«بحثاً عن الأمان».. لاجئون سوريون يعودون إلى وطنهم
«بحثاً عن الأمان».. لاجئون سوريون يعودون إلى وطنهم
بعد عشر سنوات من الفرار إلى لبنان هرباً من النزاع في سوريا، وجد أحمد مصطفى نفسه مجدداً يهرب من حرب أخرى، هذه المرة عائداً إلى وطنه مع عائلته، على غرار عشرات الآلاف من السوريين الذين أجبرتهم الغارات الإسرائيلية المكثفة على النزوح.
عند معبر جوسيه الحدودي في ريف القصير السورية، يروي أحمد، البالغ من العمر 46 عامًا، وهو ينتظر حافلة تقله إلى الرقة: "هربنا من الحرب وعدنا إلى الحرب، خرجنا من الصفر وعدنا إلى تحت الصفر"، كان قد فرّ من الرقة قبل عشر سنوات عندما دخل تنظيم داعش إلى مدينته، ولم يكن معه سوى ملابسه، الآن، يعيد التاريخ نفسه في لبنان، حيث غادر مع عائلته وسط أصوات القذائف.
وطن لم يعد كما كان
على متن حافلة تبرع بها أحد رجال الأعمال، سيتوجه أحمد إلى منزل من الطين في الرقة، حيث يأمل أن يبدأ حياة جديدة مع أقاربه، ويقول بأسى: "الأوضاع لم تتغير كثيراً، نعود إلى بلد نعيش فيه تحت تهديد مستمر".
منذ بداية التصعيد الإسرائيلي في 23 سبتمبر، عبر أكثر من 310 آلاف شخص من لبنان إلى سوريا، معظمهم من السوريين الذين فروا قبل سنوات بحثًا عن الأمان في لبنان، واليوم، يجدون أنفسهم في رحلة عودة غير مخطط لها، هاربين مرة أخرى من ويلات الحرب.
من نزوح إلى نزوح
جعفر العلي، 53 عامًا، ينتظر على الجانب السوري من معبر جوسيه مع عائلته، وهو في طريقه إلى الرقة، حيث لا ينتظره شيء سوى طريق طويل ومستقبل غامض.
يقول جعفر: "من نزوح إلى نزوح، لا نهاية لهذه الرحلة، سنعود إلى شارع مفتوح في الرقة، حيث لم يعد لي أحد هناك".
جعفر وأسرته لجؤوا إلى علب الكرتون التي كانت تحتوي على مساعدات غذائية لتوفير ظل لأطفاله. ينظر إلى ابنه البكر مؤيد، 13 عامًا، الذي لم يعرف في حياته سوى الحرب والنزوح، قائلاً: "ابني لم يرَ شيئاً غير الحرب. لم يتعلم، لا يعرف القراءة أو الكتابة. حياته كلها ضاعت بين النزوح".
يوم رعب آخر
منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، لجأ مئات الآلاف من السوريين إلى لبنان. ورغم أن النزاع في سوريا تراجع نسبيًا، إلا أن الأزمات الاقتصادية والمعيشية لا تزال تسيطر على البلاد. في الوقت نفسه، يشعر كثير من اللبنانيين بأن النازحين يشكلون عبئًا على الاقتصاد، ويطالبون بعودتهم إلى سوريا.
بشار حميدي، 25 عامًا، كان قد هرب من الرقة في 2016 بحثًا عن الأمان، لكنه يجد نفسه الآن مرة أخرى في مواجهة الحرب.
يقول بشار، وهو يروي رحلته مع زوجته وأطفاله الثلاثة من جنوب لبنان إلى الحدود السورية: "سمعنا أصوات القصف ورأينا الجثث مرمية على الطريق أثناء هروبنا".
يرتجف صوته وهو يتذكر المشهد: "كنت أشعر أن الموت يلاحقني كوحش، لا أستطيع أن أنسى صراخ الأطفال، إنه يوم رعب لن يبارح ذهني".
العودة إلى سوريا بالنسبة لهؤلاء اللاجئين ليست خيارًا سهلاً، بل هي رحلة أخرى مليئة بالخوف وعدم اليقين، ولكنهم مجبرون على مواجهة هذه الظروف الصعبة بحثًا عن مأوى وحياة أقل اضطرابًا.