مؤتمر المناخ COP28: خطة أممية لخفض انبعاثات نظم الأغذية الزراعية
مؤتمر المناخ COP28: خطة أممية لخفض انبعاثات نظم الأغذية الزراعية
مع اقتراب مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) من ختام فعالياته في دبي، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) يوم الأحد خطة رائدة تتطلع إلى تحويل أنظمة الأغذية الزراعية في العالم "من مصادر للانبعاثات إلى بالوعات للكربون بحلول عام 2050"، يمكنها أن تمتص سنويا 1.5 غيغا طن من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وحددت منظمة الفاو 10 مجالات ذات أولوية -مثل الثروة الحيوانية والتربة والمياه والمحاصيل والنظم الغذائية ومصائد الأسماك- يمكن أن تساعد العالم في الاقتراب من تحقيق هدف "القضاء على الجوع"، وهو الهدف الثاني من أهـداف التنمية المستدامة، وفقا لموقع أخبار الأمم المتحدة.
وتهدف خريطة الطريق هذه إلى إحداث تحول في أنظمة الأغذية الزراعية، التي تشمل كيفية زراعة وإنتاج الطعام الذي نأكله، ونقله، وفي النهاية، كيف وأين نتخلص منه.
كما تهدف الخطة إلى المساعدة في القضاء على الجوع في العالم دون دفع الكوكب إلى تجاوز حد الـ1.5 درجة مئوية على النحو الذي حدده اتفاق باريس.
وعلى هامش مؤتمر المناخ في دبي، صرح مدير قسم اقتصاديات الأغذية الزراعية في منظمة الفاو ديفيد لابورد، بأن خريطة الطريق صممت لتجنب "الهلاك" بسبب التغير المناخي وخلق سبل للعمل اليوم في مجال المناخ بطريقة يمكن أن يستفيد منها الجميع الآن وفي المستقبل.
وأضاف: "نحن بحاجة إلى أن يتحرك صناع السياسات، نحن بحاجة إلى تعبئة المجتمع المدني وأن يفهم القطاع الخاص أن اتخاذ خيارات أفضل اليوم يعني جعل الاستثمارات أكثر استدامة وربحية للغد".
نقطة انطلاق جيدة
وبدوره، قال كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة، ماكسيمو توريرو، لأخبار الأمم المتحدة إن الهدف من خريطة الطريق هذه هو تحويل أنظمة الأغذية الزراعية من خلال إجراءات مناخية متسارعة "للمساعدة في تحقيق الأمن الغذائي والتغذية للجميع، اليوم وغدا".
ومع معاناة حوالي 738 مليون شخص من سوء التغذية المزمن في جميع أنحاء العالم، قال السيد توريرو إن الغذاء يجب أن يكون جزءا من النقاش حول المناخ ويجب أن يجذب الاستثمارات المناخية، التي لا تتجاوز حاليا أربعة بالمئة.
وفي تقرير متصل بخريطة الطريق، قالت منظمة الفاو إن تدفق تمويل المناخ إلى أنظمة الأغذية الزراعية منخفض بشكل لافت للنظر ويستمر في التناقص مقارنة بتدفقات تمويل المناخ العالمي، في وقت تمس فيه الحاجة لهذا النوع من التمويل.
وقال إن العمل الذي يتم إنجازه في COP28 هو "نقطة انطلاق جيدة"، ويمكن لخريطة الطريق هذه أن توفر إرشادات لتنفيذ إعلان دولة الإمارات بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية المرنة والعمل المناخي، الذي تم إطلاقه في افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ.
تسريع التنفيذ
تم إطلاق مبادرة الفاو في اليوم المخصص للأغذية والزراعة والمياه في مدينة إكسبو بدبي، حيث اجتمع الوزراء وغيرهم من كبار المسؤولين لمناقشة المسارات نحو تنفيذ إعلان الإمارات، الذي وقعته الآن أكثر من 150 دولة.
وفي رسالة إلى الفعالية رفيعة المستوى، قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، إن الإعلان هو بمثابة "بيان قوي للإرادة السياسية لدفع التحولات التي نحتاج إليها" مع سرعة اقتراب الموعد النهائي لتحقيق خطة عام 2030.
"مع تبقي سبع سنوات لتحقيق أهدافنا المتعلقة بالتنمية المستدامة والمناخ، نحتاج إلى تعزيز جهودنا الجماعية، بشكل عاجل، باستخدام النظم الغذائية بوصفها أداة لتسريع التنفيذ".
وأضافت أمينة محمد أن أي طريق لتحقيق الأهداف طويلة المدى لاتفاق باريس، بشكل كامل، يجب أن يشمل الزراعة والنظم الغذائية التي تصدر أكثر من ثلث الانبعاثات.
"ثورة الأعشاب البحرية"
الأعشاب البحرية يمكن أن توفر حلولا مبتكرة لبعض التحديات العالمية الأكثر إلحاحا التي تواجهها البشرية اليوم، وهي تعد "أعظم مورد غير مستغل لدينا على هذا الكوكب"، وفقا لكبير مستشاري الاتفاق العالمي للأمم المتحدة لشؤون المحيطات فنسنت دوميزل.
وقال إنه يقود "ثورة الأعشاب البحرية" التي يمكن أن تساعد ليس فقط في معالجة أزمة المناخ، ولكن أيضا الأمن الغذائي والأزمات الاجتماعية.
وسلط دوميزل الضوء على القدرة الهائلة للأعشاب البحرية على امتصاص الكربون وأن تكون بديلا مستداما للمواد البلاستيكية، ما يجعلها أداة عظيمة للتخفيف من آثار تغير المناخ واستعادة التنوع البيولوجي.. وأضاف: "يمكن أن تنمو الأعشاب البحرية بسرعة كبيرة تصل إلى 40 سم في اليوم لتصل إلى ارتفاع 60 مترا>. لذلك، فهي غابة حقيقية، وتمتص الكربون أكثر من غابات الأمازون".
وقال خبير المحيطات إن النظم الغذائية -التي عفا عليها الزمن- هي من بين أكبر الجهات المساهمة في تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، وندرة المياه، واستنزاف التربة، والظلم الاجتماعي، "مع وجود عدد هائل من مستعبدي العصر الحديث" الذين يُستغلون في هذه النظم الغذائية.
وقال إن زراعة الأعشاب البحرية في شرق إفريقيا أثبتت بالفعل قدرتها على خلق فرص العمل وتمكين المرأة حيث "يذهب 80 في المئة من الإيرادات إلى النساء".
وأشار دوميزل إلى أنه على الرغم من كونها مغذية ومليئة بالبروتين، فإن معظم الأعشاب البحرية الصغيرة التي نتناولها اليوم يتم جمعها من الشواطئ.
وشدد على ضرورة "تغيير سردية" الخوف والهلاك التي تقدم للأجيال القادمة و"إطعامها بالأمل والتفاؤل".
وأضاف: "أعتقد أننا إذا تعلمنا زراعة المحيطات، فسوف يتذكرنا الناس باعتبارنا الجيل الأول على هذا الكوكب الذي سيكون قادرا على إطعام جميع السكان مع التخفيف من تغير المناخ، مع استعادة التنوع البيولوجي وتخفيف الفقر".
مؤتمر المناخ COP 28
تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28"، لمناقشة التحديات المناخية وتداعياتها على حقوق الإنسان، وإيجاد الحلول والبدائل من خلال الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة وعرض فرص التنمية الاقتصادية المستدامة.
وبدأت فعاليات المؤتمر الدولي بين 30 نوفمبر و12 ديسمبر 2023 في مدينة إكسبو دبي مساهمة نحو التوافق العالمي لحل أزمة المناخ.
يعتبر مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 حدثا مفصليا على صعيد مواجهة تحديات تغير المناخ ومناقشة سبل المحافظة على النظم البيئية، حيث ستقوم الدول المشاركة لأول مرة بتقييم مدى تقدمها في تنفيذ اتفاق باريس للمناخ 2015.
ويشكل COP28 منصة فاعلة لتحقيق أعلى الطموحات المناخية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، لما فيه مصلحة أجيال الحاضر والمستقبل، وإتاحة الفرصة لجميع الدول والقطاعات وفئات المجتمع للتعاون وتوحيد الجهود، خاصة في الوقت الذي تتنامى فيه أهمية وضرورة العمل المناخي العالمي.