13 عاماً على ثورة الياسمين.. كيف عاشها التونسيون؟ (2)
"جسور بوست" تضع 13 عاما من حياة التونسيين تحت المجهر
-الناطق باسم "النهضة": إجراءات 25 يوليو تراجع عن مكتسبات الثورة وانقلاب خطير على المؤسسات الدستورية
-محلل سياسي: سعيّْد اتخذ إجراءات 25 يوليو لتصحيح مسار الثورة واستعادة هيبة الدولة
-المنسق العام لائتلاف "صمود": في البداية أيدنا إجراءات 25 يوليو قبل أن نكتشف أن المنظومة السياسية الجديدة لا علاقة لها بالديمقراطية
-خبير اقتصادي: كنا نأمل أن تحدث بعد 25 يوليو استفاقة لخطورة الأوضاع الاقتصادية والمالية لكن ذلك لم يحدث
سامي جولال
13 عاماً مرت على اندلاع الثورة التونسية، المعروفة بـ"ثورة الياسمين"، التي أسقطت نظام الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، الذي حكم البلاد طيلة 23 سنة متواصلة، وشجعت شعوب بلدان عربية أخرى على الخروج في احتجاجات مليونية ضد ما اعتبروه "استبداداً، وفساداً، وسوءاً في الأوضاع المعيشية"، تعرف اليوم بـ"ثورات الربيع العربي"، وأنهت حكم رؤساء عرب مكثوا على “كرسي الرئاسة” لعقود.
خلال هذه الأعوام الـ13، مرت تونس بحقبتين، انطلقت الأولى، التي كانت موضوع الجزء الأول من هذا الملف، في 14 يناير 2011، تاريخ هروب بن علي من البلاد، وشهدت تحسناً كبيراً على مستوى تمتع التونسيين بالحريات بمختلف أنواعها، واختيار الشعب ممثليه في البرلمان ورئاسة الجمهورية عبر آلية الانتخابات النزيهة والشفافة، وتداولاً سلميّاً على السلطات، ووضع دستور جديد قسم السلطات وابتعد بالبلاد عن نظام حكم الفرد الواحد، لكن كانت هناك محدودية في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، وصراع متواصل بين العديد من القوى الموجودة على الساحة، وانتهت هذه الحقبة في 25 يوليو 2021، عندما قام الرئيس التونسي الحالي، قيس سعيّْد، باتخاذ إجراءات استثنائية علق بموجبها عمل البرلمان المنتخب ثم حله لاحقاً، وأقال الحكومة، قبل أن يحل المجلس الأعلى للقضاء، ويحتكر جميع السلطات، ليدخل البلاد في حقبة جديدة، هي موضوع هذا الجزء من الملف، ما اختلفت حوله الآراء، بين من يعتبرون ذلك "انقلاباً على مبادئ الثورة، والمسار الديمقراطي، الذي تسلكه البلاد منذ عام 2011"، ومن يرون أنه "تصحيح لمسار الثورة بعد الأزمة السياسية الحادة، التي كانت تشهدها البلاد وقتها".
"جسور بوست" وضعت 13 عاماً من حياة التونسيين تحت المجهر، وذلك في مجالات عديدة، السياسي والحقوقي والمعيشي والاقتصادي والمالي وغيرها، وأجرت حوارات مطولة مع مجموعة من الشخصيات التونسية، منها من يتخصص في التحليل السياسي، ومن يتخصص في التحليل الاقتصادي والمالي، ومن ينتمي إلى المشهد الحزبي، ومن ينشط في المجتمع المدني، يمثلون مختلف وجهات النظر، ويقدمون شرحاً وتحليلاً لأوضاع تونس بأوجهها المتعددة منذ 2011 حتى الآن.
واندلعت الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010، بعد إضرام الشاب التونسي، محمد البوعزيزي، النار في نفسه، أمام مقر ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب البلاد)، احتجاجاً على ما اعتبره "استهدافاً لمصدر رزقه من طرف الشرطة"، إذ كان يعمل بائعاً متجولاً في سوق المدينة، و"رفض مسؤولين محليين قبول شكواه"، واستمرت الثورة نحو شهر، لتنتهي في 14 يناير 2011 بهروب الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، من البلاد، بعد 23 عاماً متواصلة قضاها على رأس الحكم.
الحقبة من 25 يوليو 2021 حتى الآن
في 25 يوليو 2021، تفاجأ التونسيون باتخاذ الرئيس التونسي قيس سعيد، إجراءات استثنائية، إذ علق عمل البرلمان المنتخب، الذي كان موجوداً حينها، وأفرزته الانتخابات التشريعية لعام 2019، ثم حله في 29 مارس 2022، وأقال حكومة هشام المشيشي (3 سبتمبر 2020-25 يوليو 2021)، قبل أن يحل أيضاً المجلس الأعلى للقضاء في فبراير 2022، ويحتكر جميع السلطات، الأمر الذي تفرقت حوله المواقف والآراء، إذ هناك فئة ترى أنه "انقلاب على مبادئ الثورة، والمسار الديمقراطي، الذي تسلكه البلاد منذ عام 2011"، في حين أن هناك فئة ثانية تعتبر تلك الإجراءات "تصحيحاً لمسار الثورة بعد الأزمة السياسية الحادة، التي كانت تعيشها تونس وقتها، واستعادة لهيبة الدولة"، بينما هناك فئة ثالثة أيدت قيس سعيد في البداية، وقالت إنه "من الممكن أن تكون تلك القرارات فرصة للشعب التونسي، ونقلة نوعية في اتجاه ترسيخ مؤسسات دولة ديمقراطية ناجزة، تكون فيها للشعب التونسي القدرة على محاسبة من يكون في الحكم"، قبل أن تغير هذه الفئة موقفها لاحقاً، وتعتبر أن "المنظومة، التي جاءت بعد 25 يوليو 2021، خطر داهم على المسار الديمقراطي في تونس، لأنها قامت بتجميد أو تصفية المسار الديمقراطي، من أجل تركيز نظام سلطوي ورئاسوي لا يحاسب فيه رئيس الجمهورية".
تراجع عن مكتسبات الثورة
تعليقاً على تلك الإجراءات، قال الناطق الرسمي باسم حزب "حركة النهضة" (إسلامي محافظ) والقيادي في جبهة الخلاص الوطني، عماد الخميري، إن "ذلك يعد تراجعاً كاملاً عن كل المكتسبات، التي قامت عليها الثورة العظيمة، التي قام بها التونسيون والتونسيات، ما بين 17 ديسمبر 2010 و14 يناير 2011، وبشرت بالحرية، وطالبت بالعدالة الاجتماعية، وبمحاربة الفساد، فجاء 25 يوليو 2021 ليضيع كل هذه المكاسب والحقوق"، مردفاً أن "هذا التاريخ مثل انقلاباً خطيراً على المؤسسات الدستورية، التي جاءت بهذه المنظومة وبهذا الخيار".
غياب المشروع ولامبالاة بالانتخابات
أبرز الخميري، في حديثه مع "جسور بوست"، أنه "رغم مرور أكثر من عامين ونصف العام على تجمع كل السلطات، السياسية، والتنفيذية، والتشريعية، والقضائية، والتأسيسية، في يد فرد واحد (الرئيس قيس سعيد)، لم تتحسن الأمور، والمشروع غائب، والتونسيون والتونسيات لا يرون مشروعاً واضحاً مبلوَراً قادراً على إخراج البلاد مما هي عليه الآن، وأن كل الاستحقاقات الانتخابية، التي وضعها قيس سعيد لخريطة طريقه، لم يشارك فيها التونسيون والتونسيات، وواجهوها باللامبالاة، وظلت المشاركة في حدود 11% (في الانتخابات التشريعية لعام 2022)، وفق ما أعلنته هيئة الانتخابات المنصَّبة"، مضيفاً أن "المتابِع والملاحِظ للمشاركة، يدرك أن الرقم أقل بكثير، وأن ذلك يطرح الآن أزمة حقيقية، تتمثل في أزمة شرعية ومشروعية، وأزمة خيارات تنموية، لا يرى فيها التونسيون والتونسيات مسلكاً واضحاً للخروج من الأوضاع الصعبة، التي تعيشها تونس".
![](https://jusoorpost.com/public/uploads/fileManager/2024/01/25/image_586587105510022.jpg)
عماد الخميري
طوابير على الخبز
أكد الخميري أن ما جاء بعد 25 يوليو 2021، لم يمثل إصلاحاً للأوضاع التي كانت قائمة قبل ذلك، وأن المشروع الذي جاء، والمنظومة التي تحكم منذ 25 يوليو 2021، أبرزا غياب القدرة، وفشلاً في إدارة أوضاع البلاد أكثر مما كانت عليه الأوضاع قبل ذلك، والدليل -بحسب الخميري- هو أن التونسيين والتونسيات يعيشون اليوم ظواهر لم يعيشوها منذ قيام دولة الاستقلال، تتمثل في الطوابير على الخبز، والبحث عن المواد الأساسية والمحروقات.
وبيَّن الخميري أنهم لا يكادون يسمعون في الحكومتين، اللتين تم تشكيلهما بعد 25 يوليو 2021، عن برنامج واضح، سواء في حكومة نجلاء بودن (أكتوبر 2021-أغسطس 2023)، أو في الحكومة الحالية (حكومة أحمد الحشاني/ أغسطس 2023-الآن)، وأن هناك تراجعاً على كل المستويات، وتراجعاً فظيعاً مس الحقوق والحريات، التي تمتع بها التونسيون والتونسيات منذ الثورة، ومحاكمات لسياسيين، ومحاكمات رأي، ومحاكمات لمدونين بناءً على المرسوم رقم 54، الذي وصفه الخميري بالفضيحة، موضحاً أن "فيه أحكاماً جائرة تُسلَّط على المدونين".
إضاعة الديمقراطية والحقوق والحريات
أفاد الخميري بأنه "لذلك، يمكن القول إن تونس ما بعد 25 يوليو 2021، أضاعت الديمقراطية، والحقوق والحريات، والحقوق السياسية، ولم يحصل التونسيون والتونسيات على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وأن المنوال التنموي، الذي حكمت به الحكومتان اللتان تم تشكيلهما بعد 25 يوليو 2021، سواء حكومة نجلاء بودن، أو حكومة أحمد الحشاني، لم يتغير، بل ذهب بعيداً في عزل تونس عن محيطها الإقليمي والدولي، وأنه تم وضع ميزانيات لهاتين الحكومتين تخالف شعار السيادة الوطنية، الذي أطلقه الرئيس قيس سعيد"، مردفاً أن "ميزانية 2024 مثلاً، هي ميزانية البحث عن الموارد المالية بنسبة تفوق الـ30% من ميزانية الدولة المرسومة، إذ ينبغي أن تتجه هذه الحكومة إلى التداين الداخلي والخارجي، من أجل إغلاق ميزانية 2024"، بحسب الخميري، الذي أكد أن "هذا كله يذهب بالبلاد إلى حافة الانهيار الشامل على كل الأصعدة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية، للدولة".
أوضاع اقتصادية ومالية أسوأ
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، عز الدين سعيدان، إنهم “كانوا يأملون أن يكون هناك بعد 25 يوليو 2021 نوع من الاستفاقة لخطورة الأوضاع الاقتصادية والمالية، وربما الشروع في إصلاحات، لكن ذلك لم يتم”، والدليل، بحسب سعيدان، هو أنه لم يتم حتى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، "ولم تدخل تونس في أية إصلاحات أساسية تذكر، بينما أصبحت الإصلاحات ضرورية لا مفر منها، وتأخرت كثيراً".
وبيَّن سعيدان، في حديثه مع "جسور بوست"، أن "الفرق الأساسي بين الفترة من 14 يناير 2011 إلى 25 يوليو 2021، والفترة من 25 يوليو 2021 حتى الآن، ربما هو أنه قبل 25 يوليو 2021 كان هناك اتفاقان مع صندوق النقد الدولي، وكانت هناك بعض الإصلاحات، لكن بعد 25 يوليو حتى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لم يتم التوصل إليه، ولم تدخل البلاد في إصلاحات"، مؤكداً أن "الأوضاع ازدادت سوءاً من هذه الناحية".
![](https://jusoorpost.com/public/uploads/fileManager/2024/01/25/image_869940310094657.jpg)
عز الدين سعيدان
رد فعل على الأوضاع
من جهته، قال المحلل السياسي التونسي، سالم بولبابة، إن "سعيد انتخب في عام 2019 رئيساً للجمهورية، في انتخابات أجريت عبر دورتين، وانتصر وقتها على أحد مرشحي الدولة العميقة سابقاً، نبيل القروي، وصوت له (سعيد) أكثر من 70% من التونسيين في الدورة الثانية"، مردفاً أن "سعيد كان يراقب الوضع منذ انتخابه رئيساً للبلاد، وأن من الأسباب، التي جعلته يتخذ قرار تجميد البرلمان يوم 25 يوليو 2021، هو ما لاحظه طيلة الأشهر الثمانية الأولى من حكمه، إذ كانت الكتل البرلمانية والأحزاب -بحسب بولبابة- تتنافس، وكان هناك نوع من السجالات العقيمة حول تشكيل الحكومة، وفشلت الحكومة الأولى في عهد سعيد (حكومة الحبيب الجملي) في نيل ثقة البرلمان، قبل أن يتم تشكيل حكومة جديدة (حكومة إلياس الفخفاخ)، وكانت الوضعية صعبة جدّاً، إذ كانت البلاد تمر بأزمة اقتصادية واجتماعية، ولم تستطع أغلب الأحزاب التوافق على تشكيل حكومة، وظلت البلاد تُسيَّر من أكتوبر 2019 حتى فبراير 2020 بحكومة تصريف أعمال، ولم يتم تشكيل الحكومة الأولى في عهد قيس سعيد (حكومة إلياس الفخفاخ) إلا في شهر فبراير 2020، وهي الفترة، التي انطلقت فيها -وفق المتحدث ذاته- جائحة كورونا، التي غزت العالم".
وشهدت تونس في عام 2019 استحقاقين انتخابيين، هما الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر 2019، التي شارك فيها مليونان و946 ألفاً و628 ناخباً من أصل 7 ملايين و65 ألفاً و885 ناخباً مسجلين في اللوائح الانتخابية، وحل في مراكزها الثلاثة الأولى حزب "حركة النهضة" (إسلامي) بـ 52 مقعداً، متبوعاً بحزب "قلب تونس" (ليبرالي) بـ38 مقعداً، ثم حزب "التيار الديمقراطي" (اجتماعي ديمقراطي) بـ22 مقعداً، والانتخابات الرئاسية، التي أجريت دورتها الأولى في 15 سبتمبر 2019، بمشاركة 49% من الناخبين، ودورتها الثانية في 13 أكتوبر 2019، بمشاركة 55% من الناخبين، وانتهت بفوز الرئيس التونسي الحالي، قيس سعيد، الذي خاض الانتخابات مستقلاً، بنسبة 72,71% من الأصوات، مقابل 27,29% لمنافسه في الدورة الثانية، نبيل القروي، الذي دخل سباق الانتخابات باسم حزبه "قلب تونس" (ليبرالي)، ليصبح سعيد ثالث رئيس للبلاد بعد الثورة، بعد زعيم حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" (يساري)، المنصف المرزوقي، الذي انتخبه المجلس الوطني التأسيسي رئيساً للبلاد في عام 2011، وزعيم حزب "نداء تونس" (علماني ليبرالي)، الباجي قايد السبسي، الذي انتخبه الشعب رئيساً للبلاد في عام 2014.
استعادة هيبة الدولة
أضاف بولبابة، في حديثه مع "جسور بوست"، أن "الرئيس قيس سعيد كان يشاهد هذا المشهد، واتخذ قرار تجميد البرلمان، وأطلق في البداية بعض الوعود، من أجل تصحيح مسار الثورة، وأنه ربما استطاع استعادة هيبة الدولة، وربما عادت عجلة الإنتاج إلى العمل، وأن هذه حقيقة يجب أن تقال، إذ لم تعد هناك تقريباً مصانع معطلة، ونقصت الإضرابات، بعدما عاش البلد طوال العشرية السابقة إضرابات بطريقة عشوائية في كل القطاعات، بينما كانت كل الحكومات وقتها، بحسب بولبابة، عاجزة عن الوقوف أمام المطالب النقابية، وكانت تستجيب لها للحفاظ على موقعها".
![](https://jusoorpost.com/public/uploads/fileManager/2024/01/25/image_268918899236656.jpg)
سالم بولبابة
استقرار وتحجيم العمل النقابي
تابع بولبابة قائلاً إنه "بعد ذلك، مع الرئيس قيس سعيد، تحقق نوع من الاستقرار على مستوى الدولة، وتم تقريباً تحجيم العمل النقابي، إذ أصبح مقتصراً على مجال تخصصه، ولم يعد يتدخل في السياسة، وتم كذلك فتح ملفات الفساد، واستغل سعيد كذلك غضب الناس من الأحزاب السياسية، وشرع في تطبيق مشروعه المتمثل في البناء القاعدي، إذ بدأ بدستور جديد، وانتخابات تشريعية، وبدأ سياسة خارجية تقريباً قوية، بحيث أصبحت تونس تتجه شرقاً، بعد تحالفاتها التقليدية مع الغرب، وتقريباً تطورت العلاقات خاصة مع روسيا، وتم تبادل الزيارات على مستوى وزراء الخارجية في سبتمبر 2023، إلى جانب صفقات الحبوب، إذ تم إبرام صفقة كبيرة مع روسيا في هذا الجانب".
وفي عام 2013، في سياق النقاش العام، الذي كان دائراً وقتها حول إعداد الدستور الجديد (2014)، قدم قيس سعيد، الذي كان في ذلك الوقت أستاذاً للقانون الدستوري في الجامعات التونسية، وثيقة عنوانها "من أجل تأسيس جديد"، ومنها جاء ما سماه سعيد "البناء الديمقراطي القاعدي"، الذي اقترحه ضمن مشروع ترشحه للانتخابات الرئاسية 2019، والقائم، بشكل عام، على "الهرم المقلوب"، الذي تكون المجالس المحلية في قمته، ثم المجالس الجهوية، والمجلس الوطني الشعبي (البرلمان) أسفل الترتيب الهرمي.
وصوت التونسيون في 25 يوليو 2022 على مشروع الدستور الجديد، الذي وافق عليه 94,6% من الناخبين المشاركين، الذين بلغ عددهم مليونين و756 ألفاً و607 ناخبين، من أصل أزيد من 9 ملايين يحق لهم التصويت، بحسب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ويمنح الدستور الجديد صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ما يراه معارضوه "ضد مبادئ الثورة التونسية، وخطراً على الديمقراطية في البلاد"، كما شهدت تونس في 17 ديسمبر 2022 إجراء انتخابات تشريعية، بلغت نسبة المشاركة فيها 11,2%، أي “مليون و25 ألف ناخب من أصل أزيد من 9 ملايين مسجلين في اللوائح الانتخابية”.
استمرار الصعوبات الاقتصادية
في المقابل، أبرز بولبابة أن "الصعوبات الاقتصادية ما زالت مستمرة، وأن هذا يحتاج إلى جهد جماعي، لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يحتاج إلى إمكانيات، وإلى رؤية واضحة"، مردفاً أن "هناك مواد أساسية تغيب وتحضر، وأن هذا يحتاج إلى تمويلات".
ودفعت الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي تعصف بتونس، وغلاء أسعار المواد الغذائية، التونسيين إلى اللجوء خلال شهر رمضان إلى موائد الرحمن، وتغيير عاداتهم الغذائية، والتقليل من استهلاكهم، والاستغناء عن الرفاهيات، في وقت تعاني فيه البلاد نقصاً في المواد الأساسية، بحسب تقرير نشرته صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية في وقت سابق.
وبيَّن بولبابة أن تجاوز الأزمة، خاصة الاقتصادية، يتطلب استثمارات كبيرة، ورؤية واضحة المعالم للفترة القادمة، خاصة على مستوى معالجة المشكلات، وأن تونس تحتاج كذلك إلى دعم، خاصة من الأشقاء، وشراكة مع بعض الدول، خاصة دول الخليج العربي أو غيرها أو جيران تونس، التي تحتفظ -وفق بولبابة- بعلاقات جيدة مع الجزائر وليبيا، متابعاً أن "مطالب الثورة مشروعة وكبيرة، خصوصاً مطالب الشباب التونسي، لكن إمكانيات البلاد لا تسمح بتلبيتها في فترة زمنية قصيرة، وأنه ربما وضع البلاد على سكة الإنتاج، والاستقرار، والحوكمة، قد يحقق هذه المطالب في فترة قادمة".
تأخر الاتفاق مع صندوق النقد
أوضح بولبابة أن "الرئيس قيس سعيد ربما يركز على الدور الاجتماعي للدولة، وأن تونس رفضت إملاءات صندوق النقد الدولي، التي رأى فيها سعيد نوعاً من التعسف، ولذلك تأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي".
وقام صندوق النقد الدولي، قبل أيام، بوضع تونس في قائمة الدول السلبية، وذلك للمرة الأولى منذ انطلاق تعامل البلاد مع الصندوق في عام 1958، لأنها لم تستكمل مشاوراتها معه بموجب المادة الرابعة الخاصة بمراجعة الأداء الاقتصادي، في وقت يشهد تعثر المفاوضات بين الطرفين، لمنح تونس قرضاً بقيمة 1,9 مليار دولار.
العودة لحكم الفرد الواحد
ردّاً على من يقولون إن "تونس كانت خلال الفترة ما بين 14 يناير 2011 (تاريخ هروب الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، من تونس) حتى 25 يوليو 2021، تعاني مشكلات وصعوبات، ولم تتحقق جميع المطالب الشعبية، التي خرج من أجلها الشعب يوم 17 ديسمبر 2010، لكن كان هناك جو ديمقراطي، والتزام بالقواعد الديمقراطية، سواء على مستوى الفصل بين السلطات، أو إجراء الانتخابات والتداول السلمي على السلطة، أو غيرها من الأمور الأخرى ذات الصلة، في حين أن الإجراءات، التي قام بها الرئيس التونسي الحالي، قيس سعيد، يوم 25 يوليو 2021، جعلته يستحوذ على جميع السلطات، وأعاد البلاد إلى نظام حكم الفرد الواحد، الذي كان أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الثورة التونسية"، أفاد بولبابة بأن "الطبقة السياسية بمجملها، والطبقة المثقفة، في تونس، تنقصها الثقافة الديمقراطية، وأن ما حدث يوم 25 يوليو هو نتيجة لهذا، ونتيجة تقريباً للسنوات العشر السابقة، وأن الرئيس قيس سعيد كان يراقب ويتابع، ولاحظ هذا كله"، مردفاً أن "سعيد لا ينتمي إلى أي حزب أو تيار حزبي معين، وكان مستقلاً، وربما لذلك اختاره التونسيون، لأنه صار لديهم موقف ربما معادٍ للأحزاب السياسية، التي بقيت تتهارج، فاختاروا قيس سعيد، الذي يعتبر -وفق المتحدث نفسه- شخصية مستقلة ومحترمة، وأستاذاً للقانون الدستوري، ولم يختاروا الطبقة السياسية التقليدية، التي كانت موجودة في السلطة في تونس".
وصرح بولبابة بأن "غياب الثقافة الديمقراطية ذكره حتى المفكر والمؤرخ التونسي المعروف عربيّاً، هشام جعيط، وقال منذ 9 سنوات تقريباً أو أكثر، إن المشكل في تونس هو نقص الثقافة الديمقراطية، لأن هناك، بحسب بولبابة، شخصيات سياسية ذات تاريخ نضالي كبير ترفض نتائج الانتخابات، وتحاول عرقلة الفائز فيها، وتصطنع مشكلات أحياناً، وتقريباً ترفض التحالفات، أو تغلب الجانب الإيديولوجي على الجانب الوطني، وأن تونس عاشت صراعات إيديولوجية كبيرة، وأن نقص الثقافة الديمقراطية هو الذي جعل ربما الجانب الإيديولوجي يطغى على الجانب السياسي في تونس، ما عرقل البلاد كثيراً طيلة 10 سنوات"، مبرزاً أن "هذا لم يكن إطلاقاً من مشاغل التونسيين، الذين يعدون شعباً موحداً، وأن المشكلات الإيديولوجية هي مشكلات نخب ربما تعيش في الماضي، وأنه حتى الذين يدعون الحداثة، ما زالوا يعيشون في معارك الماضي".
وقال بولبابة إن "هناك تقريباً حفاظاً على المواعيد الانتخابية، وإنه حتى انتخابات 2024 الرئاسية، قال الرئيس قيس سعيد إنها ستجرى في موعدها، وإن هناك هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات، وتعلن عن نسب مشاركة ضعيفة، ما يعني أنها أرقام واقعية".
وتعليقاً على استحواذ الرئيس التونسي الحالي، قيس سعيد، على جميع السلطات في البلاد، يرى بولبابة أن “أكثر شيء كان يثير سابقاً انتقادات بشكل دائم، هو أن السلطة كانت موزعة”، لكنه أوضح في المقابل أن الأصل في الأشياء هو الفصل بين السلطات، لكن كان هناك سابقاً، بحسبه، نوع من التنازع حول السلطة، خاصة خلال الفترة ما بين عامي 2014 و2019، بين رئاسة الجمهورية، ومجلس النواب، ورئاسة الحكومة، وكان هناك نوع من الصراع بين هذه الأطراف"، مردفاً أن "الرئيس قيس سعيد أمسك بكل هذه السلطات، ليضمن وحدة الدولة لفترة ما، وأنه عندما يضمن هذه الوحدة، يستطيع كذلك أن يتجاوز هذه المشكلات على الأقل ظرفيّاً، وتكون سلطة القرار واحدة، وتستعيد الدولة قوتها، لتطبيق البرنامج الاجتماعي والاقتصادي، دون عرقلة من أيٍّ كان".
وبين بولبابة أنه لا يعتقد أن ذلك يعيد تونس إلى حكم الفرد الواحد، وأن هذا مستبعد جداً في تونس، التي لا يمكن، بحسبه، أن تعود إلى ذلك النوع من الحكم، ولكن الدولة تحتاج أحياناً إلى شخصية قوية لتستعيد بها هيبتها، بعدما كان هناك انحلال، وتشتت، وصراعات داخلية، قبل أن يمسك قيس سعيد بالسلطة، مبرزاً أنه "أراد أن يستعيد هيبة الدولة، التي فقدت في الفترة، التي سبقت وصوله إلى الحكم".
مراجعة موقف
تعليقاً على الإجراءات الاستثنائية، التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، في 25 يوليو 2021، أفاد المنسق العام لائتلاف "صمود" (ائتلاف مواطني يتكون من جمعيات وشخصيات مستقلة، وعمله هو الانتباه المواطني)، حسام الحامي، بأنهم في الائتلاف قالوا في المرحلة الأولى بعد 25 يوليو 2021، إن الإجراءات التي اتخذها قيس سعيد من الممكن أن تكون فرصة للشعب التونسي، ونقلة نوعية في اتجاه ترسيخ مؤسسات دولة ديمقراطية ناجزة، تكون فيها للشعب التونسي القدرة على محاسبة من يكون في الحكم، لأن الفترة قبل 25 يوليو 2021 كانت فيها تقريباً -بحسب المتحدث نفسه- منظومة الكل يحكم والكل يعارض، ولا أحد يتحمل المسؤولية، و"كان هناك نوع من منطق الغنيمة، وتقاسم السلطة بمعنى مكاسب السلطة، وليس بمعنى تحمل المسؤولية، لتغيير وضع الشعب التونسي".
![](https://jusoorpost.com/public/uploads/fileManager/2024/01/25/image_323440526749720.jpg)
حسام الحامي
وأوضح الحامي، في حديثه مع "جسور بوست"، أنهم "سرعان ما تفطنوا إلى أن المنظومة السياسية الجديدة، التي جاءت بعد 25 يوليو 2021، لا علاقة لها بالمنظومة الديمقراطية التعددية الناجزة، التي يطمحون إليها في ائتلاف صمود، ما جعلهم يمرون رويداً رويدا من الدعم النقدي لهذه المنظومة إلى المعارضة التامة لها"، مبرزاً أنها “منظومة تتركز فيها السلطة بنسبة مهمة عند السلطة التنفيذية، وعند رأس السلطة -رئيس الجمهورية- وبدأت في فترة لاحقة نوعاً من التضييق على الحريات”، إذ صدرت -بحسب الحامي- مراسيم قامعة للحريات، منها المرسوم 54، الذي يحاكم به اليوم العديد من الصحفيين، والنقابيين، والسياسيين، ومراسيم طوَّعت القضاء، وجعلته تحت يد السلطة التنفيذية، بما أن المرسوم 10، والمرسوم 35، سمحا لهذه السلطة بإقالة وإعفاء القضاة، دون المرور عبر المجلس الأعلى للقضاء، ودون أن يكون لهؤلاء الحق في التظلم عند أي طرف في مؤسسات الدولة، وهذه مسائل غير مسبوقة، وفق الحامي، الذي قال إن "ذلك خلّف ضغطاً كبيراً على القضاة، وأصبح جزء منهم يعملون بنوع من التعليمات المباشرة، أو غير المباشرة، من السلطة التنفيذية".
وبيَّن أنه "بعد 25 يوليو 2021، شهدت تونس العديد من المحاكمات السياسية، واعتقال سياسيين، وصحفيين، ونشطاءً في المجتمع المدني، ونقابيين، وغيرهم، وحتى مواطنين عاديين، وأصبح مجال الحرية يتقلص يوماً بعد يوم، وتم اعتقال شباب في الجهات، بناءً على المرسوم 54، أو بمبرر القيام بفعل موحش ضد رئيس الجمهورية، وهي تهم لم تكن موجودة قبل 25 يوليو 2021"، بحسب الحامي، الذي تحدث أيضاً عن "تقليص عمل المجتمع المدني، الذي له دور مهم في الشأن العام في تونس، وفي موازنة الدولة في القيام بالعديد من المهام المهمة، ومحاولة إصدار مراسيم وقوانين تقلص عمل هذا المجتمع المدني".
وقال الحامي إن "الوضع أصبح شيئاً فشيئاً مقلقاً، وأصبح هناك خوف لدى الكل، المجتمع المدني، والسياسيين، والنخبة التونسية بصفة عامة، مروراً حتى بالمواطن العادي، وكذلك الإعلام، إذ حاولت المنظومة الحاكمة بعد 25 يوليو 2021 رويداً رويدا في مرحلة أولى -بحسب المتحدث ذاته- إضعاف هيئة الاتصال السمعي والبصري/ "الهايكا" (مؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية، وتقوم بتنظيم قطاع الإعلام السمعي البصري)، ثم تقريباً تصفيتها نهائيّاً الآن، وأصبحت السلطة التنفيذية هي من تعين مباشرة القائمين على المؤسسات الإعلامية العمومية، التي أصبحت لا تقبل الرأي المخالف، ومنها -وفق الحامي- التلفزة الوطنية، والإذاعات، التي تتبع لمؤسسة الإذاعة والتلفزة الوطنية".
خطر على المسار الديمقراطي
تابع الحامي أنهم "قالوا في ائتلاف صمود إنه يجب التصدي لهذه المنظومة، التي أصبحت اليوم خطراً داهماً على المسار الديمقراطي في تونس، وقامت تقريباً بتجميد أو تصفية المسار الديمقراطي، من أجل تركيز نظام سلطوي ورئاسوي، لا يحاسب فيه رئيس الجمهورية، سواء كان قيس سعيد، أو غيره، لأن دستور 2022 ينص على أن رئيس الجمهورية لا يحاسَب، ولا يراقَب، ولا يساءَل، وبالتالي حتى وإن قام بكل الأخطاء الممكنة، ليست هناك أية آلية لمحاسبته، بما في ذلك المحكمة الدستورية أو البرلمان".
إقبال ضعيف على التصويت
وصرح الحامي بأن "الانتخابات البرلمانية (2022) لم تحظَ باهتمام الشعب التونسي، إذ كانت نسبة المشاركة فيها ضعيفة جدّاً، وغير مسبوقة في تاريخ الإنسانية، ولم تعطِ أية مشروعية لهذا البرلمان (الحالي)، بحيث بلغت 11%، بحسب هيئة الانتخابات المعيَّنة"، مردفاً أنه “رغم هذا، لم يقع تراجع عن هذا المنحى، بل واصلت السلطة تمرير مشروع البناء القاعدي”، وأن "المشاركة في الدور الأول لانتخابات المجالس المحلية (أجري في ديسمبر 2023) بلغت تقريباً النسبة الضئيلة نفسها، التي تم تسجيلها في الانتخابات التشريعية لعام 2022، ولم يشارك في هذه الانتخابات (المجالس المحلية) 90% من التونسيات والتونسيين، ما يفسَّر -وفق الحامي- بأنه عدم مبالاة، أو تجاهل، من الشعب التونسي لمشروع السلطة المتمثل في البناء القاعدي".
وأضاف المتحدث ذاته أنهم "يرون في ائتلاف صمود أن المشروع الاقتصادي للمنظومة الحاكمة حاليّاً، المتمثل في الشركات الأهلية، فشل ذريع، خاصة أنه لا تأثير لها على الوضع الاقتصادي الكارثي، الذي تعيشه الدولة التونسية بعد 25 يوليو 2021، إذ تردت الأوضاع الاقتصادية أكثر مما كانت عليه قبل ذلك التاريخ".
إعداد بدائل
وأبرز الحامي أنهم "انطلقوا في ائتلاف (صمود) في عمل تشاركي توحيدي للقوى الديمقراطية والمدنية، التي أصبح جزء مهم منها معارضاً بصفة جذرية لهذا المسار، لتقديم بدائل للشعب التونسي، في المجال السياسي، والمنظومة السياسية والانتخابية، وأيضاً في المجال الاقتصادي والاجتماعي"، مردفاً أنهم "بصدد العمل المشترك في إطار منتدى القوى الديمقراطية، الذي يضم ائتلاف صمود، وعدداً من المنظمات والأحزاب، منها المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة، والجمعية التونسية من أجل الحقوق والحريات، وجمعية المرأة والريادة، وحزب آفاق تونس، والحزب الاشتراكي، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، والحزب الاجتماعي التحرري، ومجموعة حق، وأيضاً مع مجموعة من النخب الجامعية من أساتذة القانون والاقتصاد، وقاموا بتشكيل لجان تبحث عن عدد من البدائل لما هو موجود اليوم، لإقناع الشعب التونسي بأن طريقة إدارة الدولة، يمكن أن تكون أفضل بكثير مما هي عليه اليوم، خاصة أن الوضع الاجتماعي في تونس رديء جدّاً، إذ يصطف التونسيون والتونسيات أمام المخابز، للحصول على الخبز، ويقفون في صفوف للحصول على العديد من المواد الأساسية، من بينها الأرز، والقهوة، والسكر، وغيرها من المواد الأخرى".
وأوضح الحامي أن "السلطة الشعبوية، التي تحكم تونس حاليّاً، ترجع كل هذا الفشل، الذي تتحمل مسؤوليته في جزء كبير، إلى اللوبيات، والاحتكار، والمؤامرات، وغيرها من المبررات الأخرى، وتزج بعدد متزايد من المعارضين، والصحفيين، ورجال الأعمال، في السجون، على أساس أن هذا سيصلح وضع البلاد، لكن الوضع -بحسب الحامي- لا يتحسن، بل بالعكس يسير في التردي، وتسارع تعطل منظومة الإنتاج في تونس، والوضع المالي يصعب يوماً بعد يوم".
تعطيل المنحى الاستبدادي
أكد الحامي أنهم “يعملون في ائتلاف صمود بشكل مشترك لصياغة البدائل، وتقاربوا في الفترة الأخيرة مع عدد من الأحزاب الأخرى، ذكر منها الأحزاب التي تسمي نفسها الرباعي، أو تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية، المكونة من حزب العمال، والتيار الديمقراطي، وحزب القطب، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وأنهم قاموا بعدد من الأعمال المشتركة في إطار صياغة هذه البدائل، وأنهم ينفتحون اليوم على المزيد من الأطراف، السياسية، والديمقراطية، والمدنية، ويحاولون التحرك معاً لتعطيل المنحى الاستبدادي، والرجوع إلى انتقال ديمقراطي، عبر اقتراح بدائل عقلانية وموضوعية، بالاستئناس برأي الخبراء والكفاءات الوطنية، لحلحلة الوضع، الذي تعيشه تونس، وتغيير الرأي العام، ليكون داعماً لتغيير حقيقي، يعيد تونس وشعبها إلى مسار النمو، والنجاح الاقتصادي، ومناخ الحريات، والتعددية، وقبول الرأي المخالف"، مردفاً أن "هذا ما يفتقده التونسيون اليوم، إذ تريد السلطة أن تعتبر كل من يخالفها الرأي من الخونة، أو المحتكرين، أو المتآمرين، وغيرها من النعوت السيئة الأخرى".
وأفاد الحامي بأنهم "يقولون في صمود إنه لا المنظومة السابقة، التي لفظها الشعب التونسي تماماً، تمثل الحل، ولا كذلك المنظومة الحالية، التي أعطاها الشعب التونسي نوعاً من الثقة، لكن ليس هناك اليوم انخراط شعبي في مشروعها، الذي تحاول تمريره، دون حتى أن تفسره للشعب، وبالتالي فإن الحلول يمكن أن تأتي من الطبقة الديمقراطية، التي لم تقم باتفاقات غير أخلاقية، وغير معقولة، مع الإسلام السياسي، وظلت على مبادئها وقيمها، وتدفع نحو دولة ديمقراطية ومدنية، والتداول السلمي للسلطة، ومنظومة سياسية ديمقراطية ناجزة".