مجلس حقوق الإنسان يناقش جرائم وانتهاكات سلطات ميانمار

في إطار انعقاد دورته الـ54 بجنيف
مجلس حقوق الإنسان يناقش جرائم وانتهاكات سلطات ميانمار

بحزمة من الانتقادات، جمعت آلية أممية التجاوزات والانتهاكات والجرائم التي قامت بها سلطات دولة ميانمار، في إطار الاستعراض الدوري الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 11 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2023 للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

وزادت كثافة النزاعات المسلحة زيادة كبيرة خلال الفترة المشمولة بالتقرير، لتفيد بأن ثمة أدلة قوية تشير إلى أنه يجري ارتكاب جرائم دولية خطيرة ضـد شـعب ميانمار، وفي ظل عدم وجود بارقة أمل لانتهاء العنف، أصـبح عمل الآلية لتيسير العدالة والمساءلة أكثر أهمية وضرورة من أي وقت مضى.

وأحرزت الآلية تقدماً ثابتاً وملحوظاً في الوفاء بولايتها، وزادت زيادة كبيرة من كمية الأدلة المباشرة التي جمعت، من خلال إيفاد عدة بعثات تحقيق إلى مخيمات اللاجئين وغيرها من المواقع، وإجراء عمليات فحص ومقابلات شخصية مع الشهود والناجين والمنشقين.

وواصلت الآلية أيضا جمع أدلة إضافية، مثل الصـور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو والمواد الصوتية والوثائق والخرائط وصور المواقع الجغرافية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي والأدلة الجنائية.

وبحلول نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، كانت الآلية قد جمعت ملايين المواد الإعلامية، وتعاملت مع أكثر من 700 مصـدر ومقدم للمعلومات.

وخطت الآلية خطوات كبيرة في توسيع وتنويع تعاونها مع منظمات المجتمع المدني التي تقدم إسهامات حاسمة في عملها بفضل وصولها إلى المعلومات الميدانية واتصالاتها بالشهود المحتملين، وفي الربع الثاني من عام 2023، عقدت الآلية أول حوار لها مع المجتمع المدني، جمعت فيه بين ممثلين عن منظمات المجتمع المدني ذات الصلة لتعميق الشراكات وتعزيز عمليات التعاون المستمر وتقاسـم المعلومات.

يشمل هذا التقرير الأنشطة التي اضطلعت بها آلية التحقيق المستقلة لميانمار خلال الفترة بين 1 يوليو 2022 و30 يونيو 2023.

استعراض السجل

وبحسب الآلية الأممية، تقاعست سـلطات ميانمار عن التحقيق في الجرائم الجنسية والجنسـانية أو المعاقبة عليها، وكذلك الانتشار المنظم لمحتوى خطاب الكراهية على فيسبوك الذي يقوم به جيش ميانمار قبل عمليات التطهير في عام 2017 وأثناءها وبعدها.

ورصدت مواصلة الجيش شن هجمات واسعة النطاق ومنهجية على السكان المدنيين، واحتدم النزاع المسلح بشدة خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وفي هذا السياق، تركز تحقيقات الآلية من الناحية الاستراتيجية على حوادث محددة يترتب فيها على الضحايا أبلغ الأثر، ولا يزال التركيز كبيراً على التحقيق في الجرائم المرتكبة ضد الروهينغيا، لا سيما تلك التي ارتكبت خلال "عمليات التطهير" التي نفذتها قوات الأمن في ميانمار في ولاية راخين في عامي 2016 و2017.

والآلية تعمل في بيئة مليئة بالتحديات في ظل عدم إمكانية الوصـول المادي إلى مواقع الجريمة أو الشهود داخل ميانمار، وتوجد لديها شواغل خطيرة بشأن حماية الشهود.

ولتعويض ذلك، تعتمد الآلية أساليب مبتكرة وتستفيد من استخدام التكنولوجيات المتقدمة ونهج التحقيق الحديثة للتمكن من جمع الأدلة، وتواصل الاتصال بالسلطات في ميانمار التماساً لتعاونها على النحو الذي دعا إليه مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة، ولكن جميع طلبات الوصول إلى الإقليم والتعاون والمعلومات لم تلب حتى الآن.

وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، رفعت الآلية بشدة عدد بعثات التحقيق وعمليات التحاور المباشر مع الشهود والناجين، ولا يزال التحقيق في الجرائم الجنسية والجنسانية والجرائم المرتكبة ضد الأطفال يشكل أولوية بالغة.

وتقوم الآلية أيضـاً بإدماج عمليتي جمع وتحليل المعلومات والأدلة مفتوحة المصـدر والمالية إدماجاً كاملاً في جميع التحقيقات التي تجريها الآلية.

وعلى مدار العام، تعاونت الآلية تعاوناً وثيقاً مع مجموعة واسعة من الجهات المعنية، بما فيها الشهود والناجون ومنظمات المجتمع المدني والدول الأعضاء وكيانات الأمم المتحدة والكيانات التجارية من أجل تعزيز الشراكات والتعاون دعماً للعدالة والمساءلة عن الجرائم المرتكبة في ميانمار.

وجمعت الآلية حتى الآن أكثر من 23 مليون مادة إعلامية وجهزتها من أجل تبادلها المحتمل مع جهات أخرى، وتشمل هذه المواد الإعلامية الوثائق والصــور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو والمواد الصوتية وصور المواقع الجغرافية والأدلة الجنائية وإفادات الشهود والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المواد مفتوحة المصدر.

وتجرى غالبية عمليات الجمع بلغة ميانمار (البورمية)، ما يسبب تحديا نظرا لمحدودية عدد موظفي الآلية الذين يمتلكون مهارات بهذه اللغة.. وعلاوة على ذلك، فإن المواد التي جمعت مكتوبة بخطوط وأنسـاق ملفات مختلفة بلغة ميانمار، ما يشكل تحدياً في جعل المواد قابلة للبحث في نظام الآلية لإدارة المعلومات المخزنة إلكترونيا.

وأجرت الآلية عشرات اجتماعات التحقيق والفحوص والمقابلات التفصيلية أثناء الفترة المشمولة بالتقرير، لا سيما مع أفراد مجتمع الروهينغيا، وقد أرسـت الآلية الآن الأساس لإيفاد المزيد من بعثات التحقيق، بعد أن وضعت وصقلت منهجيات تشغيلية تتسم بالفاعلية والكفاءة.

وكان التزام الآلية بالتحقيق في الجرائم الجنسية والجنسانية والجرائم المرتكبة ضـد الأطفال في صـدارة بعثات التحقيق، وفي حين أن الآلية سـعت إلى تحديد هوية الناجين من الجرائم الجنسية والجنسانية على وجه الخصوص وإجراء مقابلات معهم، فمن الجدير بالذكر أن هذه الجرائم كانت متفشية في سياق عمليات التطهير لدرجة أن معظم الشهود الذين أجريت معهم مقابلات حتى الآن لديهم أدلة ذات صلة في هذا الصدد. 

وسعت الآلية أيضاً إلى تحديد الشهود على الجرائم الجنسية والجنسانية الذين لم تتصل بهم من قبل كيانات أخرى لتقصي الحقائق أو التوثيق، وكثيراً ما يتم إغفال محنتهم، وشمل ذلك الأفراد ذوي الهويات الجنسانية والميول الجنسية المتباينة، وفي هذا الصدد، بدأت الآلية تشغيل خط مخصص من خطوط التحقيق، يركز على تجارب مجتمع الروهينغيا من المتحولين جنسيا.

الجرائم الجنسية

وانصـب تركيز الآلية أيضـا طوال تعاملاتها مع مجتمع الروهينغيا على جمع المعلومات والوثائق ذات الصلة بمسارات التحقيق المالية، بوسـائل منها عدم الاكتفاء ببحث مسؤولية الجناة المباشرين أو المحرضين، بل وبحث مسؤولية أولئك الذين ربما يكونون قد ساعدوا وحرضوا أيضاً على ارتكاب الجرائم التي تقع ضمن ولاية الآلية، وكجزء من هذا الجهد.

وتركز الآلية في تحقيقاتها المالية على المسائل التي كان لها تأثير مباشر على مجتمعات الضحايا، مثل نزع ملكية الأراضي والممتلكات الشخصية والاستيلاء عليها، إذ يكتسي نزع ملكية الأراضي بالنسبة للروهينغيا أهمية تتجاوز مجرد إلغاء حقوق الملكية. 

وقد يشكل الاستيلاء غير المشروع على أراضيهم اعتداء على هويتهم بوصفهم أناسا ينحدرون من سلالة يقع مقرها في ميانمار، وتعتمد المساءلة عن الجرائم على إثبات المسؤولية الجنائية الفردية، ولذلك تولي الآلية أولوية بالغة لجمع أدلة الربط التي يمكنها إثبات مسؤولية أفراد معينين، لا سيما أولئك الذين يشغلون مستويات أعلى من السلطة ويتحملون مسؤولية أكبر عن الحملات الإجرامية. 

وأوضحت الآلية تقاعس سلطات ميانمار عن التحقيق في الجرائم الجنسية والجنسانية التي ارتكبتها قوات الأمن في ميانمار ضد الروهينغيا أو المعاقبة عليها، ويتضمن التقرير الثالث نتائج استعراض وتحليل رئيسيين بشأن نشر محتوى يشكل خطاب كراهية ضد الروهينغيا على فيسبوك من قبل قطاعات من جيش ميانمار.

وواصلت الآلية تنسيقها الوثيق مع مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وزادت من حجم المعلومات المتعلقة بالشهود، بما في ذلك عمليات الفحص والإفادات، التي تقاسمتها مع ذلك المكتب خلال الفترة المشمولة بالتقرير. 

ومنذ الانقلاب العسكري في 1 فبراير 2021، حدثت زيادة هائلة في عدد الحوادث التي تحمل بصمات الجرائم الدولية الخطيرة وتستدعي من الآلية تناولها بالتحقيق، ما يثير الأسى أن عدد هذه الحوادث إنما ازداد أثناء الفترة المشمولة بالتقرير. 

ووفق مبدئي الحياد والسرية، تسعى الآلية إلى جمع وتحليل جميع المعلومات ذات الصلة فيما يتعلق بهذه الحوادث ومرتكبيها المحتملين، مع تركيز مواردها بالضرورة على أشـد الجرائم الدولية الخطيرة جسـامة وعلى الأشخاص الذين يتحملون أكبر قدر من المسؤولية عن تلك الجرائم، ولا تزال سلطات ميانمار تتجاهل طلبات الآلية للحصول على معلومات والوصول إلى أراضي ميانمار.

ووفرت الصور الرقمية الواردة من مجموعة واسعة من المصادر المفتوحة وغير المفتوحة والمسجلة من خلال وسائل مختلفة، مثل الطائرات المسيرة والهواتف المحمولة الشخصية، في بعض الحالات، أدلة مباشرة على جرائم محددة وهوية الجناة، ويشمل ذلك حالات تتعلق بعمليات قتل جماعي.

وفتحت الآلية تحقيقات في الأحداث التي وقعت خلال الفترة المشمولة بالتقرير وفقاً لنفس معايير تحديد الأولويات المحددة في التقارير السابقة للآلية، وهي: خطورة الجرائم المعنية، بما في ذلك نطاقها وطبيعتها وطريقة ارتكابها وتأثيرها على الضحايا ودرجة مسؤولية الجناة المزعومين وقوة الأدلة المتاحة وأهمية الأولويات المواضيعية للآلية في ما يتعلق بالجرائم الجنسية والجنسانية والجرائم المرتكبة ضـد الأطفال، واحتمال إنشاء محكمة أو هيئة قضائية مختصة بالنظر في هذه الجرائم.

ولا تقتصر ولاية الآلية على جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الأمن، بل تشمل أيضـا أي جرائم قد ترتكبها الجماعات المسلحة فيما يتصل بالنزاع المسلح، وعلاوة على ذلك، تسترشد تحقيقات الآلية بعناصر مواضيعية وشاملة، بما في ذلك التحقيق في الهياكل التنظيمية وتحليلها لتحديد المسؤولين عن جرائم محددة.

ويشكل عدم قيام جيش ميانمار بالتحقيق في نمط جرائم الحرب المتعلقة بالقتال المبين أعلاه أو بدلاً من ذلك الحد منه أمراً مهماً، إذ يقع على عاتق القادة العسكريين بموجب القانون الدولي واجب بمنع أو قمع جرائم الحرب التي يرتكبها من هم تحت قيادتهم.

وتشير الأدلة التي جمعتها الآلية إلى أن الأطفال لا يزالون يقعون ضحايا لذات الجرائم التي يتعرض لها الكبار، وعلاوة على ذلك فإن جهات مسلحة مختلفة تقوم بتجنيد الأطفال الذين نقل أعمارهم عن 15 عاماً أو استدعائهم للخدمة أو استخدامهم في المشاركة بنشاط في الأعمال العدائية.

وتبلغ هذه الجرائم مداها عندما ترتكب ضد الأطفال بسبب الضرر غير المتناسب الذي يحتمل حدوثه، واستغلال ضعفهم من أجل حملهم على ارتكاب الجرائم، ومن ثم فإن الآلية ملتزمة التزاماً بالغاً بالسـعي للحصول على مزيد من الأدلة على هذه الجرائم.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية