"الإيكونوميست": إسرائيل تستهزئ بخطة السلام الأمريكية.. الدول العربية تقدم "ضمانات رائعة" ونتنياهو "يتحدى"
"الإيكونوميست": إسرائيل تستهزئ بخطة السلام الأمريكية.. الدول العربية تقدم "ضمانات رائعة" ونتنياهو "يتحدى"
قوبل انتصار إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967 باللاءات الثلاث سيئة السمعة في القمة العربية التي انعقدت في الخرطوم: لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بها، لا مفاوضات، ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الحرب في غزة يبدو أن لها تأثيراً معاكساً، فالمملكة العربية السعودية، تقول نعم للسلام والمفاوضات والاعتراف بالدولة اليهودية، إذا وافقت إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وربما يكون هناك نعمان آخران معروضان: نعم للضمانات الأمنية العربية لإسرائيل، علاوة على العلاقات الدبلوماسية السلمية، ونعم لمساعدة الدول العربية في إصلاح السلطة الفلسطينية المتمتعة بالحكم الذاتي حتى تكون قادرة على السيطرة على غزة.
وفقا لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية، هذه هي الرسالة التي حملها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل هذا الأسبوع، بعد عبوره شبه الجزيرة العربية، وهي جولته الإقليمية الخامسة منذ 7 أكتوبر، وتبدو إسرائيل الآن هي الرافضة.
تبدو التوقعات في الشرق الأوسط قاتمة، حيث يتبادل حلفاء إيران في لبنان إطلاق النار بشكل منتظم مع إسرائيل، وأولئك الموجودون في سوريا والعراق واليمن يهاجمون القوات الأمريكية، وقبل يومين من وصول بلينكن، أصابت الضربات الأمريكية ضد القوات المدعومة من إيران 85 هدفًا في المنطقة.
وتشير التقارير إلى مقتل أكثر من 27 ألف فلسطيني في غزة بعد أربعة أشهر من الحرب، مع نزوح معظم سكان القطاع ومواجهتهم المرض والجوع، وتواجه إسرائيل اتهامات بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، وفي نظر كثيرين، تلطخت سمعة أمريكا أيضاً بسبب الدعم العسكري والسياسي الذي يقدمه الرئيس جو بايدن لإسرائيل.
ومع ذلك، يسعى بلينكن إلى تحويل كارثة غزة إلى فرصة للسلام، وبدا المسؤولون الأمريكيون مبتهجين بمحادثاتهم مع ولي العهد السعودي، تم التعامل مع المملكة العربية السعودية في السابق على أنها "منبوذة"، على حد تعبير بايدن السابق، وأصبحت شريكًا رئيسيًا في الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية الطموحة، ويتضمن ذلك تأمين وقفة "ممتدة" للقتال في غزة من خلال تبادل الرهائن والأسرى، وربما يؤدي ذلك بدوره إلى وقف دائم لإطلاق النار، وقبول إسرائيل للدولة الفلسطينية، واعتراف السعودية بإسرائيل والتزامات أمنية أمريكية جديدة.
ويبدو بلينكن مقتنعاً بأن اللحظة التي تعيشها إسرائيل اليوم، بدلاً من عام 1967، أقرب إلى ما بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 والانتفاضة الفلسطينية في عامي 1987 و1991، وفي هذه الفترات، أدت آلام الصراع، على التوالي، إلى معاهدة السلام مع مصر في عام 1979 واتفاقيات أوسلو في عام 1993 التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية.
ومع ذلك، فإن الطريق إلى اتفاق إقليمي ليس مضموناً على الإطلاق، فمن ناحية، فإن اتفاق الرهائن -الخطوة الأولى الأساسية في الخطة الأمريكية- جلب بلينكن ما اعتقد أنه أخبار تبعث على الأمل على هذه الجبهة، ففي 6 فبراير، أخبره أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، أنه تلقى ردا "إيجابياً" من حماس على صفقة الرهائن التي صاغتها إسرائيل وأمريكا ومصر وقطر، لكن نتنياهو وصفها بأنها "وهمية".
وتظل النقطة الشائكة الكبرى هي ما إذا كان القتال سيستمر بعد الهدنة، كما تقول إسرائيل، وتصر حماس على وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي من غزة، والحل الوسط الأرجح هو التوصل إلى اتفاق على مراحل.
تأمل أمريكا أن يساعد حتى التوقف المؤقت، قبل بداية شهر رمضان المبارك في أوائل شهر مارس، في تغيير عقلية الجانبين، ما يسمح لهما بالتفكير في "اليوم التالي".
ويسلط هذا الضوء على "نتنياهو"، الذي أعلن عن نيته القتال من أجل "النصر المطلق" ومعارضته لأي دولة فلسطينية، ويريد القادة العرب من أمريكا أن تمارس المزيد من الضغوط عليه، وفي الوقت الحالي، وعلى الرغم من الخلاف العام المتزايد، تعتقد إدارة بايدن أن وقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل لن يؤدي إلا إلى تشجيع حماس وأعضاء آخرين في "محور المقاومة" الإيراني، وبدلا من ذلك، شدد بلينكن على "أهمية اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين في غزة" والسماح بدخول المزيد من الإمدادات الإنسانية.
وفي الأول من فبراير فرضت أمريكا أيضًا عقوبات على أربعة مستوطنين يهود متهمين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين، وهو الأمر الذي انتقده نتنياهو ووصفه بأنه "إشكالي للغاية".
ويعتقد بلينكن أن المنطقة على مفترق طرق، وإحدى الطرق تكمن في الخلاص، من خلال "مستقبل إيجابي وقوي للغاية" "يدمج إسرائيل بشكل حقيقي في المنطقة ويلبي احتياجاتها الأمنية الأكثر عمقًا"، وأيضًا "يستجيب لتطلعات الشعب الفلسطيني"، أما الطريق الآخر فيؤدي إلى الهلاك، مع استمرار القتال في غزة وتصاعد الحرب مع حلفاء إيران.
وعلى الرغم من أنه لم يوضح ذلك، يبدو بلينكن قلقًا بشأن احتمال تقدم القوات الإسرائيلية إلى رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة، ويتركز الفلسطينيون بشكل متزايد هناك، ويكمن الخطر في دفعهم عبر الحدود إلى سيناء، وفي محاولة لطمأنة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أعرب بلينكن عن "رفض أمريكا لأي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة".
وتحث أمريكا إسرائيل على الموافقة على "مسار عملي ومحدد زمنيا ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية" كجزء من اتفاق رباعي الأطراف بين أمريكا وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والسعودية.
ومن أجل تحسين الصفقة بشكل أكبر، تفكر بعض الدول العربية في تقديم "ضمانات أمنية" إضافية لإسرائيل، لم يتم تحديد هذه حتى الآن، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تنطوي على معاهدة دفاع رسمية.. لا تمتلك دول الخليج جيوشاً كبيرة، ولا تريد أن تكون في طليعة المواجهة الأمريكية الإسرائيلية مع إيران، ولكن قد يكون هناك شيء أكثر مرونة في المستقبل القريب، وتشمل الخيارات المزيد من تبادل المعلومات الاستخبارية وإنشاء منطقة دفاع جوي مشتركة قوية، بل إن البعض يتحدث عن مناورات عسكرية مشتركة، وهو أمر غير معتاد.
وقال بلينكن إن هذه الدول العربية "مستعدة للقيام بأشياء مع إسرائيل ومن أجلها لم تكن مستعدة للقيام بها في الماضي".
علاوة على ذلك، تبدو الدول العربية مستعدة لمساعدة السلطة الفلسطينية في إصلاحها، فمن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن مع مسؤولين من السلطة الفلسطينية في الرياض يوم 8 فبراير لمناقشة الحوكمة.
وتشير بعض المصادر العربية إلى أن الأردن يمكن أن يساعد في تدريب قوات الأمن الفلسطينية، ويمكن للإمارات أن تساعد في تحسين إدارة السلطة الفلسطينية.
وأوضحت الدول العربية أنها لن ترسل قوات حفظ السلام إلى غزة إذا غادر الإسرائيليون غزة، ولن يدفعوا تكاليف إعادة بنائها ما لم يكن هناك التزام إسرائيلي بإقامة دولة فلسطينية، ومع ذلك، يبدو أنهم يدركون أنهم بحاجة إلى تحمل مسؤولية أكبر فيما يتعلق بتسوية القضية الفلسطينية القديمة، أو المخاطرة باستغلال إيران وغيرها من المتطرفين لهذه القضية لصالحهم.