دراسة حقوقية: التنمية ضمانة مهمة لإعمال جميع حقوق الإنسان
دراسة حقوقية: التنمية ضمانة مهمة لإعمال جميع حقوق الإنسان
ييسر الحق في التنمية إعمال جميع حقوق الإنسان الأخرى بسبب ثلاث خصائص متميزة، الأول هو النهج الكلي الذي يقدمه لحقوق الإنسان من خلال تأكيد التنمية باعتبارها لا تشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فحسب، بل تشمل أيضاً الحقوق المدنية والسياسية، والثاني هو التوازن الذي يحققه بين الحقوق الفردية والجماعية، ما يعزز الترابط بين الاثنين، والثالث هو تأكيد المستويات الثلاثة لالتزامات الدول، وهي الداخلية والخارجية والجماعية.
جاء ذلك في دراسة مواضيعية من إعداد آلية الخبراء المعنية بالحق في التنمية، بعنوان: "أبعاد الحق في التنمية الفردية والجماعية" والمقدمة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ57 والتي تستمر فعالياتها حتى 9 أكتوبر المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منها.
وتعكس خصائص الحق في التنمية ترابط الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة، والدور الأساسي لكل من الإجراءات الوطنية والتعاون الدولي في تحقيق التنمية العادلة وحقوق الإنسان للجميع.
والأهم من ذلك هو أن جدول أعمال الحق في التنمية يدعم نموذجا شاملا للتنمية يقدر العلاقة المعقدة بين الحقوق الفردية والجماعية، ويفترض هذا النموذج أن الحريات الفردية والتقدم المجتمعي ليستا تنافسيتين بل متكاملتين.
ويؤكد الحق في التنمية أن الحريات الشخصية، مثل الحصول على التعليم والرعاية الصحية والمشاركة الثقافية، جزء لا يتجزأ من النمو المجتمعي. وعلى العكس من ذلك، فإنه يؤكد أيضا أن الرفاهية الجماعية، مثل ضمان السلام والتنمية المستدامة والبيئة الصحية أمر حيوي إذا كان للأفراد أن يتمتعوا بحقوقهم بشكل كامل.
وفي إعلان الحق في التنمية في عام 1986، يوصف الحق في التنمية بأنه حق فردي لجميع البشر وحق جماعي لجميع الشعوب. ويعرف الحق في التنمية في الإعلان على أنه حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالا تاما.
وفي حين أن البعدين الفردي والجماعي للحق مستمدان من الاعتراف في ذلك التعريف بكل إنسان وجميع الشعوب كأصحاب حقوق، فإن البعد الجماعي يركز أيضا على تقرير المصير، أي حق الشعوب في تقرير وضعها السياسي الخاص وبرامجها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وتناولت آلية الخبراء المعنية بالحق في التنمية، في هذه الدراسة المواضيعية، طبيعة الحق في التنمية ونطاقه ومضمونه باعتباره حقاً فردياً لجميع البشر وحقاً جماعياً لجميع الشعوب وتستكشف العلاقة بين الاثنين.
وبحسب الدراسة، يمكن التعرض للتمييز فرديا وجماعيا، ويمكن تحديد أربعة مستويات من التمييز على الأقل، ولعنصر المساواة وعدم التمييز في الحق في التنمية أبعاد فردية وجماعية.
ويوضح الإطار المعياري للحق في التنمية عملية تنموية يمكن من خلالها إعمال جميع حقوق الإنسان بالكامل، عن طريق اتباع نهج يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وهو ينطوي على عملية شاملة تهدف إلى إعمال حقوق الإنسان الفردية والجماعية من خلال الالتزام بالمعايير الدولية. وتركز عملية التنمية هذه على تعزيز الإنصاف والعدالة من خلال تحسين مستويات المعيشة وتمكين الفرد والسكان بأكملهم.
ويمثل إدراج البعدين الفردي والجماعي في الحق في التنمية على النحو المنصوص عليه في إعلان الحق في التنمية، نهجا شاملا لحقوق الإنسان، ولا سيما الحق في التنمية باعتباره حقا من حقوق الإنسان. وفي هذا التركيز المزدوج إقرار بأن التنمية الفعلية تتجاوز النمو الاقتصادي، وتشمل تحسين جميع أبعاد رفاهية الإنسان وكرامته.
وتختلف الدول المتقدمة والدول النامية حول ما إذا كان ينبغي اعتبار إعمال الحق في التنمية مقياساً للالتزام بمعايير حقوق الإنسان في سياق التزامات الدول، ويجب أن تعزز مساعي التنمية مجموعة واسعة من الحقوق، بما في ذلك الحقوق في المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالتنمية الكلية والشاملة للجميع أمر بالغ الأهمية لحماية الحقوق الفردية والجماعية على السواء.
ويرجع ذلك إلى أن إعمال العديد من الحقوق يعتمد على إمكانية وصول الناس إلى الموارد باعتبارهم أفرادا وأعضاء في مجتمعات، وعليه، فإن الحق في التنمية هو حق ذو طبيعة مزدوجة، لأنه يؤكد الترابط بين بعدي حقوق الإنسان فالحقوق الفردية توجد في سياق جماعي، ولا يمكن إعمال الحقوق الجماعية على نحو تام دون حماية وإعمال الحقوق الفردية.
وفي الحالات التي يوجد فيها تعارض حقيقي أو ظاهري بين حق الفرد في التنمية والحق الجماعي للشعوب في التنمية، يوفر القانون الدولي لحقوق الإنسان إرشادات لوضع قيود مقبولة على التمتع بتلك الحقوق وممارستها.
ورغم أن الأسباب التي تبرر القيود تختلف قليلا بين حكم وآخر، فإنها جميعا تشمل حالات يكون فيها من الضروري الاستجابة لحاجة عامة أو اجتماعية ملحة. وتشمل الأمثلة على ذلك القيود المفروضة على الحقوق الفردية الضرورية لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق وحريات الآخرين.