صمت الأطفال المعنفين يفضح العقاب النفسي والجسدي خلف الأبواب المغلقة

صمت الأطفال المعنفين يفضح العقاب النفسي والجسدي خلف الأبواب المغلقة

العنف المخفي ضد الأطفال تحت الأضواء القانونية وراء الأسوار المنزلية

مأساة العنف النفسي ضد الأطفال.. رؤية اليونيسف وتحديات التطبيق العالمي

حقوق الطفل المسلوبة.. استدراجات العقوبات الجسدية والإساءة النفسية في العالم

التدابير القانونية لحماية الأطفال.. بين التزامات دولية وواقع تطبيقها المعقّد

 

في عصر تتقدم فيه البشرية نحو الابتكار والتقنية، تبقى براءة الأطفال تحت ضغوطات خفية تهدد نموهم وسلامتهم النفسية.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بوضوح وحزم أن حوالي 400 مليون طفل في العالم، الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة والسادسة، يواجهون بانتظام العنف النفسي أو العقاب الجسدي داخل أسوار منازلهم. هذا يعادل نحو 60% من الأطفال في هذه الفئة العمرية الحساسة.

البيانات التي أوردتها اليونيسف تبرز حجم الأزمة الإنسانية هذه، حيث يتعرض الملايين من الأطفال الصغار لظروف قاسية تؤثر بشكل كبير على نموهم النفسي والجسدي، فالعقوبات الجسدية والإساءة اللفظية تمثل جدرانًا غير مرئية تحيط بحياتهم اليومية، مما يؤثر على تطورهم العقلي والعاطفي بشكل سلبي عميق.

وتعكس الأرقام الصادرة عن اليونيسف معاناة الأطفال في مختلف أنحاء العالم، حيث تحدث هذه الظاهرة في أماكن متنوعة وفي كافة الأوساط الاجتماعية والثقافية. 

العواقب الناتجة عن هذا النوع من العنف تشمل انخفاض مستويات الثقة بالنفس، وتأثيرات سلبية على التعلم والاستجابة العاطفية للأطفال. 

في مواجهة هذا الواقع الصادم، تدعو اليونيسف الحكومات والمجتمعات الدولية إلى تعزيز الجهود لحماية حقوق الأطفال وتعزيز بيئاتهم الداعمة والمحبة، من خلال التركيز على الحماية القانونية وتعزيز التنمية الإيجابية وتوفير فرص التعلم واللعب الآمنة، لإعادة بناء الثقة والأمل في قلوب هؤلاء الأطفال الذين يستحقون أن ينموا في بيئة تحترم حقوقهم الأساسية وتضمن لهم الحماية والرعاية المناسبة.

بحث عن العنف ضد الأطفال - موضوع

الحماية القانونية للأطفال

حماية حقوق الأطفال من العنف تُعد من أبرز التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي في الوقت الحالي فالأطفال، كأفراد ضعفاء ومحرومين من القدرة على الدفاع عن أنفسهم، يستحقون حماية خاصة تكفل لهم حقوقهم الأساسية بما في ذلك الحق في الحماية من جميع أشكال العنف. 

اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989

اتفاقية حقوق الطفل، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989، تُعتبر إحدى أهم الأدوات الدولية لحماية حقوق الأطفال. تلزم الدول الأطراف بتحقيق حماية كافية للأطفال من جميع أشكال العنف بما في ذلك العقاب الجسدي غير القانوني، والإساءة النفسية، والتعذيب، والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. 

في عام 2000، أُعتمد البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، ويتناول قضايا بيع الأطفال واستغلالهم الجنسي، يشدد البروتوكول على ضرورة تعزيز الحماية القانونية للأطفال ضد بيعهم واستغلالهم، ويدعو إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة هذه الظاهرة ومعاقبة المتورطين فيها.

القانون الدولي الإنساني

يحظر القانون الدولي الإنساني استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة، ويعزز حمايتهم من العنف والاستغلال والتجنيد القسري في القوات المسلحة، يهدف القانون الإنساني إلى تقديم الحماية اللازمة للأطفال المتضررين من النزاعات المسلحة وضمان حقوقهم الإنسانية الأساسية. 

وتبقى التحديات كبيرة في تنفيذ هذه القوانين والمواثيق على أرض الواقع، وتأمين حماية فعالة لحقوق الأطفال من العنف. يجب على الدول تعزيز التشريعات الوطنية وتعزيز الوعي العام بأهمية حماية حقوق الطفل والتصدي لجميع أشكال العنف ضدهم. العمل المشترك والتعاون الدولي يمكن أن يلعبا دوراً حيوياً في هذا الصدد، من خلال تبادل الخبرات والممارسات الناجحة في مجال حماية حقوق الأطفال.

العنف ضد الأطفال طريق الانحراف

تطور التشريعات الدولية وحقوق الطفل

وعلق خبير القانون الدولي مصطفى سعداوي بقوله: الطفل هو مستقبل المجتمعات، وتعرضه للعنف أمر خطير وبقدر خطورته تكون العقوبة، ومنذ إعلان الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، شهدت حماية الأطفال من العنف تطورًا كبيرًا، وذلك لأنها تضمنت حقوقًا أساسية للأطفال بما في ذلك الحق في الحياة والنمو والحماية من جميع أشكال العنف، ومع ذلك، تظل التحديات الكبيرة أمام تنفيذ هذه الحقوق وتطبيقها على أرض الواقع، نظرًا لاستمرار وقوع حالات العنف وتحديات الإبلاغ عنها ومعاقبة المرتكبين.

وعن أشكال العنف ضد الأطفال، أضاف سعداوي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، العنف ضد الأطفال يتضمن أشكالًا متعددة مثل العقوبات الجسدية، والاستغلال الجنسي، والتجنيد القسري، والعنف النفسي، يعد العنف الجسدي واحدًا من أكثر الأشكال شيوعًا، حيث يتعرض الأطفال لضرب أو تعذيب من قبل أولياء الأمور أو رعاة الأطفال بشكل يومي في بعض الحالات، مما يؤدي إلى آثار نفسية وجسدية خطيرة على حياتهم، وتشمل التحديات التي تواجه الجهود الدولية لحماية حقوق الطفل من العنف، عدم كفاية التشريعات الوطنية في بعض الدول، والتمييز الاجتماعي والثقافي الذي يسهل ممارسة العنف ضد الأطفال، وضعف البنية التحتية للإبلاغ عن حالات العنف ومعاقبة المرتكبين، ونقص الوعي بحقوق الطفل وضرورة حمايته.

وعن العقوبات المنتظرة للمعنفين، أكد سعداوي، أنها تتراوح بين السجن والغرامات والتدابير التأديبية الأخرى، حسب الجريمة المرتكبة والتشريعات المحلية، مؤكدا أن الدول يجب عليها تعزيز الإجراءات القانونية لضمان تنفيذ العقوبات والعدالة الناجزة بحق المرتكبين.

وأتم، مستقبل الأطفال يعتمد على جهودنا المشتركة لضمان بيئة آمنة ومحمية لهم، حيث يكون لديهم الفرصة للنمو والازدهار دون خوف من العنف والاستغلال.

أستاذ قانون: القضاء التركي لا يختص بنظر واقعة خاشجقي واتصالها منعدم قانونًا

آثار نفسية واجتماعية خطيرة

وعن الآثار النفسية والاجتماعية تحدث خبير علم النفس الدكتور، جمال فرويز، بقوله، إن المعاملة غير اللائقة جسديًا ونفسيًا للأطفال لها تأثيرات عميقة ومدمرة على تطورهم النفسي والاجتماعي، هذا التأثير يمتد إلى عدة جوانب تتضمن الصحة النفسية، والسلوك، والعلاقات الاجتماعية، وأولاً وقبل كل شيء، المعاملة غير اللائقة تترك آثارًا سلبية على صحة الطفل النفسية، يعيش الأطفال الذين يتعرضون للعنف الجسدي أو النفسي عادةً حالة من الضغط النفسي المستمر والقلق، مما يؤدي إلى تدهور ملحوظ في حالتهم العقلية والانفعالية. 

وتابع فرويز، في تصريحات لـ"جسور بوست"، يمكن أن يعانوا من اكتئاب، واضطرابات الشخصية، ونقص الثقة بالنفس، والشعور بالعزلة الاجتماعية، أيضًا المعاملة غير اللائقة تؤثر على السلوك اللاحق للأطفال، فيمكن أن يظهروا سلوكًا عدوانيًا أو غير ملائم في محاولة للتعامل مع التوتر الذي يشعرون به، مما يمكن أن يؤثر على علاقاتهم مع الأقران والكبار بشكل سلبي. 

واستطرد، الأطفال الذين يتعرضون للعنف لديهم تأخر في التطور الاجتماعي والانفعالي، مما يزيد من صعوبة التأقلم مع البيئة المحيطة بهم، كذلك فإن المعاملة غير اللائقة تؤثر على قدرة الأطفال على بناء علاقات صحية ومستقرة في المستقبل، ويعتبر الحصول على دعم ورعاية من الكبار في الطفولة مهمًا جدًا لتطوير الثقة والأمان النفسي، وعندما يفتقرون إلى هذا الدعم بسبب المعاملة السيئة، فإنهم يواجهون صعوبة في بناء علاقات صحية وثقافة الحب والرعاية في المستقبل. 

وأتم، بشكل عام، يجب فهم أن المعاملة غير اللائقة للأطفال لها تأثيرات عميقة ومتعددة الأوجه، ويجب على المجتمعات والأفراد العمل بشكل جاد لحماية حقوق الأطفال وضمان بيئة آمنة وداعمة لنموهم وتطورهم الصحي.

استشاري طب نفسي: الوساوس القهرية لها صور مختلفة.. والخوف خطر - أخبار مصر -  الوطن

استراتيجيات فعالة للحد من العنف

بدورها، علقت ترتيل درويش، أكاديمية وحقوقية لبنانية بقولها: لعلاج قضايا معاملة الأطفال جسديًا ونفسيًا بشكل سيئ، تتطلب هذه المسألة تدخلًا شاملاً من الحكومات، والأفراد، والجمعيات الحقوقية، يتطلب الأمر جهودًا متنوعة تشمل التشريعات الفعالة، والتوعية المجتمعية، والدعم النفسي والعلاجي للأطفال المتأثرين، فيجب على الحكومات إقرار قوانين صارمة تحمي الأطفال من العنف الجسدي والنفسي، مع تشديد العقوبات على المعتدين والمخالفين، أيضًا إنشاء نظم فعالة لرصد وتقييم حالات العنف ضد الأطفال، بما في ذلك آليات تبليغ آمنة ومتاحة للضحايا والشهود. 

وتابعت “درويش”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، هناك مبادرات وبرامج تهدف إلى تحسين حياة الأطفال المعرضين للعنف يجب توفير الدعم المالي لها، مثل بناء مراكز الإيواء وتوفير الخدمات النفسية والاجتماعية، كذلك التوعية والتعلم عن مؤشرات الاعتداء على الأطفال وكيفية التصرف، بما في ذلك الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها إلى السلطات المختصة، إلى جانب تقديم الدعم والرعاية للأطفال الذين يعانون من العنف، سواء من خلال الدعم العاطفي من الأسرة أو بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية المختصة.

وشددت على ضرورة العمل على تعزيز حقوق الأطفال وحمايتهم من خلال التدخل القانوني والمرافعة العامة لتحقيق العدالة وتعويض الضحايا، مع تقديم برامج توعية وتثقيف للمجتمع حول أهمية حقوق الطفل وكيفية الحماية من العنف، بما يشمل ورش العمل والمحاضرات التثقيفية.

وضربت ترتيل درويش، أمثلة واقعية وحالة تشريعية ناجحة بالسويد، حيث تم إقرار قوانين صارمة لحماية الأطفال من العنف، مما أدى إلى تقليل معدلات الاعتداءات وتعزيز الوعي بحقوق الطفل، وفي الهند، يعمل مشروع "Save the Children" على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الضحايا للمساعدة في التعافي والتأقلم مع تجاربهم، وفي الولايات المتحدة، تطلق منظمات مثل "Childhelp" حملات توعية وتعليم للكشف عن علامات الاعتداء والإبلاغ عنها بطريقة آمنة وفعالة. 

وأتمت، هذه الجهود المتكاملة بين الحكومات، والأفراد، والجمعيات الحقوقية هي السبيل الأمثل لتحقيق تحسين في معاملة الأطفال جسديًا ونفسيًا وضمان حمايتهم ورعايتهم بشكل شامل وفعّال.



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية