"كوب 28" بالإمارات.. القافلة تسير بالإنجازات وذئاب الحقد تعوي بالاتهامات

"كوب 28" بالإمارات.. القافلة تسير بالإنجازات وذئاب الحقد تعوي بالاتهامات

بصفحة جديدة من نجاح منقطع النظير، استكملت دولة الإمارات العربية المتحدة، مساراتها وإنجازاتها المضيئة في تنظيمها لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغير المناخ “كوب 28”

وتستضيف الإمارات (COP 28) بين 30 نوفمبر و12 ديسمبر 2023 في دبي بمدينة إكسبو دبي، والذي دعا إلى الوفاء بالتعهدات السابقة بتوفير 100 مليار دولار دعما للبلدان النامية لمواجهة التأثيرات المناخية القاسية على هذه البلاد.

ووفق خبراء ومراقبين، يتميز المؤتمر الأممي هذا العام بالقدرة على تشجيع وتحفيز التقدم التكنولوجي، وتعزيز حلول أكثر كفاءة وفعالية من حيث استخدام الطاقة المستدامة، وتحسين مصادر الطاقة المتجددة، وضمان الانتقال السريع إلى عالم أنظف وأكثر اخضرارا.

وخلال العقدين الماضيين، تلعب الإمارات دوراً رئيسياً في قيادة الجهود العالمية لمواجهة أزمة التغيّرات المناخية، ولا تترك باباً للمساهمة وتقديم الحلول إلا وطرقته، إضافة إلى تحقيق العديد من الإنجازات أبرزها تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي.

وتستثمر الإمارات بقوة في مجال الطاقة الشمسية والتي تعد أكثر نظافة وأقل تكلفة ومنطقية أكثر في منطقة تعاني من التوترات السياسية والإرهاب، إذ يأتي ذلك على طريق تحقيق هدف الحياد المناخي بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050.

إنجازات بالأرقام

في أكبر صفقة منفردة بمؤتمر (COP 28) تعهدت دولة الإمارات بـ30 مليار دولار لصندوق جديد للاستثمار في مشاريع صديقة للمناخ في أنحاء العالم، منها 5 مليارات دولار لصالح الدول النامية التي تقع في جنوب الكرة الأرضية.

وأعلنت الإمارات أيضا حشد أكثر من 83 مليار دولار خلال الأيام الخمسة الأولى من المؤتمر، إضافة إلى إقرار 11 إعلانا واتفاقا للمرة الأولى في مجالات الصحة والغذاء والطاقة المتجددة.

وتعهدت بنوك إماراتية بحشد تريليون درهم، أي ما يعادل 270 مليار دولار للتمويل الأخضر، كما وافقت 52 شركة تمثل 40 بالمئة من إنتاج النفط والغاز على ميثاق إزالة الكربون.

وأطلقت الإمارات خارطة طريق لخفض الكربون في القطاع الصناعي، بنسبة 93 بالمئة بحلول 2050، إذ تركز على الصناعات التي تشهد تحديات في تقليل الانبعاثات، مثل الإسمنت والحديد والصلب والألومنيوم.

ومن المقرر أن تحقق خارطة الطريق انخفاضا بمقدار 90 مليون طن من الكربون سنوياً، و2.9 جيجا طن بشكل تراكمي حتى عام 2050، كما تساهم في تبني وتوظيف حلول الكهرباء النظيفة في تحقيق 41 بالمئة من نسبة خفض الكربون المستهدفة بحلول العام نفسه.

وحقق المؤتمر الأممي توافقات تاريخية أدت إلى إصدار الكثير من الإعلانات والتعهدات التي دعمتها عشرات الدول، إذ وافقت 141 دولة على إعلان الإمارات بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية المرنة والعمل المناخي، و135 دولة على إعلان الإمارات بشأن المناخ والصحة.

ودعمت 123 دولة، التعهد بزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة 3 مرات ومضاعفة كفاءة الطاقة عالميا، ووافقت 75 دولة على إعلان الإمارات بشأن المناخ والإغاثة والتعافي والسلام، و73 دولة على إعلان الإمارات بشأن مراعاة المساواة بين الجنسين في التحولات الداعمة للعمل المناخي.

ووافقت 66 دولة على تعهد "التحالف من أجل الشراكات متعددة المستويات عالية الطموح"، و63 دولة على إعلان الإمارات بشأن التبريد، ووافقت 52 دولة على ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز، و38 دولة على إعلان الإمارات بشأن الهيدروجين منخفض الانبعاثات، ودعمت 13 دولة إعلان الإمارات بشأن التمويل المناخي.

اتهامات زائفة

وكعادة الأشجار المثمرة دائماً ما تُرمى بالحجارة والأحقاد، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش (غير حكومية مقرها نيويورك) والمعروفة بمواقفها المعادية للعرب، تقريرا بشأن خضوع المشاركين في مؤتمر المناخ لرقابة واسعة من قبل السلطات الإماراتية.

ودوّن التقرير ادعاء بأن المشاركين سيخضعون للرقابة الحكومية فور وصولهم إلى دبي، وستقوم السلطات بمسح وجوه وقزحيات المشاركين في برنامج اختياري في مطار دبي الدولي يُعرف باسم "البوابات الذكية"، إضافة إلى استخدام شبكة واسعة من كاميرات المراقبة في جميع أنحاء دبي للتعرف على جميع الزوار بناء على بيانات الجمارك أثناء تنقلهم في المدينة.

وواصل التقرير تلك الادعاءات المزيفة بقيام الحكومة الإماراتية برقابة واسعة على الاتصالات والمنشورات والتعليقات للمشاركين على الإنترنت، واعتراض رسائلهم النصية، ومسح حركة نقل بياناتهم على الشبكة العنكبوتية.

وعلى صعيد مواز، نشرت وسائل الإعلام قصصًا بناءً على ما وصف بـ"الوثائق المسربة" لمركز "تقارير المناخ" المسجل في بريطانيا، بأن فريق رئاسة COP28 سعى إلى استخدام محادثات المؤتمر الأممي لإبرام صفقات الوقود الأحفوري لشركة النفط والغاز المملوكة للدولة في الإمارات.

بدوره، نفى وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعيّن لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، تلك الاتهامات، قائلا: "هذه الادعاءات كاذبة وغير صحيحة وغير دقيقة.. دعوني أطرح عليكم سؤالًا: هل تعتقدون أن دولة الإمارات أو أنا، سوف نحتاج إلى مؤتمر الأطراف، لإقامة صفقات تجارية؟".

وأضاف الجابر: "لقد تم بناء هذا البلد على مدار الخمسين عامًا الماضية حول قدرته على إقامة الجسور والعلاقات والشراكات، لقد كان كل اجتماع أجريته مع كل حكومة لأي جهة معنية أخرى يتمحور حول شيء واحد فقط وهو جدول أعمال COP28 وكيف يمكننا بشكل جماعي اعتماد عقلية تتمحور حول التنفيذ والعمل على إبقاء 1.5 في متناول اليد".

ومضى قائلا: "في بعض الأحيان يقال لي إنك بحاجة إلى التعامل مع الحكومات ومع شركات النفط والغاز لممارسة الضغط، وأحيانا يقال لي إنك لا تستطيع القيام بذلك، يتم انتقادنا إذا فعلنا ذلك أو إذا لم نفعل ذلك".

ونصت اتفاقية باريس عام 2015 على أن العالم يجب أن يحاول الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، ويقول الخبراء إن تجاوز هذه العتبة سيجعل من الصعب التكيف على الحياة على الأرض.

الدكتور سلطان بن أحمد الجابر

أغراض خفية

بدوره، عزا الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ ورئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية والاستدامة بالألكسو- جامعة الدول العربية، وسفير ميثاق المناخ الأوروبي في مصر 2022 السفير مصطفى الشربيني، أسباب تزايد الانتقادات لرئاسة قمة COP28 إلى النتائج المحتملة لمحادثات الاتفاقية والتي ستكون بـ"التخلص التدريجي المنظم والعادل من الوقود الأحفوري".

وأوضح الشربيني أن مسودة الاتفاقية تتضمن توسيع نطاق تكنولوجيا احتجاز الكربون، وهو ما من المرجح أن يثير معارضة من بعض الدول التي تشعر بالقلق من استخدام مثل هذه التقنيات الناشئة لتبرير الاستخدام المستمر للوقود الأحفوري.

وتابع: "أثير في وقت سابق أنباء عن أن سلطان الجابر هو الرئيس التنفيذي لشركة أدنوك وهي شركة النفط الحكومية في الإمارات وبالتالي يتعارض ذلك مع رئاسته لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28، رغم أنه يعد أحد الوجوه البارزة للطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة".

وأضاف: "تلك الاتهامات أثارت غضب رئيس COP28، ما دفعه لتوضيح أنه شخص قضى معظم حياته المهنية في الاستدامة والتنمية الاقتصادية المستدامة وإدارة المشاريع والطاقة المتجددة، وبالفعل نجح في تهدئة عدد من المتشككين في الفترة التي سبقت القمة".

وفسر الشربيني هذا الهجوم بقوله: "في مؤتمر يونيو 2023 الذي استضافته مدينة بون بألمانيا، وصف الجابر خفض استخدام الوقود الأحفوري بأنه حتمي، وهي خطوة غير مسبوقة لمسؤول خليجي، وفي الشهر التالي أكد الجابر في رسالة إلى مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين أن التخفيض التدريجي للطلب على جميع أنواع الوقود الأحفوري وتوريدها أمر لا مفر منه وضروري، محددًا أهدافًا طموحة للطاقات المتجددة وتمويل المناخ".

السفير مصطفى الشربيني

لكن قبل أيام قليلة من افتتاح القمة، كشف تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن أن الإمارات تخطط لاستغلال دورها كمضيف لمحادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ كفرصة لإبرام صفقات النفط والغاز، وهي الاتهامات التي نفاها الجابر على الفور، مؤكدا أن ما يتردد عن استخدم رئاسة مؤتمر الأطراف لمتابعة صفقات الوقود الأحفوري الجديدة "مزاعم كاذبة".

وقال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، إن الجابر في وضع أفضل لإخبار صناعة النفط بأن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ضروري، كما أنه كان عضوا في منظمة غير حكومية ذات سجل قوي للغاية في مجال الدفاع عن المناخ.

لكن الجابر قال إن شركات النفط جاءت إلى طاولة مؤتمر الأطراف، ورغم أن لديها الكثير للقيام به فإنها "سارعت للانضمام إلى هذه الرحلة التي غيرت قواعد اللعبة".

وقال الجابر: "إنهم قادرون على قيادة الطريق، ومن ثم فإن قيادة الطريق ستضمن أن الآخرين يتبعونهم ويلحقون بالركب، وأنه من الضروري عدم ترك أي قضية مطروحة على الطاولة، يجب أن نبحث عن سبل ونضمن إدراج دور الوقود الأحفوري.

وأضاف: "إنني أتفق تماما مع رأي رئيس اتفاقية باريس سيمون استيل بأن إذا لم نشر إلى الانحدار النهائي لعصر الوقود الأحفوري كما نعرفه، فإننا نرحب بتراجعنا النهائي، ونختار أن ندافع عن أرواح الناس".
 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية