"الإيكونوميست" ترصد أكبر 5 مفاجآت في أسواق المال خلال 2023
"الإيكونوميست" ترصد أكبر 5 مفاجآت في أسواق المال خلال 2023
واجه المستثمرون في الأسواق المالية، أوقاتا صعبة إلى حد غير عادي في عام 2023، فقد بدأ العام باتفاق واسع النطاق على أن أسعار الفائدة المرتفعة في عام 2022 من شأنها أن تتسبب في حدوث ركود في معظم أنحاء العالم، ولكن قد تبين خطأ ذلك، وكان المستقبل لديه شيء آخر، حيث واجه المتنبئون بكارثة رهيبة ولم تكن الافتراضات الاقتصادية وحدها هي التي انقلبت.
وفي ما يلي مفاجآت السوق الكبيرة الأخرى لعام 2023، وفقا لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية:
ارتفاع أسعار الفائدة وعائدات السندات
بدأ العام بالتشكك في مصداقية بنك الاحتياطي الفيدرالي، وكان المسؤولون عن تحديد أسعار الفائدة يقضون تسعة أشهر في تشديد السياسة النقدية في كل مرة يجتمعون فيها، واستغل رئيسهم، جيروم باول، كل فرصة لإصدار أصوات متشددة، ومع ذلك لم تستجب السوق لذلك متوقعة أن يتراجع البنك المركزي ويبدأ في خفض أسعار الفائدة في غضون أشهر.
ومن خلال الاستمرار في رفع أسعار الفائدة حتى وسط الاضطرابات، نجح بنك الاحتياطي الفيدرالي أخيراً في إقناع المستثمرين بجدية الأمر، وقبلت السوق توقعات المسؤولين بشأن المكان الذي سينتهي فيه سعر الفائدة القياسي هذا العام، في حين ارتفعت العائدات الأطول أجلا على السندات الحكومية بشكل متزايد.
أما سندات الخزانة الأمريكية لعشر سنوات، والتي سجلت أدنى مستوياتها عند 3.2% في إبريل، فقد ارتفعت بنسبة 5% في أكتوبر، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2007، وأصبح شعار السوق "الارتفاع لفترة أطول".
تراجع العائدات بشكل كبير
قارن هيو بيل، من بنك إنجلترا، المسار المستقبلي لأسعار الفائدة بجبل تيبل المسطح في كيب تاون، بجبل ماترهورن المثلث، حتى عكس كلاهما المسار بشكل أصعب مما توقعه أي شخص، وفي غضون أسابيع من تعليقات "بيل"، بدأت العائدات في هبوط واضح يشبه "ماترهورن".
وأصبحت الآن الديون الحكومية الأمريكية والبريطانية والألمانية لأجل عشر سنوات، أقل بنحو نقطة مئوية عن ذروتها، وهو ما يعادل حفلة في سوق السندات، حيث ترتفع الأسعار مع انخفاض العائدات.
وسيطر المزاج الاحتفالي في الأسواق، حيث أدى إصدار البيانات تلو الأخرى إلى تحفيز الآمال في أن التضخم كان يتلاشى وأن محافظي البنوك المركزية قد لا يحتاجون إلى أن يكونوا متشددين على الإطلاق.
ودفع هذا "باول" إلى الرد، خوفا من أن انخفاض تكاليف الاقتراض قد يحفز الاقتصاد ويبطل عمله في مكافحة التضخم، وبدلاً من ذلك، قام رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بتوجيه لكمة قوية إلى الحاضرين، وفي ديسمبر أعلن أن المسؤولين يناقشون بالفعل تخفيضات أسعار الفائدة، والتي تصور حدوثها "قبل وقت طويل" من وصول التضخم إلى هدفه البالغ 2%.
تجاهل الأسواق الأخرى تقلبات أسعار الفائدة
هناك أشياء قليلة أكثر أهمية بالنسبة للنظام المالي من العائدات "الآمنة" المتاحة على السندات الحكومية وتأثيراتها على تكاليف اقتراض الجميع، لذا ربما كان من المتوقع أن تؤدي التقلبات الواسعة في هذه العائدات على مدار العام إلى جعل جميع أنواع فئات الأصول تبدو متذبذبة، وبدلا من ذلك، أظهر معظمهم مرونة ملحوظة.
وكان المستثمرون يشعرون بالقلق من أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يجعل المقترضين المدينين غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم، ومع ذلك، بعد عامين من هذه الزيادات، بلغ معدل التخلف عن السداد السنوي على السندات الأمريكية الأكثر خطورة "عالية العائد" 3.8% فقط، أي أقل من متوسطه طويل الأجل البالغ 4.5%، ولا يقترب من الذروة التي تم الوصول إليها خلال سنوات الأزمة مثل 2009 أو 2020، وبالتالي فقد حظي المستثمرون في مثل هذه الديون بعام ممتاز، حيث حقق مؤشر بنك أوف أميركا المرتفع العائد 13%.
وكانت القصة في الأسواق الأخرى التي يفترض أنها حساسة لسعر الفائدة مماثلة، بدأت أسعار المساكن العالمية في الارتفاع مرة أخرى بعد فترة قصيرة من التقلب، وارتفع الذهب بنسبة 12%، وحتى عملة البيتكوين -الطفل المدلل لعصر المال الرخيص- ارتفعت إلى عنان السماء.
نسبة عالية من الذكاء الاصطناعي
كان تعافي سوق الأوراق المالية الأمريكية أقل إثارة من تعافي عملة البيتكوين، ولكنه في بعض النواحي كان أكثر إثارة للدهشة، بعد أن انخفض بنسبة 19% على مدار عام 2022، استعاد مؤشر الأسهم S&P 500 جميع خسائره تقريبًا، وعاد إلى مسافة قريبة من أعلى مستوياته على الإطلاق.
فاجأ جانبان من هذا التعافي العديد من المستثمرين: الأول، هو أنه على الرغم من خسائرها السابقة، بدأت الأسهم الأمريكية تبدو باهظة الثمن، ثم أصبحت أعلى سعراً بكثير… وقياساً على العائد الزائد المتوقع من أرباحها، علاوة على العائد "الخالي من المخاطر" على السندات الحكومية، فإنها أصبحت الآن أكثر تكلفة (وبالتالي العائد أقل) من أي وقت مضى منذ تضخم فقاعة الدوت كوم.
والجانب الثاني هو أن هذه الوفرة -وهي في الأساس افتراض بأن الأسهم أصبحت أقل خطورة وأن نمو الأرباح أكثر ضمانا- حدثت وسط هوس الذكاء الاصطناعي.
وقدمت شركات التكنولوجيا العملاقة في أمريكا نصيب الأسد من المكاسب، حيث رأى المستثمرون أنها في وضع أفضل للاستفادة من التكنولوجيا الجديدة، وكانت الأرباح التي يمكن جنيها من الاختراعات الجديدة والتي لم يتم تسويقها بعد هي بطبيعتها غير مؤكدة، ومع ذلك، فإن المستثمرين في الأسهم يتجهون نحوها.
سوق العروض العامة الأولية في حالة احتضار
ومن المؤسف أن الجميع لا يشعرون بالتفاؤل، وكانت سوق العروض العامة الأولية لا تزال في حالة احتضار، وتقدر شركة البيانات "ديلوجيك" أن الشركات التي طرحت أسهمها للاكتتاب العام جمعت نحو 120 مليار دولار على مستوى العالم في عام 2023، وهذا أقل من 170 مليار دولار تم جمعها في عام 2022 وجزء صغير من المبلغ الذي تم جمعه في عام 2021، وهو أكثر من 600 مليار دولار، أما الشركات البارزة التي طرحت أسهمها للاكتتاب العام -بما في ذلك شركة آرم، وهي شركة مصممة للرقائق الإلكترونية، وشركة إنستاكارت، وهي مجموعة توصيل البقالة- فقد فشلت في إحداث انتعاش أوسع نطاقا.
ولم يساعد الارتباك بشأن المكان الذي ستستقر فيه أسعار الفائدة الطويلة الأجل، لكن من نواحٍ أخرى، فإن ندرة القوائم الجديدة تشكل لغزاً محيرا، فقد تراجعت التقلبات، وتلاشت الرياح الاقتصادية المعاكسة، وبدأ مستثمرو الأسهم في التخلي عن الحذر.
إن توخي الشركات الخاصة الحذر قد يعني أنها ترى أسباباً تدعو للقلق.










