«غوتيريش» يدعو إلى تحديث منظومة التعاون الدولي لضمان عدالة التعددية

«غوتيريش» يدعو إلى تحديث منظومة التعاون الدولي لضمان عدالة التعددية
أعلام دول أعضاء في منظمة الأمم المتحدة

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن المنظمة، رغم مرور ثمانين عامًا على تأسيسها، لا تزال المنصة الأساسية لتعزيز السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، وشدد على ضرورة العمل المستمر لتحسين أداء المؤسسة بما يواكب التحديات العالمية، مع الالتزام بمقاصدها الأساسية.

ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، عن غوتيريش، خلال كلمته في اجتماع رفيع المستوى لمجلس الأمن حول التعددية والإصلاحات في الحوكمة العالمية، أن الأمم المتحدة تمتلك الآليات الضرورية للتعاون الدولي، لكن برامجها تحتاج إلى تحديث شامل.

وأشار إلى أهمية إعادة النظر في آليات التمثيل بحيث تعكس الواقع الجيوسياسي المعاصر، مع تعزيز دعم الدول النامية لتصحيح المظالم التاريخية وضمان التزام الدول بالأعراف والمبادئ التي تعزز العدالة والإنصاف.

ميثاق المستقبل كإطار للإصلاح

شدد غوتيريش على أن العالم يواجه تحديات متزايدة تتطلب حلولًا متعددة الأطراف، معتبرًا أن "ميثاق المستقبل" الذي تم تبنيه في سبتمبر الماضي يمثل خطوة نحو تعزيز الحوكمة العالمية وإعادة بناء الثقة في التعددية.

ولفت إلى أن هذا الميثاق يعكس الحاجة إلى معالجة الأسباب الجذرية للصراعات، مؤكدًا أن تحقيق السلام المستدام لا ينفصل عن تحقيق التنمية المستدامة.

ودعا غوتيريش إلى توسيع مجلس الأمن ليعكس التوازنات الحالية في العالم وليس تلك التي سادت قبل ثمانين عامًا.

وأكد ضرورة تطوير أساليب عمل المجلس ليصبح أكثر شمولًا وشفافية وكفاءة، ما يعزز دوره في تحقيق السلم والأمن الدوليين.

دعوة لإنهاء الانقسامات وتعزيز التعاون

حث غوتيريش أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم الأعضاء الدائمون، على تجاوز الانقسامات التي تعوق اتخاذ قرارات فاعلة تخدم السلام العالمي.

وأكد أن المجتمع الدولي يتطلع إلى مجلس الأمن ليضطلع بدوره في إنهاء النزاعات وتخفيف المعاناة الإنسانية الناتجة عنها.

وأشار إلى أن المجلس أظهر في الماضي قدرته على إيجاد أرضيات مشتركة، داعيًا إلى استعادة هذه الروح وتعزيز جهود بناء التوافق لحماية السلام العالمي.

واعتبر أن التعددية هي "القلب النابض" للأمم المتحدة، داعيًا جميع الدول إلى دعم آليات التعاون الدولي وجعلها أكثر فاعلية لمواجهة التحديات المشتركة.

مواقف الدول 

أكد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا أن الأمم المتحدة، رغم نقاط قوتها وضعفها، نجحت في منع اندلاع حرب عالمية جديدة، لكنه حذر من أن العالم بات أقرب من أي وقت مضى إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين القوى النووية.

واتهم نيبينزيا الدول الغربية بالسعي إلى فرض إرادتها على بقية الدول، معتبرًا أن هذا النهج يقوض سلطة الأمم المتحدة ويضعف الالتزام بالقانون الدولي، وانتقد ما وصفه بالنهج الانتقائي في تطبيق قرارات مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن بعض الدول الغربية تتعامل معها باعتبارها غير ملزمة.

وتطرق نيبينزيا إلى الأزمة الأوكرانية، معتبرًا أن أي محاولة وساطة يجب أن تراعي "المصالح الأمنية المشروعة لروسيا"، مشيرًا إلى أن تجاهل هذه المخاوف كان أحد أسباب النزاع الحالي، كما شدد على أهمية استمرار عمل وكالة الأونروا، منتقدًا الضغوط الإسرائيلية التي تواجهها.

الولايات المتحدة

من جهتها، اعتبرت السفيرة الأمريكية دوروثي شيا أن الأمم المتحدة انحرفت عن مهامها الأساسية، متهمة بعض وكالاتها بانتهاج سياسات غير متوازنة، لا سيما في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

وانتقدت شيا مجلس حقوق الإنسان، زاعمة أنه يتيح الفرصة لبعض الدول "لانتهاك حقوق الإنسان دون مساءلة"، كما أعربت عن رفض بلادها لاستخدام محكمة العدل الدولية كأداة لتحقيق "أجندات وطنية"، في إشارة إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية.

وأعلنت شيا أن بلادها تجري مراجعة شاملة لدعمها للأمم المتحدة، مؤكدة أن واشنطن ستقيّم مدى توافق سياسات المنظمة مع المصالح الأمريكية، مع احتمال تقليص الدعم لبعض الهيئات الأممية.

الصين

أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن النظام الدولي القائم على الأمم المتحدة يظل الضمانة الأساسية لتحقيق التقدم البشري، وأشار إلى أن التعددية، القائمة على التنسيق والتعاون، تمثل السبيل الأفضل لحل القضايا العالمية.

وشدد وانغ على أهمية احترام السيادة الوطنية لجميع الدول بغض النظر عن حجمها أو قوتها، داعيًا إلى رفض أي سياسات قائمة على "الهيمنة أو الإكراه"، كما أكد أن الصين تدعم إصلاح الأمم المتحدة بما يعزز تمثيل الدول النامية ويضمن تحقيق العدالة في العلاقات الدولية.

ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد التحديات العالمية، تبقى الأمم المتحدة في قلب الجدل حول فاعلية النظام الدولي الحالي، وبينما تتباين مواقف القوى الكبرى حول كيفية الإصلاح، تظل الحاجة ماسة إلى تحديث منظومة التعاون الدولي لضمان تحقيق العدالة وتعزيز الاستقرار العالمي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية