الألغام تحصد أرواح السوريين.. طفل يفارق الحياة في درعا ومواطن يصاب بحماة

الألغام تحصد أرواح السوريين.. طفل يفارق الحياة في درعا ومواطن يصاب بحماة
منطقة سورية بها ألغام

استيقظ أهالي ريف درعا صباح الخميس على مأساة جديدة تضاف إلى سلسلة طويلة من الحوادث المروعة التي تسببت بها مخلفات الحرب في سوريا، فقد استشهد طفل متأثراً بجراح أصيب بها قبل أيام نتيجة انفجار لغم أرضي في حقل الرمي العسكري السابق بمحيط قرية كريم الشمالي، في حين كان يرعى قطيع المواشي، ليصبح ضحية جديدة في سجل لم يتوقف عن التمدد منذ سنوات.

وفي حادث منفصل، أصيب مواطن بجراح متفاوتة الخطورة في ريف حماة الشرقي إثر انفجار لغم من مخلفات الحرب، وتم إسعافه إلى مستشفى سلمية لتلقي العلاج اللازم.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان تؤكد هذه الحوادث التي تتكرر بشكل شبه يومي، استمرار الخطر الداهم الذي تشكله الألغام والذخائر غير المنفجرة على المدنيين، ولا سيما الأطفال والمزارعين والرعاة الذين يتنقلون في المناطق الزراعية أو البعيدة عن المراكز السكانية.

عمليات نزع بطيئة

رغم مرور أكثر من عقد على اندلاع الحرب السورية، ما زالت الأرض السورية مزروعة بآلاف الألغام والأجسام المتفجرة التي خلفتها سنوات من المعارك بين أطراف متعددة.

وتشير تقارير منظمات محلية إلى أن عمليات نزع الألغام تسير بوتيرة بطيئة للغاية، في ظل غياب برنامج وطني شامل أو تنسيق فعّال مع الجهات الدولية المتخصصة في هذا المجال.

تشكل مخلفات الحرب تهديداً دائماً للأهالي في مختلف المناطق السورية، إذ تتوزع حقول الألغام في أراضٍ زراعية ومناطق رعي وطرق فرعية، ما يجعل من الصعب على المدنيين تجنبها.

ومع تراجع مستويات الوعي بمخاطر هذه المواد المتفجرة وغياب حملات التوعية المجتمعية المنظمة، تتزايد الحوادث التي تودي بحياة الأطفال والنساء بشكل خاص.

إحصائيات الضحايا

الأرقام الصادرة عن منظمات حقوقية وإنسانية ترسم صورة قاتمة للوضع، فمنذ سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر عام 2024 وحتى اليوم، استشهد وأصيب ما لا يقل عن 1395 شخصاً نتيجة انفجار ألغام أو ذخائر من مخلفات الحرب، منهم مئات الأطفال والنساء الذين وجدوا أنفسهم ضحايا لأجسام قاتلة تركتها سنوات الصراع دون معالجة.

وفي مناطق سيطرة حكومة دمشق وحدها، وثّق مقتل 503 مدنيين، منهم 27 سيدة و137 طفلاً، ومنهم ثمانية أشخاص لقوا حتفهم أثناء جمع نبات الكمأة في المناطق الصحراوية، بينهم سيدة وطفل. كما أصيب 547 آخرون، من بينهم 233 طفلاً و17 سيدة.

أما في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي البلاد، فقد بلغ عدد الضحايا 43 شخصاً، بينهم 4 سيدات و19 طفلاً، في حين أصيب 73 آخرون بجروح متفاوتة، نصفهم تقريباً من الأطفال. وفي مناطق سيطرة الجيش الوطني شمالي سوريا، وثقت منظمات محلية مقتل 101 مدني، بينهم 13 سيدة و28 طفلاً، إضافة إلى إصابة 115 آخرين، بينهم 44 طفلاً و8 سيدات.

تلك الأرقام، وإن كانت تعكس جزءاً من الواقع، إلا أنها لا تعبّر بالكامل عن حجم الكارثة الإنسانية، إذ تشير تقديرات غير رسمية إلى أن العدد الفعلي للضحايا قد يكون أعلى بكثير في ظل غياب التوثيق الكامل وصعوبة الوصول إلى المناطق الملوثة بالألغام.

تواصل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية الدعوة إلى تحرك عاجل من أجل نزع الألغام وتطهير الأراضي الملوثة، معتبرة أن استمرار تجاهل هذه الأزمة الإنسانية يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق المدنيين في الحياة والأمان، وتشدد هذه الجهات على أن الألغام لا تقتل فقط من تصيبهم مباشرة، بل تزرع الخوف وتمنع المجتمعات من استعادة حياتها الطبيعية وبناء مستقبل آمن لأطفالها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية