الفاتورة الاقتصادية تتصاعد في فلسطين جراء الحرب في غزة
الفاتورة الاقتصادية تتصاعد في فلسطين جراء الحرب في غزة
بعد شهر كامل من التصعيد والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، يعيش الاقتصاد الفلسطيني حالة من الضعف تذكّر بحالته خلال جائحة كورونا.
ورغم أن إسرائيل شنت الحرب على قطاع غزة، فإن الضفة الغربية تعيش أيضاً توترا واقتحامات ينفذها الجيش الإسرائيلي، أسفرت عن مقتل نحو 153 فلسطينيا وإصابة 2200 بجروح منذ 7 أكتوبر.
وحتى اليوم، لم تصدر أي من المؤسسات الرسمية أو البحثية أية خسائر أولية لقطاع غزة، بسبب صعوبة إحصائها مع استمرار القصف الإسرائيلي.
قبل الحرب، كانت نسبة البطالة في غزة تبلغ 46 بالمئة، بينما 80 بالمئة من السكان يتلقون مساعدات إنسانية، فيما لم يتم إعادة بناء 80 بالمئة من المباني التي دمرت في حرب عام 2014 حتى عشية الحرب الأخيرة قبل شهر من الآن، بحسب تقرير لوكالة "الأناضول".
أبرز التأثيرات في الضفة الغربية
بورصة فلسطين
كانت بورصة فلسطين أول ما تأثر به الاقتصاد المحلي بسبب اندلاع الحرب، إذ سجلت تراجعات في معظم الجلسات من 7 أكتوبر، وهبط مؤشرها الرئيس "مؤشر القدس" لأدنى مستوى منذ سبتمبر 2021 في جلسة 17 أكتوبر.
ولاحقا، بدأ المؤشر يصعد تدريجيا، مع إعلان البورصة وهيئة سوق رأس المال الفلسطينية، عن تدابير جديدة تحافظ على الأسهم وقيمتها السوقية، وتحفيز السيولة في السوق المالية.
وفي 29 أكتوبر الماضي، أصدر مجلس إدارة هيئة سوق رأس المال الفلسطينية قراراً تنظيمياً ولمدة 3 أشهر، يسمح للشركات المساهمة العامة المدرجة بشراء أسهمها دون اشتراط عقد وموافقة الهيئة العامة غير العادية.
وتضمن القرار المذكور قيام الشركات المساهمة العامة المدرجة والتي ترغب في شراء أسهمها بشكل مباشر بتقديم طلب إلى هيئة سوق رأس المال الفلسطينية للحصول على موافقتها، بعد التحقق من الالتزام بالمتطلبات القانونية.
ويهدف القرار إلى تعزيز واستقرار أسعار الأوراق المالية المدرجة في بورصة فلسطين، في ضوء الأحداث والتطورات الأخيرة التي طرأت على قطاع الأوراق المالية الفلسطيني.
ومنذ جلسة 5 أكتوبر وحتى نهاية جلسة 5 نوفمبر الجاري، تراجع مؤشر القدس بنسبة 8.5 بالمئة وفق مسح للبيانات الرسمية.
140 ألف عامل
تظهر بيانات الإحصاء الفلسطيني أن قرابة 140 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية يعمل في إسرائيل، إلى جانب 18.5 ألف عامل من قطاع غزة.
اليوم، يلزم معظم هؤلاء العمال منازلهم، بسبب تعليق غالبية الأنشطة الاقتصادية في إسرائيل، باستثناء قطاعي الزراعة والأغذية.
وتبلغ فاتورة أجور هؤلاء العمال قرابة 1.5 مليار شيكل (397 مليون دولار) شهرياً، معظمها يتم ضخه في أسواق الضفة الغربية، على شكل قوة شرائية واستهلاكية.
وخلال شهر الحرب، فقدت السوق الفلسطينية هذه القوة الشرائية، بسبب تعطل العمال الفلسطينيين، بينما ينقسم عمال غزة بين جزء في قطاع غزة، والجزء الآخر وصل إلى الضفة الغربية في الأيام الأولى للحرب.
لكن بالمجمل، فإن القوة الشرائية في الضفة الغربية تأثرت بشكل عام، فيما أغلقت غالبية المطاعم أبوابها بسبب غياب الزبائن طيلة أيام الحرب القائمة.
وقالت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، إن غزة فقدت أكثر من 60 بالمئة من الوظائف، منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وحركة حماس، ما فاقم سوء الوضع الاقتصادي المتردي في القطاع الذي تحاصره إسرائيل.
وأضافت المنظمة في أول تقييم لتأثير التوغل البري والقصف الجوي الإسرائيلي لغزة، بعد الهجوم الذي نفذته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، أن الخسائر تصل إجمالا إلى 182 ألف وظيفة في القطاع الفلسطيني الصغير.
القطاع المصرفي
وأصدرت سلطة النقد الفلسطينية، في 25 أكتوبر تعليمات للمصارف العاملة في السوق المحلية، للتعامل مع التبعات النقدية للحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
أهم ما ورد في التعليمات الجديدة، مرتبط بالمقترضين من قطاع غزة، ونص على تأجيل أقساط القروض إلى نهاية يناير 2024.
وقالت مصادر إن هناك مخاوف بشأن الإقراض المصرفي الموجه للعملاء في قطاع غزة، إذا بلغت قيمة القروض المقدمة للأفراد والشركات في القطاع 923 مليون دولار حتى نهاية سبتمبر الماضي.
أموال المقاصة
ودخلت أموال الضرائب الفلسطينية "المقاصة" إلى أجواء الحرب، مع خروج عدة تصريحات بشأنها.
ففي 30 أكتوبر الماضي، وجه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بتجميد أموال المقاصة الفلسطينية، بسبب ما وصفه عدم إدانة السلطة عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة حماس على مستوطنات غلاف غزة.
وتقوم إسرائيل بجمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتحول الأموال إليها شهريا، بمتوسط 750 مليون شيكل (190 مليون دولار).
إلا أن وزير الدفاع يؤاف غالانت، أمر بتحويل الأموال منقوصا منها ما تحوله الحكومة الفلسطينية إلى قطاع غزة، كعقاب لسكان القطاع.
إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت، الأحد، تسلم أموال الضرائب (المقاصة) من الجانب الإسرائيلي، بعد إعلان تل أبيب تحويلها، بعد خصم مبالغ كانت تُوجه سابقا لقطاع غزة، بحسب مصادر حكومية.
وذكرت المصادر أن "قرارا رئاسيا صدر بعدم تسلم أموال المقاصة منقوصة، لأن قرار خصم أموال تذهب لغزة يعني تعزيز فصل الضفة الغربية عن القطاع".