بعد تايلاند.. كم دولة حول العالم قننت زواج المثليين؟

بعد تايلاند.. كم دولة حول العالم قننت زواج المثليين؟

تقترب تايلاند من أن تصبح ثالث دولة في آسيا تقنن زواج المثليين، بعد تايوان ونيبال، عقب إعلان مجلس الشيوخ التايلاندي موافقته على مشروع قانون المساواة في الزواج.

 وصوت لصالح القانون 130 عضوًا، بينما عارضه 4 أعضاء فقط وامتنع 18 عضوًا عن التصويت. في خطوة تعضد من حقوق مجتمع الميم في جنوب شرق آسيا.

وكانت تايوان أول دولة في آسيا تقنن زواج المثليين في مايو 2019، عندما أقر البرلمان قانونًا يسمح للأزواج من نفس الجنس بالزواج قانونيًا. تبعتها نيبال في عام 2023، لتصبح الدولة الثانية في آسيا التي تقنن زواج المثليين، وأقر البرلمان النيبالي قانونًا مشابهًا بعد حملة واسعة النطاق من قبل نشطاء حقوق الميم والمجتمع المدني. 

وتعتمد هذه القوانين على المبادئ العالمية لحقوق الإنسان، والتي تؤكد حق الأفراد في الزواج واختيار شريك الحياة بغض النظر عن الجنس. 

وتعتمد هذه القوانين على عدد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق الإنسان والمساواة، من بين هذه الاتفاقيات، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 الذي ينص في مادة السادسة عشر  على حق الرجال والنساء في الزواج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنس أو الدين. 

ويؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 في المادة 23 على حق الرجال والنساء في سن الزواج في التزوج وتأسيس أسرة. 

كما أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950، رغم تركيزها على أوروبا، تؤثر مبادئها حول حق الزواج والحياة الأسرية على الفهم العالمي لحقوق الإنسان. 

وحتى الآن، قننت 34 دولة حول العالم زواج المثليين، تشمل هذه الدول الأرجنتين التي كانت أول دولة في أمريكا اللاتينية تقنن زواج المثليين في عام 2010، وكندا التي كانت من أولى الدول في أمريكا الشمالية التي سمحت بزواج المثليين في عام 2005، وإسبانيا التي كانت من أوائل الدول الأوروبية التي قننت زواج المثليين في عام 2005، وجنوب إفريقيا التي كانت أول دولة في إفريقيا تقنن زواج المثليين في عام 2006. 

وبعد موافقة مجلس الشيوخ التايلاندي، يتطلب مشروع القانون موافقة الملك ليصبح ساري المفعول، وهي خطوة يُنظر إليها كإجراء شكلي في العادة، مما يعني أن تقنين زواج المثليين في تايلاند أصبح قاب قوسين أو أدنى.

ويجعل هذا القرار تايلاند الأولى في جنوب شرق آسيا والثالثة في آسيا عموماً التي تقنن أوضاع المثليين ما يعزز من حقوق مجتمع الميم في تلك المنطقة ويضع معايير جديدة للأوضاع الاجتماعية والحقوقية. 

وخلال شهر يونيو تحتفل شوارع المدن العالمية مثل برلين ونيويورك ولندن بمجتمع المثليين وحقوقهم، لكن ما اكتسبوه من حقوق في معظم أنحاء العالم الغربي، لا تغطي الأزمة التي يعيشها آخرون من المجتمع ذاته في مناطق متعددة في العالم.

وأوضح تقرير جديد للرابطة الدولية للمثليين (ILGA World)، والتي تتألف من أكثر من 1900 منظمة في أكثر من 160 دولة، أنه "على الرغم من تزايد القوانين التي تهدف إلى تعزيز الحماية القانونية لمجتمع المثليين  في مختلف أنحاء العالم، إلا أن المعارضة مستمرة في جميع المناقشات القانونية المتعلقة بقضايا التوجه الجنسي والهوية الجنسية والتعبير الجنسي والخصائص الجنسية في كل دولة عضو في الأمم المتحدة.

مجلس النواب التايلاندي يوافق على مشروع قانون لتشريع زواج المثليين | نجمة  الخليج

التحديات الدينية لتطبيق قانون زواج المثليين في تايلاند 

وقالت ترتيل درويش، أكاديمية وحقوقية لبنانية، إنه وبعد إقرار تايلاند قانون زواج المثليين، تبرز مجموعة من التحديات الدينية التي قد تؤثر على تنفيذ هذا القانون، ورغم أن هذا القرار يعكس تطورًا قانونيًا واجتماعيًا، فإن هناك قيود دينية واجتماعية قد تعرقل تحقيق الهدف المنشود من هذا القانون، أولًا، تشكل المعارضة الدينية تحديًا رئيسيًا أمام تطبيق القانون، وعلى الرغم من أن نسبة القبول لزواج المثليين في تايلاند بلغت 60%، فإن هناك مقاومة قوية من بعض الأوساط الدينية والمحافظة التي تعتبر أن هذا القانون يتعارض مع القيم والتعاليم الدينية التقليدية. 

وتابعت “درويش”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أن هذه المعارضة قد تمارس ضغوطًا كبيرة على الحكومة لتعديل أو إلغاء القانون الجديد، للتغلب على هذا التحدي، حيث يستدعي الأمر فتح حوار بين الحكومة والقيادات الدينية لتوضيح أهمية احترام حقوق جميع الأفراد، مع التأكيد على أن القانون لا يتعارض مع حرية المعتقدات الدينية ولكنه يهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة.

واستكملت، أيضًا التحديات القانونية والدستورية قد تثير قضايا دينية هامة، من الممكن أن يتم تقديم اعتراضات على دستورية القانون من قبل المعارضين، مستندين إلى أن القانون يتناقض مع القيم الدينية المتبعة، ولضمان توافق القانون الجديد مع النظام القانوني الحالي، قد تكون هناك حاجة إلى تعديلات دستورية، وهي عملية معقدة قد تواجه اعتراضات دينية، وينبغي أن يكون أي تعديل دستوري متوازنًا بحيث يحترم الحقوق الأساسية لجميع الأفراد دون المساس بالمعتقدات الدينية.

واستطردت “درويش”، التطبيق العملي والإجراءات الإدارية قد تواجه صعوبات نابعة من الاعتبارات الدينية، مثلا تسجيل الزيجات المثلية وضمان حقوق الأطفال يتطلب إجراءات تنظيمية تتماشى مع التعاليم الدينية للأفراد، وتطوير نظام إداري فعّال يجب أن يراعي التوازن بين احترام الحقوق المكفولة بموجب القانون واحترام القيم الدينية للأفراد والمجتمع.

وأضافت أن هناك حاجة لبرامج توعية تتناول الأبعاد الدينية والقيمية للقانون، مؤكدة أن نشر الوعي وتقبل التغيير الاجتماعي الجديد يتطلب جهودًا كبيرة تشمل كافة فئات المجتمع، حيث يجب أن تهدف هذه البرامج إلى تعزيز فهم شامل لمفهوم المساواة والعدالة من منظور ديني، والعمل على تقليل التحيزات والتحديات.

 ترتيل درويش

وأتمت، أن هذا التقدم يعكس تطور المواقف في المنطقة تجاه قضايا المساواة، ويضع تايلاند في مقدمة الدول التي تسعى للتوفيق بين حقوق الأفراد والمعتقدات الدينية.

قبول المجتمع وحقوق الأطفال

من جانبها قالت نسرين زريقات، الحقوقية والبرلمانية التونسية السابقة، إن إقرار تايلاند قانون زواج المثليين، يجعلها أول دولة في جنوب شرق آسيا تتخذ هذا القرار، والثالثة في آسيا بعد تايوان ونيبال، ويُعد هذا القانون نقلة في حقوق المثليين، ولكنه يثير تساؤلات حول مدى قبول المجتمع التايلاندي له والتحديات المحتملة في تطبيقه، حيث تعرف تايلاند بتسامحها النسبي وتقبلها للتنوع، إلا أن المجتمع التايلاندي لا يزال يحتوي على عناصر محافظة ودينية تعارض مثل هذه التغيرات. 

وتابعت “زريقات”، في تصريحات لـ"جسور بوست" أنه يتوقع أن تواجه الحكومة مقاومة من بعض الأوساط البوذية المحافظة، وكذلك من المسلمين في الأقاليم الجنوبية، الذين يرون في زواج المثليين تعديًا على القيم التقليدية والأخلاقية، وقد تؤدي هذه الموقف إلى ضغوط اجتماعية وسياسية تهدف إلى تعديل أو إلغاء القانون الجديد. 

وتابعت، على الرغم من إقرار القانون، فإن التنفيذ الفعلي قد يواجه عقبات قانونية وإدارية، وقد تكون هناك حاجة إلى تعديل بعض القوانين القائمة لضمان توافقها مع القانون الجديد، مما يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، كما أن مسألة حقوق الأطفال والتبني للأزواج المثليين قد تثير جدلًا كبيرًا، حيث يتطلب ذلك إعادة النظر في الكثير من التشريعات الأسرية والضمانات القانونية للأطفال. 

واستطردت، “زريقات”، الاعتراف القانوني بالعلاقات المثلية من المتوقع أن يسهم في تعزيز حقوق المثليين وتوفير الحماية القانونية لهم.

نسرين زريقات

وأوضحت نسرين أن هناك بعدا آخر للقانون ذو طابع اقتصادي، حيث توقعت أن يسهم إقراره في تشجيع السياحة والاستثمارات من مجتمع المثليين على المستوى العالمي، مما يساهم في النمو الاقتصادي ويعزز من مكانة تايلاند.

تجارب سابقة

بدورها، علقت الحقوقية المصرية، عزة سليمان، على الأمر بقولها، انطلاقا من مبدأ الحرية وحقوق الإنسان فلكل حقه في إقرار القوانين التي يريد، وعلى تايلاند أن تتعلم من تجارب دول أخرى في تنفيذ قوانين زواج المثليين، ففي أيرلندا، على سبيل المثال، شهدت البلاد تغييراً كبيراً بعد استفتاء عام 2015 الذي أقر زواج المثليين. 

وتابعت “سليمان”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، إن أيرلندا استطاعت دمج هذه التغييرات في المجتمع، بفضل برامج توعية مكثفة ودعم من الحكومة والمؤسسات المدنية، هذا يظهر أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تعزيز الوعي والقبول الاجتماعي للتغييرات القانونية، من جهة أخرى، في الأرجنتين، كانت تجربة زواج المثليين عام 2010 تحديًا في البداية، لكن البلاد تجاوزت هذه التحديات من خلال التركيز على حماية حقوق المثليين وتعزيز التنوع الثقافي والاجتماعي. 

وأضافت، هذا يبرز أهمية التكيف والتعامل بمرونة مع التحديات الثقافية المختلفة، كما في هولندا، التي كانت أول دولة تشرع زواج المثليين عام 2001، حيث تمكنت الحكومة الهولندية من إرساء ثقافة احترام وتقبل للمثلية الجنسية، مما ساهم في دمج القوانين الجديدة بشكل فعال في المجتمع.

وأضافت أنه من الدروس الرئيسية التي يمكن أن تستفيد منها تايلاند هي أهمية البرامج التوعوية المستدامة والموجهة للمجتمع بأسره، لتعزيز الفهم والقبول للتغييرات القانونية، أيضا الحاجة الماسة إلى دعم حكومي وسياسي قوي لتسهيل تنفيذ القوانين ومعالجة الاعتراضات القانونية والإدارية، والتصدي للتحديات الاجتماعية والثقافية بصبر وحكمة، من خلال تعزيز الحوار والتفاهم العام.

اعتقال عزة سُليمان | Front Line Defenders

عزة سليمان


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية