشكل أعمق في الأسباب الجذرية للانتهاكات والتجاوزات ضد الروهينغا والأقليات الأخرى، على أمل تحديد مسارات جديدة للإصلاحات التحويلية ومستقبل أكثر سلاماً وشمولاً لشعب ميانمار.

وأشارت المفوضة السامية إلى أنه في عصر وسائل التواصل الاجتماعي واجهت الأقليات موجات جديدة من العنصرية وكره الأجانب وخطاب الكراهية ولم يكن لديها سوى قنوات قليلة للحماية أو الانتصاف في غياب رقابة ديمقراطية مدنية وقضاء مستقل.

وذكرت أن المناقشات التحويلية بشأن مستقبل ميانمار التي بدأت داخل مختلف المجموعات العرقية والدينية والاجتماعية منذ انقلاب 2021 قد جلبت الأمل المتمثل في إمكانية زرع بذور المصالحة طويلة الأجل والسلام المستدام وشددت على ضرورة دعم تطلعات شعب ميانمار.

وفي نهاية تقريرها قدمت المفوضة السامية عدة توصيات، حيث دعت إلى إجراء إصلاحات دستورية وقانونية وسياسية ومنها إلغاء قانون الجنسية لعام 1982 لضمان احترام المساواة وتعزيز إعطاء مساحة أكبر للتنوع.

وحثت المجتمع الدولي على الوقوف صفاً واحداً من أجل الضغط على الجيش لوقف حملاته القمعية المستمرة ضد شعب ميانمار.

وشددت المفوضية السامية على أن تتدخل الدول الأعضاء وتستخدم نفوذها لإقامة حكومة مدنية شرعية ومستقلة من دون إشراف عسكري على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، داعية إلى الحوار والعمل مع حكومة الوحدة الوطنية والمنظمات التي تمثل الأقليات العرقية.

مطالب عالمية

وقدّم عدد كبير من المشاركين في الحلقة النقاشية بيانات طالبوا فيها حكومة ميانمار بتنفيذ التوصيات التي تعالج الأسباب الجذرية لانتهاكات حقوق الإنسان ضد الأقليات العرقية والدينية، والتي حددوها في خمسة أسباب:

أولاً: السرد الدعائي للسلطة المحيط بتصور الجناة وكأنهم ضحايا وتبريرهم لأعمال الإبادة الجماعية.

ثانياً: الموقف الموروث من الحقبة الاستعمارية المتمثل في الخوف من الغزو والاستيلاء على الأراضي ومحو الثقافات والهويات الدينية التي كانت سبباً في جرائم الكراهية.

ثالثاً: فشل النظام السابق في إدارة الدولة، حيث لجأ إلى إلقاء المسؤولية على عاتق الغير.

رابعاً: تمويل اقتصاد الإبادة الجماعية الجيش عبر الاستفادة من الحملة على مسلمي الروهينغا.

خامساً: خلق الطابع النظامي للتمييز ضد مختلف الجماعات دورة انتقام من الجماعات الأخرى عند وصولها للسلطة.

وكشف عدد من المتحدثين في الجلسة النقاشية، عن قلقهم العميق إزاء الأوضاع المتدهورة لحقوق الإنسان وسط مسلمي الروهينغا والأقليات العرقية الأخرى.

وفي السياق، أعربوا عن مخاوفهم من زيادة جرأة جيش ميانمار على مواصلة الانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع مع ضمان الإفلات التام من المساءلة.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية