نحو برامج حكومية لمكافحة العنف ضد المرأة
نحو برامج حكومية لمكافحة العنف ضد المرأة
لا يخفى على أحد أن المنظمات والهيئات الأممية، خاصة المعنية بحقوق الإنسان أو التي تركز على تنمية وتعزيز حقوق المرأة، تواجه في الأعوام الأخيرة أزمات حادة، ربما أشدها أزمة التمويل، بعدما وجّهت دول عدة المخصصات التي كانت تُرصد لهذا الغرض إلى أغراض أخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ومن المتوقع أن تواجه الأمم المتحدة أزمة في تمويل ميزانية عام 2026 ما لم تسدد الدول الأعضاء التزاماتها بالكامل.
أثرت أزمة التمويل في مختلف أنشطة الأمم المتحدة، واضطرتها إلى تخفيض عدد موظفيها، وتعليق مؤقت لبعض برامجها في دول العالم، كما انعكست أيضًا على المساعدات التي يتلقاها اللاجئون في مناطق عدة من قبل الهيئات الأممية.. وربما كانت المنظمات المعنية بحقوق المرأة هي الأكثر تأثرًا، إذ تكافح لمواجهة أشكال العنف ضد النساء في مختلف المجالات.
تكشف الأرقام حجم الأزمة التي وصلت إليها المؤسسات والمنظمات المعنية بحقوق المرأة حول العالم. ففي مايو الماضي، أعلنت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن نصف المنظمات التي تقودها النساء ومنظمات حقوق المرأة في مناطق الأزمات الإنسانية أغلقت أبوابها خلال ستة أشهر بسبب انخفاض التمويل.
وفي استطلاع أجرته الهيئة، أفادت 90% من أصل 411 منظمة نسائية في 44 دولة متأثرة بالأزمات بأنها تضررت من انخفاض المساعدات الخارجية، وقد خفّضت أكثر من 60% منها خدماتها بالفعل.
يحدث هذا في ظل مؤشرات مفزعة حول أوضاع حقوق المرأة والعنف الممارس ضدها. فعلى سبيل المثال، تموت أكثر من 500 امرأة وفتاة يوميًا بسبب مضاعفات الحمل والولادة التي يمكن الوقاية منها، وتشير التقديرات إلى أن 736 مليون امرأة -أي ما يقرب من واحدة من كل ثلاث نساء- تعرضن للعنف الجسدي.
وقبل أيام، صدر تقرير جديد عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة يفيد بأن برامج مكافحة العنف ضد المرأة تأثرت بشدة بنقص التمويل، حيث علّقت أكثر من ثلث منظمات حقوق المرأة والمجتمع المدني التي شملها استطلاع عالمي للهيئة (428 منظمة) برامجها لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات أو أوقفتها تمامًا.
من هذا المنطلق، يُطرح السؤال: ما الحل؟ وكيف يمكن مواجهة تلك الأزمة، خاصة في دولنا الشرق أوسطية التي تعاني من مناطق أزمات عدة، وحتى في الدول المستقرة نسبيًا؟
من الضروري أن تبدأ الحكومات في وضع خطط واستراتيجيات وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، لا تعتمد فقط على جهود منظمات المجتمع المدني أو على الشراكات التمويلية، بما يضمن استمرار تلك البرامج واستدامتها.
لقد أصبحت الحاجة ملحّة لتدخل الحكومات بشكل مباشر لدعم وتمويل برامج حماية المرأة وتمكينها، مع الاستفادة من التجارب الرائدة في هذا المجال، وتبادل الخبرات بين الدول، خاصة بعد أن أصبحت منظمات المجتمع المدني غير قادرة على أداء هذا الدور بمفردها دون دعم رسمي من الدول.











