«الاستثمار في السلام».. «إنتربيس» تدعو لشراكات مالية لضمان حقوق الشعوب المتأثرة بالصراعات

«الاستثمار في السلام».. «إنتربيس» تدعو لشراكات مالية لضمان حقوق الشعوب المتأثرة بالصراعات

يواجه بناء السلام اليوم تحديات أعظم من أي وقت مضى، حيث يتزايد عدد الصراعات في جميع أنحاء العالم، من المشهد الجيوسياسي المتغير إلى التأثير المدمر للاحتباس الحراري وتغير المناخ، إلى استمرار عدم الاهتمام الكافي بالتفاوتات الاقتصادية والاجتماعية، من بين التحولات الأساسية الأخرى التي تؤثر على الأمن والسلام.

ووفقا لبيان نشرته "إنتربيس"، وهي منظمة دولية لبناء السلام، على الموقع الرسمي اليوم الأربعاء، فعند نقطة منتصف الطريق تقريبًا نحو أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، 12% فقط على المسار الصحيح، ولا يقترب أي من أهداف الهدف الـ16 للتنمية المستدامة بشأن "المجتمعات السلمية والعادلة والشاملة" من التحقيق في البلدان المتضررة من الصراع والهشاشة.

تمويل طويل الأجل

وأكدت "إنتربيس" أن بناء السلام الناجح لا يتطلب بالضرورة تمويلًا واسع النطاق، لكنه يتطلب تمويلًا يمكن التنبؤ به وطويل الأجل، ولا يمكن بناء السلام بين عشية وضحاها، ومع ذلك، فإن المساعدات الإنمائية الرسمية المخصصة لبناء السلام ومنع الصراعات في أدنى مستوى لها على الإطلاق

ويأتي أغلب الدعم المالي لبناء السلام في هيئة منح حكومية قصيرة الأجل تفترض إمكانية تصميم السلام وتحقيقه وتعزيزه في غضون أطر زمنية قصيرة.

كما لا توجد إجراءات كافية لمتابعة حقيقة مفادها أن بناء السلام أمر منطقي من الناحية الاقتصادية: فكل دولار يُستثمر في بناء السلام يحمل معه انخفاضاً محتملاً قدره 16 دولاراً أمريكياً في تكلفة الصراع المسلح.

الاحتياجات الأساسية

ويتطلب نموذج تمويل بناء السلام جهات فاعلة جديدة وحلولاً جديدة لتلبية الاحتياجات الأساسية للقدرة على التنبؤ، والاستثمار الطويل الأجل، والتنويع بما يتجاوز الاعتماد على عدد محدود من الجهات المانحة الحكومية، وإذا تم ذلك بعناية، فإن النموذج الجديد يمكن أن يكون "مربحاً للجميع" لكل من قطاع بناء السلام وقطاع التمويل.

وأشارت المنظمة إلى أن رأس المال متاح، بما في ذلك للبيئات الهشة والمتأثرة بالصراع، ولكنه لا يجد طريقه عادة إلى ما يسمى "الأسواق الحدودية" بسبب المخاطر الحقيقية أو المتصورة، بما في ذلك المخاوف المالية والسياسية والسمعة.

وتركز معظم منتجات الاستثمار المتاحة حالياً في السوق على النتائج الخضراء أو التنموية، مع القليل، إن وجد، من الاعتبارات المتعلقة بحساسية الصراع كشرط مسبق لنجاحها، وبعيدا عن السلبية النسبية لتطبيق عدسة حساسة للصراع -ضمان أن الاستثمار على الأقل لا يجعل الأمور أسوأ- فإن الاهتمام ينصب بدرجة أقل على النهج الأكثر ميلا إلى التقدم.

المخاطر والعوائد

ويمكن للاستثمار المصمم جيدا أن يحدث فرقا إيجابيا متعمدا، ويقدم احتمالات أقل للمخاطر وعوائد مالية أكبر فضلا عن مجتمعات أكثر سلمية حيث تحدث هذه الاستثمارات.

ووفقا لـ"إنتربيس" فإن المستثمرين والبنوك وشركات الأسهم وحتى مؤسسات التمويل الإنمائي لا يملكون دائما الخبرة المطلوبة في بناء السلام، فلماذا لا نقدمها لهم، لصالح الناس والاقتصادات والمجتمعات على نطاق أوسع؟

ويقلل بناء السلام من مخاطر الاستثمار، على سبيل المثال من خلال تضمين الإدماج، والوصول، وتخفيف تركيزات السلطة، وزيادة المساءلة، كما يخلق ما يسميه العالم المالي "الإضافة"، اعتماد قيمة للفوائد التي يولدها الاستثمار بما يتجاوز عائده المالي.

خلق فرص العمل

ويكون هذا من خلال خلق فرص العمل في المجتمعات المتضررة من الصراع وتوزيعها بالتساوي بين المجتمعات، وتمكين التعاونيات والشركات التي تقودها النساء، أو بناء شراكة بين القطاعين العام والخاص للوصول إلى الخدمات العامة الأساسية داخل وخارج سياج المصنع.

عندما يتم دمج هذه الفوائد الإضافية في وقت مبكر كأرباح للسلام في عملية تصميم الاستثمار وبهدف متعمد لبناء السلام، يُطلق على ذلك "تمويل السلام".

ويعد تمويل السلام طريقة جديدة بالغة الأهمية لاستخدام الخبرة الأساسية الهائلة لمنظمات بناء السلام لإعلام واتخاذ قرارات استثمارية أفضل ومتوافقة مع السلام والتي تعمل في الوقت نفسه على خفض المخاطر للمستثمرين وتعزيز قدرة المجتمع على الصمود.

يتمتع تمويل السلام بإمكانية تحسين التنمية البشرية وتوفير حياة كريمة للأشخاص الذين يعيشون في سياقات هشة ومتأثرة بالصراع.

أهمية مبادرة تمويل السلام

يتطور سوق متنامٍ ونظام بيئي حول تمويل السلام، وتعمل المنظمات التي تعد جزءًا من الأمم المتحدة مثل صندوق رأس المال الإنمائي للأمم المتحدة (UNCDF) ومكتب دعم بناء السلام (PBSO)، بالإضافة إلى منظمة بناء السلام "إنتربيس"، كشركاء لتحويل تمويل السلام إلى ممارسة.

وفي الوقت نفسه، من الأهمية بمكان أن نفهم أهمية مبادرة تمويل السلام أيضاً من خلال عدسة منع الصراعات، كما يتضح من خلال مبادرة تمويل السلام الأزرق، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية وبتمويل من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.

وتدعم هذه المبادرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، في حين تحول المياه من مصدر محتمل للصراع إلى أداة للتعاون والسلام.

وتختتم "إنتربيس" بيانها قائلة: "إن تمويل السلام هو أداة تمويلية عالمية تهدف إلى خلق أسواق جديدة في مجال التمويل المستدام والتي يمكن أن تغطي احتياجات الاستثمار للحكومات المحلية والأحواض العابرة للحدود على مستوى العالم، في حين تعطي الدول المشاطئة حافزًا ماليًا للتعاون حول تلك الأحواض، وبالتالي من أجل السلام والتنمية المستدامة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية