فرضية جديدة.. العزلة قد تكون أحد أسباب انقراض «إنسان نياندرتال»

فرضية جديدة.. العزلة قد تكون أحد أسباب انقراض «إنسان نياندرتال»

يظل انقراض إنسان نياندرتال لغزًا محيرًا للعلماء، حيث طرحت العديد من النظريات حول الأسباب المحتملة، مثل التغيرات المناخية أو انتشار الأوبئة. 

إلا أن دراسة جديدة أجريت على عينة من وادي رون في فرنسا تثير فرضية جديدة، وهي أن العزلة الجينية قد تكون أحد العوامل الرئيسية في انقراض هذه السلالة، وفق وكالة فرانس برس.

هذه العينة، التي تعود إلى سلالة عاشت لمدة 50 ألف سنة دون أي تبادل جيني مع مجموعات أخرى، تقدم دليلاً محتملاً على أن العزلة الجينية قد أثرت سلبًا على قدرة إنسان نياندرتال على البقاء والتكيف مع التغيرات البيئية.

تم العثور على العينة المسماة "ثورين"، في كهف ماندرين في فرنسا عام 2015، وهو موقع أثري احتوى على بقايا لكل من إنسان نياندرتال والإنسان العاقل. 

هذا الاكتشاف يعتبر نادرًا، حيث إنه أول اكتشاف لإنسان نياندرتال في فرنسا منذ عام 1978، حيث تميزت هذه العينة بأنها أول بقايا لإنسان نياندرتال يتم اكتشافها في منطقة وادي رون.

أرسل فريق البحث قطعة صغيرة من عظم لضرس العينة إلى مختبرات في كوبنهاغن لتحليل الحمض النووي. 

ورغم التحديات المتعلقة بتحلل الحمض النووي بسرعة، نجح العلماء في الحصول على معلومات وراثية مهمة بعد سنوات من الجهود، وأشارت التحليلات إلى أن "ثورين" عاش في مناخ بارد جدًا يتوافق مع العصر الجليدي.

نتائج التحليل الجيني

أظهرت النتائج أن سلالة "ثورين" قديمة جدًا، حيث انفصلت عن سلالات نياندرتال الأخرى قبل حوالي 105 آلاف سنة. 

وعلى مدى 50 ألف سنة، عاش أفراد هذه السلالة دون أي تزاوج أو تبادل جيني مع سلالات أخرى من نياندرتال في أوروبا. 

هذا النوع من العزلة الجينية غير معتاد على الإطلاق لدى الإنسان العاقل، الذي كان يهاجر ويتواصل مع مجموعات بشرية أخرى على نطاق واسع.

تأثير العزلة الجينية

إن العزلة الجينية الطويلة التي عاشها إنسان نياندرتال في هذه المنطقة قد تكون قد ساهمت في تقليص التنوع الجيني للسكان، مما جعلهم أقل قدرة على التكيف مع التغيرات البيئية وانتشار الأمراض، كما أن زواج الأقارب داخل هذه المجموعات الصغيرة قد أدى إلى تفاقم المشاكل الوراثية. 

على عكس الإنسان العاقل، الذي كان يتمتع بشبكات اجتماعية أوسع، ويهاجر لمسافات كبيرة، مما سمح له بتبادل الموارد والمعلومات والتكيف مع المتغيرات.

تفسير انقراض إنسان نياندرتال

يرى الباحثون أن الطريقة التي نظّم بها إنسان نياندرتال حياته الاجتماعية والجينية قد تكون أحد العوامل التي ساهمت في انقراضه. 

في المقابل، كان الإنسان العاقل يعيش ضمن شبكات واسعة، وينظم حياته بطريقة تتيح له التواصل مع مجموعات بشرية أخرى، مما ساعده على البقاء والاستمرار. 

ووفقًا لعالمة الوراثة السكانية، ثارسيكا فيمالا، فإن العزلة الجينية تُقلل من التنوع وتضعف قدرة المجموعة على التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة، وهذا قد يكون أحد الأسباب الرئيسية وراء انقراض إنسان نياندرتال.

وتقدم هذه الدراسة رؤى جديدة حول الدور الذي قد تكون العزلة الجينية قد لعبته في اختفاء إنسان نياندرتال، بينما لا تزال الأسباب الحقيقية لانقراضه غير معروفة تمامًا، فإن هذه النتائج تضيف بُعدًا جديدًا لفهم هذا اللغز القديم.




ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية