لبنان يتعرض لتغيرات مناخية متسارعة.. وCOP28 يطلق دعوة لحلول محلية ودولية

أمل العرب "5"

لبنان يتعرض لتغيرات مناخية متسارعة.. وCOP28 يطلق دعوة لحلول محلية ودولية

في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالتغير المناخي، يواجه لبنان تأثيرات سلبية خطيرة تهدد النمو المستدام والاستقرار المالي والسياحة والصحة وكافة مناحي الحياة. 

ويتعرض لبنان لتغيرات مناخية متسارعة تشمل ارتفاع درجات الحرارة، وتقلبات المناخ، الجفاف، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتغيرات في نمط هطول الأمطار. 

من أجل معالجة هذه التحديات وتقديم حلول فعالة، يلعب مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP28)، الذي يعقد حاليًا في الإمارات العربية المتحدة، دورًا حاسمًا، حيث يجمع هذا المؤتمر القادة العالميين والمفكرين والخبراء لمناقشة التحديات المناخية العالمية واتخاذ إجراءات جادة للتصدي لها.

ومن أجل لبنان وغيره من الدول العربية، خصصت "جسور بوست"، حلقات مسلسلة حملت عنوان "أمل العرب"، تستطلع فيه على حدة رأي خبراء كل دولة عن آمالهم وما يمكن أن يحمله لهم مؤتمر الأطراف لمواجهة التغيرات المناخية.

ويعتبر اقتصاد لبنان أن من بين أكبر التحديات التي تواجهها البلاد تأثيرات التغير المناخي عليه، ووفقاً لتقرير لصندوق النقد الدولي، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2019، وتفاقمت هذه الأزمة بسبب عدة عوامل بما في ذلك تغير المناخ وتأثيراته السلبية. 

كذلك يواجه لبنان تحديات هائلة، بدءًا من تراجع إنتاجية الزراعة بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ما يؤثر على القطاع الزراعي الذي يعتبر أحد أهم ركائز الاقتصاد اللبناني، ووفقاً لتقارير وزارة الزراعة اللبنانية، شهدت البلاد انخفاضاً حاداً في إنتاج الحبوب والفواكه والخضراوات، ما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة في نسبة البطالة، بالإضافة إلى ذلك، يعاني لبنان من انقطاع الكهرباء ونقص في إمدادات المياه، وهي مشكلات تتفاقم بسبب التغير المناخي. 

ويعتبر القطاع السياحي أحد القطاعات الأساسية في لبنان، ولكنه تأثر بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة وتدهور جودة البيئة. 

تقول تقارير منظمة السياحة العالمية إن عدد السياح الوافدين إلى لبنان انخفض بنسبة 80% في السنوات الأخيرة، ما تسبب في خسائر فادحة للاقتصاد المحلي. 

لبنان بحاجة ماسة إلى حلول فعالة ومتكاملة لمواجهة هذه التحديات الاقتصادية المرتبطة بالتغير المناخي، وهنا يأتي دور مؤتمر الأطراف COP28 (Conference of the Parties) في تقديم حلول عاجلة وتعاون دولي ومحلي لدعم اقتصاد لبنان. 

ويعتبر مؤتمر الأطراف COP28 من أهم المنتديات الدولية لمناقشة وتبادل الخبرات حول قضايا التغير المناخي واتخاذ إجراءات ملموسة للتصدي لهذه التحديات. 

ووفقًا للخبراء، يمكن لمؤتمر الأطراف COP28 أن يساهم في تقديم حلول لبنان من تبادل الخبرات والمعرفة مع الدول الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة، وتطبيق الأفكار والممارسات الناجحة في مجال تكييف الاقتصاد مع التغيرات المناخية، ويمكن لمؤتمر الأطراف COP28 أن يساهم في تقديم حلول لاقتصاد لبنان من خلال التعاون الدولي، وتوفير الدعم المالي، وتعزيز التكنولوجيا والابتكار.

تسلسل تاريخي لانهيار اقتصاد لبنان.. شبح الفقر يطارد النصف

معاناة شعب

بدوره علق الإعلامي اللبناني، سامر الحلبي على الأمر بقوله، إن التأثيرات المناخية لا تقتصر فقط على البيئة والاقتصاد، بل تؤثر أيضًا على المجتمع اللبناني بشكل عام، وللأسف الوضع اللبناني لا ينقصه غضب الطبيعة، نحن بالفعل مستنزفون على كافة المستويات ونعاني منذ سنوات، يعاني السكان من تدهور جودة الهواء، وزيادة في معدلات الأمراض التنفسية والأمراض المزمنة، في المجمل يعاني لبنان بشكل كبير بسبب انقطاع الكهرباء وانهيار الاقتصاد وتزيد التغيرات المناخية من أعباء المواطن اللبناني، كما نشهد هنا تداعيات اجتماعية واقتصادية نتيجة لتدمير الممتلكات وفقدان الوظائف وتهجير السكان لذا، يتعين على COP28 أن يساعد في توجيه الاهتمام العالمي نحو لبنان وتوفير الدعم اللازم لها. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، ينبغي أن تتمثل الأولويات في توفير التمويل للمشاريع المتعلقة بالتكيف مع التغير المناخي وتعزيز قدرات لبنان في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا الخضراء والتعليم والتدريب، ونأمل أن يشجع COP28 على إصلاح المنظومة الاقتصادية وهي المنظومة الأكثر انهيارا وأيضًا المتوقف عليها كل الإصلاحات، وأتوقع أن تكون المساندة دعما ماديا من الدول الكبرى وتبادل التجارب الناجحة، ومن خلال COP28، يمكن أن تكون الإمارات العربية المتحدة محورًا لتحفيز العالم على التحرك وتقديم حلول حقيقية وملموسة للبلدان المستضعفة والمتأثرة بالتغير المناخي، بما في ذلك لبنان.

سامر الحلبي

تأثير التغيرات المناخية على السياحة في لبنان

وعلق مدير مستشفى "بربرا"، اللبناني هاني نصار بقوله، إن الأزمات عصفت بالمجتمع اللبناني ولم نعد نشاهد لبنان كما كان في السابق، وبالطبع يؤثر هذا على جودة الحياة كلها، ومن ضمن المؤثرات السلبية في المجتمع اللبناني كان التغير المناخي، وُيعتبر قطاع السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية في لبنان، ولكنه يواجه تحديات جمة، وللعلم كان لبنان يشهد صناعة سياحية نشطة، حيث يعد البلد وجهة سياحية مشهورة على المستوى الإقليمي والعالمي، على سبيل المثال، سجل البلد في عام 2019 وصول أكثر من 2.1 مليون سائح، ما ساهم في إيرادات تقدر بحوالي 8.5 مليار دولار أمريكي. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، كانت السياحة تعتبر مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة ومحفزًا للنمو الاقتصادي في البلاد، ومع ذلك، تعاني صناعة السياحة في لبنان من تأثيرات التغيرات المناخية السلبية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتدهور جودة الهواء، حيث يشهد لبنان زيادة في درجات الحرارة خاصة خلال فصل الصيف، ما يؤثر سلبًا على السياحة الشاطئية والنشاطات الخارجية، كما يعاني لبنان من تلوث الهواء والتلوث البيئي، ما يضر بالمشهد الطبيعي ويقلل من جاذبية الوجهات السياحية، وتتسبب التغيرات المناخية أيضًا في زيادة تكرار الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف والحرائق الغابات هذه الكوارث تؤثر سلبًا على البنى التحتية السياحية وتعرض المعابد للخطر، ما يؤدي إلى تراجع في السياحة وتكبد خسائر اقتصادية كبيرة. 

وعن كيفية مواجهة هذه التحديات بنظره تابع، يحتاج قطاع السياحة في لبنان إلى حلول فعالة على الصعيد الدولي والمحلي، يمكن لمؤتمر الأطراف COP28 أن يلعب دورًا هامًا في تقديم حلول فعالة، يتعين على الدول الأعضاء في المؤتمر التعاون والتعاطي مع التحديات المناخية بشكل جماعي واتخاذ إجراءات قوية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع آثار التغيرات المناخية، وعلى المستوى المحلي، يتطلب تعزيز قدرة لبنان على مواجهة تحديات التغير المناخي وحماية قطاع السياحة، كذلك يجب تشجيع المشاريع السياحية التي تستخدم مصادر الطاقة المتجددة وتعتمد على الممارسات البيئية المستدامة.

نصار لنقطة عالسطر: أدوية السرطان فُقدت ولم نعد تستطع تأمين ما يَلزم - Voice  of Lebanon - صوت لبنان

 هاني نصار 

تأثير التغيرات المناخية على الصحة في لبنان

 وعلق متخصص طب الأطفال في بيروت، الدكتور روني صياد بقوله، إن من أكثر القطاعات معاناة في لبنان هو قطاع الصحة، والأرقام رغم فجاعتها لا تعبر عن الواقع فالواقع أصعب بكثير، ولا شك أن كثيرا من التحديات والتأثيرات السلبية في القطاع كانت بسبب التغيرات المناخية، وسبق وأعلنت المنظمة العالمية للصحة، أن التغيرات المناخية من أكبر التحديات الصحية في القرن الحادي والعشرين، حيث تؤثر على الصحة العامة وتضعف قدرة الأنظمة الصحية على التكيف، ولبنان كغيره من الدول المتضررة يشهد العديد من المشكلات الصحية المرتبطة بالتغيرات المناخية، مثل زيادة في درجات الحرارة، وخاصة خلال فصل الصيف، ويتسبب ارتفاع درجات الحرارة في زيادة حدة الأمراض المرتبطة بالحرارة مثل الضربات الشمسية والتعرق الزائد والإجهاد الحراري.

وأضاف في تصريح لـ"جسور بوست"، لبنان الذي عرف بجمال طبيعته الآن يعاني من تلوث الهواء الناجم عن انبعاثات المركبات والصناعات وحرائق النفايات، وعلميًا يؤدي التلوث الهوائي إلى زيادة حالات الأمراض التنفسية والأمراض المزمنة مثل الربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، لقد ازدادت الحالات المرضية بين الأطفال خاصة حيث إنهم هم الفئة الأضعف في مواجهة تلك التحديات، ولنفكر ما الذي يمكن أن يسببه الفيضان والجفاف والزلازل والعواصف الرعدية في لبنان، هذه الكوارث تؤدي إلى انهيار البنى التحتية الصحية وتعرض السكان للخطر وتزيد من انتشار الأمراض المعدية. 

وتابع، يعاني حوالي 90% من السكان اللبنانيين من تلوث الهواء، ما يزيد من حالات الأمراض التنفسية والأمراض المزمنة، ويعاني نحو 50% من السكان من ارتفاع مستويات التلوث البيئي والمياه غير الصحية، ما يؤثر على الصحة العامة ويزيد من انتشار الأمراض المعوية والملاريا والديدان الطفيلية، ويعد التغير المناخي سببًا مباشرًا لانتشار الأمراض المعدية، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات في نمط الأمطار إلى زيادة انتشار البعوض المحمل بالأمراض مثل حمى الضنك والملاريا، أيضًا تؤثر التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي والأمان الغذائي، ويتعرض السكان لنقص التغذية ونقص الأمن الغذائي بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وتدهور الإنتاج الزراعي.

د. روني صياد مختص طبيب الأطفال في بيروت - trakMD

الدكتور روني صياد

وعن الحل لهذه التحديات، قال إن هناك حاجة إلى جهود دولية ومحلية مشتركة لحل الأزمة بشكل عام، ويمكن لمؤتمر الأطراف COP28، الذي يعد أحد أهم الفعاليات الدولية لمكافحة التغير المناخي، أن يساهم في تقديم حلول فعالة، كذلك سيساعد جدا الوضع إذا ما تم تعزيز قدرة النظام الصحي في لبنان على التكيف مع التغيرات المناخية من خلال تعزيز القدرات وتطوير استراتيجيات التكيف الملائمة، وأن تكون الجهود المحلية موجهة نحو تعزيز التنمية المستدامة والاستدامة البيئية، والتي تعزز الصحة العامة وتحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية