"واشنطن بوست": الذكاء الاصطناعي يهدد النساء وخاصة المراهقات حول العالم

"واشنطن بوست": الذكاء الاصطناعي يهدد النساء وخاصة المراهقات حول العالم

زادت المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها النساء وخاصة المراهقات حول العالم بعد الانتشار الهائل لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في نشر "صور العري"، في ظل عدم توصل أغلب دول العالم حتى الآن لقوانين منظمة لتلك الأدوات، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وبحسب الصحيفة يمكن لبرنامج يعمل بالذكاء الاصطناعي، أن يصنع صورا عارية بناء على تحليلات للصور العادية المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعل تبدو وكأنها حقيقية بدرجة كبيرة ومتناسقة.

وسلطت الصحيفة الأمريكية الضوء على المؤثرة على يوتيوب، غابي بيل (26 عاما)، التي شعرت بصدمة كبيرة عندما علمت أن صورة عارية لها انتشرت على الإنترنت، كونها لم تنشر أي صور مماثلة، لتدرك أنها مزيفة.

وأشارت واشنطن بوست، إلى أن بيل حاولت حذف الصورة، لكن زميلها الذي لجأت إليه قال لها إن هناك "نحو 100 صورة مزيفة لها منتشرة على الإنترنت، وجميعها لها مصدر واحد، وهي تطبيقات تعمل بالذكاء الاصطناعي".

انتشار واسع

وأضاف التقرير أن العام الحالي شهد انتشارا واسعا لمواد العري المفبركة عبر الإنترنت، سواء صور أو مقاطع فيديو، وذلك في ظل وجود أدوات ذكاء اصطناعي رخيصة الثمن وسهلة الاستخدام، يمكنها "تعرية" الصور العادية لأي شخص أو وضع وجهه على فيديو لأشخاص آخرين بتقنية "ديب فيك– Deepfake" (التزييف العميق).

ونقلت الصحيفة عن المحللة في مجال الذكاء الاصطناعي، جينيفيف أوه، قولها إن "المواقع الـ10 الأولى التي تنشر صورا إباحية، شهدت زيادة بنسبة 290 بالمئة منذ عام 2018، في ظل انتشار الصور الإباحية المزيفة".

ومن المشكلات التي تواجه الضحايا هنا، هو عدم وجود قانون فيدرالي في الولايات المتحدة للتعامل مع مثل هذه الأدوات الجديدة، وبحسب "واشنطن بوست"، فإن "ولايات قليلة جدا هي من صنعت لوائح منظمة".

والأمر التنفيذي الأخير للرئيس الأمريكي جو بايدن، "يوصي فقط ولا يجبر شركات التكنولوجيا على وضع إشارة إلى أن الصور أو مقاطع الفيديو أو الصوت تمت صناعتها بالذكاء الاصطناعي".

وقالت أستاذة القانون في جامعة سان فرانسيسكو، تيفاني لي: "إننا نواجه مشكلة خطيرة جدا"، محذرة مثل أساتذة قانون آخرين من أن "صور الذكاء الاصطناعي المزيفة لا تخضع لقوانين حقوق الملكية الفكرية في ظل التشابه الكبير بينها، نظرا لأنها تعتمد بالأساس على مجموعة بيانات متاحة لملايين الصور بالفعل".

وبالعودة إلى أزمة تزييف الصور العارية للمراهقات والنساء، أشارت دراسة عام 2019 لشركة "سينسيتي" للذكاء الاصطناعي والمخصصة في رقابة المقاطع المزيفة، إلى أن "96 بالمئة من مواد التزييف العميق كانت إباحية، و99 بالمئة منها تستهدف النساء".

واقعة إسبانيا

وفي سبتمبر الماضي، هزت أزمة كبرى بلدة ألمندراليخو الصغيرة الواقعة جنوبي إسبانيا، بعد تداول صور عارية لفتيات صنعت بواسطة الذكاء الاصطناعي، وبدأت الشرطة تحقيقا في القضية.

وأوردت صحف إسبانية وبريطانية، آنذاك، أن الشرطة فتحت تحقيقا بعد إبلاغ أمهات بتداول صور، تم تعديلها بواسطة الذكاء الاصطناعي، لأكثر من 20 فتاة في البلدة التي يبلغ عدد سكانها نحو 30 ألف شخص، في مقاطعة بداخوث.

وتضم ألمندراليخو 5 مدارس متوسطة، وفي أربع منها على الأقل انتشرت صور عارية تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لطالبات.

وتأتي هذه الحوادث في وقت أثارت فيه برامج الذكاء الاصطناعي، ومن بينها روبوت الدردشة "تشات جي بي تي"، مخاوف من تأثيرها على الخصوصية.

وفي مارس الماضي، وجه باحثون وقادة قطاع التكنولوجيا رسالة مفتوحة يحذرون فيها من "المخاطر الجسيمة" على المجتمع والإنسانية لأنظمة الذكاء الاصطناعي.

إجراءات غير كافية

وتمتلك الشركات الكبرى، مثل غوغل، سياسات متعلقة بمنع ظهور الصور الجنسية التي التقطت دون موافقة، من الظهور عبر محرك البحث الخاص بها، لكن وسائل الحماية من انتشار الصور المزيفة ليست قوية، بحسب واشنطن بوست.

وقال المتحدث باسم غوغل، نيد أدريانس، إن شركته "تعمل بجدية من أجل توفير مزيد من الحماية في عملية البحث"، وإنها "تمنح المستخدمين حق طلب حذف المواد الإباحية المزيفة والمنتشرة بشكل غير طوعي".

ونقلت الصحيفة، أيضًا عن المدير التنفيذي لمنظمة "ويتنس" المتخصصة في الدفاع عن حقوق الإنسان في المجال التكنولوجي، سام غريغوري، أن "الضغط من أجل الوصول إلى لوائح منظمة لمواد الذكاء الاصطناعي، يركز على منع الانتشار الكبير، ومواجهة المخاوف المتعلقة بإمكانية التأثير على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، المقررة العام المقبل".

وأضاف أن تلك اللوائح "تقدم القليل فيما يتعلق بمكافحة المواد الإباحية المزيفة، حيث يتم نشر الصور ضمن مجموعات صغيرة من الأشخاص، ويمكنها تدمير حياة شخص ما".

وتشرح بيل، المؤثرة على يوتيوب، أنها "حتى الآن لا تعرف بالتحديد عدد الصور المزيفة المنتشرة لها على الإنترنت".. وأضافت أن "هناك حاجة لقواعد منظمة قوية لمواجهة مثل هذه المشكلات".

واختتمت حديثها بالقول: "لا مساحة أمان لكِ كامرأة".

تحذيرات أممية 

وسبق أن حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن الذكاء الاصطناعي قد يشكل خطرا على السلم والأمن الدوليين، داعيا الدول الأعضاء إلى وضع ضوابط لإبقاء التقنية تحت السيطرة.

وقال غوتيريش في جلسة هي الأولى التي يخصّصها مجلس الأمن في يوليو 2023 للبحث في مسألة الذكاء الاصطناعي: "من الجلي أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير على جميع مناحي الحياة".

وتابع: "الذكاء الاصطناعي التوليدي لديه إمكانيات هائلة للخير والشر"، مشيرا إلى أن التقنية قادرة على المساعدة في وضع حد للفقر أو علاج السرطان، لكن قد تكون لها "عواقب خطيرة جدا على السلام والأمن الدوليين".

ومن جهة أخرى "الاستخدامات الضارة لأنظمة الذكاء الاصطناعي لأغراض إرهابية أو إجرامية أو لصالح دولة، يمكن أن تتسبب في مستويات مرعبة من الموت والدمار وتفشي الصدمات والضرر النفسي العميق على نطاق يفوق التصور"، بحسب غوتيريش.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية