الصين.. مطالبات بالإفراج عن راهب تبتي بسبب سوء حالته الصحية

الصين.. مطالبات بالإفراج عن راهب تبتي بسبب سوء حالته الصحية

كتب: محمد البلاسي

 

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الأربعاء، إن على الحكومة الصينية الإفراج الفوري وغير المشروط عن الراهب التبتي والفيلسوف الديني جو شيرابجياتسو، وذلك بسبب سوء حالته الصحية مؤخراً، ومعاناته من أحد الأمراض المزمنة في الرئتين، وعدم تلقيه العلاج الطبي المناسب في السجن.

من جانبها، أشارت صوفي ريتشاردسون، مديرة قسم الصين في هيومن رايتس ووتش: "ربما تتحول عقوبة السجن الجائر في الصين، لأحد أبناء منطقة التبت إلى عقوبة الإعدام، ويجب إطلاق سراح الراهب جو شيرابجياتسو فورا، وتوفير الرعاية الصحية الشاملة له".

ومن خلال رد على استفسار من ثلاثة خبراء حقوقيين تابعين للأمم المتحدة، ذكرت السلطات الصينية في بيان أصدرته في أغسطس الماضي، إن عملاء من وزارة أمن الدولة قد قاموا باحتجاز الراهب، الذي يبلغ من العمر 45 عاماً، في 26 أكتوبر 2020، في مدينة تشنجداو، عاصمة مقاطعة سيتشوان، وقاموا بنقله إلى "لاسا"، عاصمة منطقة التبت التي تتمتع بحكم ذاتي، حيث وجهت إليه رسميا في 3 فبراير اتهامات بالتحريض على الانفصال، ثم حوكم في وقت لاحق، لكن بيان السلطات الصينية لم يذكر موعد المحاكمة أو نتيجتها، فيما قالت مصادر من التبت، تتواجد في المنفى، إن الراهب حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات وهو الآن في سجن "تشوشول"، على بعد 20 كيلومترا جنوب غرب "لاسا".

وأضافت المصادر في المنفى أنه لم يُسمح لأي زائر برؤية الراهب، وأنه يعيش في حالة صحية سيئة، حيث إن السلطات الصينية احتجزته في ثلاث مناسبات أخرى على الأقل، وأصيب بمرض مزمن في الرئة خلال قضائه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات، وذلك لأسباب لم يكشف عنها من نوفمبر 1998 إلى نوفمبر 2001، حينما كان في زيارة روتينية إلى تشنجداو لتلقي العلاج في أكتوبر 2020 عندما قبضت عليه عناصر من وزارة أمن الدولة.

ومن المعروف عن الراهب جو شييرابجياتسو، أنه يدعو إلى التحرر، وتحديث التعليم الديني والمعتقد في التبت، كما أن له عدداً من المؤلفات، لا يقل عن تسعة كتب، أحدثها يتناول محاضراته في الدراسات الدينية، الخاصة بالقضايا اللاهوتية والرهبانية، كما شملت كتبه ومحاضراته -التي يتوفر بعضها عبر الإنترنت- إشارات إلى القضايا الاجتماعية، مثل نقد الرقابة داخل الأديرة في التبت، وفي المجتمع بشكل عام، ومن خلال نشره عام 2013، عارض "جياتسو" فكرة سيطرة دير كيرتي، على باقي الأديرة، كما أشار إلى أن أي سلطة لا يستطيع الناس انتقادها تعد "ديكتاتورية" وأن أي أمة أو منظمة تخشى النقد وتستخدم الاعتقالات أو العنف من أجل إسكات المعارضة، تصبح شوكة في ظهور الناس، وكان الانتقاد الوحيد للحكومة الصينية، هو كلام عرضي أن "الريح الحمراء القادمة من الخارج قوية جدًا وأنها لا تعطينا الفرصة للتنفس".

وفي إبريل 2008، في أعقاب موجة من الاحتجاجات المناهضة للصين في التبت، كان "جياتسو" من بين 1000 طالب راهب قامت السلطات بترحيلهم، واحتُجزوا بشكل تعسفي، وقضوا فترة ما أطلق عليه بـ"التثقيف القانوني" لمدة أربعة أشهر في فيتشينجهاي، ثم سُمح لـ"جياتسو" باستئناف دراسته في دير كيرتي في أغسطس 2008، ثم اعتقل مرة أخرى في إبريل 2011، بسبب شكوك في أن بعض كتاباته احتوت على انتقادات لحكومة الصين أو لسياساتها تجاه سكان التبت، لكن أُطلق سراحه دون توجيه اتهامات بعد بضعة أشهر..

قامت الحكومة الصينية باعتقال عدد من الفلاسفة والمفكرين والكتاب التبتيين منذ عام 2019، ومن بين الكتاب الذين تم اعتقالهم، جانجكيدروبباكياب، الذي يبلغ من العمر 42 عامًا، وسينام، غير معروف عمره، من مقاطعة سيرتا في سيتشوان، وذلك في 23 مارس و2 إبريل 2021، على التوالي، وكان كلاهما قد اعتقل من قبل، ويعاني “دروبباكياب” مشكلات صحية بسبب سجنه في الفترة ما بين عامي 2012 و2016، ويعد مكان وجودهما ووضعهما الحالي غير معروفين.. ومن المعتقلين من المفكرين الصينيين، جيندونلوندروب، البالغ من العمر 47 عامًا، من مقاطعة ريبكونج، محافظة مالهو، تشينجهاي، حيث تم اعتقاله في 2 ديسمبر 2020، وغير معروف مكانه، وبحسب ما ورد فقد اعتُقل واستُجوب في عدة مناسبات في الماضي.

وكانت آراء "جياتسو" السياسية قد ظهرت في كتاب نُشر في عام 2011 بعنوان "المعرفة والطريق"، والذي تضمن ترجمات للغة التبت إلى ثلاثة مقالات كتبها المفكر "ليو جونينج"، عالم السياسة البارز في بكين، حيث تدعم المقالات تطبيق مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ضمن السياق التقليدي الصيني، ولم يُتهم "ليو" بأي جريمة، وهو يشغل منصبًا في معهد رسمي، مما يجعل من غير المحتمل أن تؤدي هذه الترجمات إلى اعتقال جياتسو الأخير، حيث إن نشره ترجمات تلك المقالات، وغيرها من أشكال التعبير السلمي عن الرأي، يعد حقاً يحميه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهي معاهدةٌ متعَدّدة الأطراف اعتمدتها الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة، والذي وقعت عليه الصين في عام 1998، وعلاوة على ذلك، يكفل الدستور الصيني حرية التعبير عن الرأي لجميع المواطنين الصينيين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية