«فايننشيال تايمز»: ضعف الاستهلاك يؤثر سلباً على الحقوق الاقتصادية بالصين

«فايننشيال تايمز»: ضعف الاستهلاك يؤثر سلباً على الحقوق الاقتصادية بالصين

تواجه الصين تحديات اقتصادية عميقة تهدد المكتسبات التي حققتها على مدى العقود الماضية، حيث بدأ يظهر تباطؤ حاد في النمو وارتفاع في معدلات الديون بعد سنوات من النمو الاقتصادي السريع الذي استند إلى استثمارات ضخمة في العقارات والصناعة، حيث يثير هذا الوضع تساؤلات حول قدرة الصين على الحفاظ على نموذجها الاقتصادي الحالي وتلبية التطلعات المتزايدة لشعبها.

وذكرت صحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم الأربعاء، أن الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الصين خطيرة لكنها قابلة للعلاج، حيث يُعزى جزء من المشكلة إلى سياسات صانعي القرار الذين لجؤوا إلى مسكنات مؤقتة بدلاً من معالجة جذور المشكلات. 

وقالت الصحيفة، إنه رغم ذلك، لا تزال الصين تحتفظ بنقاط قوة مهمة تؤهلها لتجنب الركود، وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة الصينية مؤخرًا عن تنفيذ تحفيزات نقدية ومالية، وهي خطوة جاءت كاستجابة لحالة من "الاستهلاك الناقص".

معدلات الادخار والاستثمار

وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنه بين عامي 2000 و2024، سجلت الصين متوسطًا مرتفعًا للمدخرات الوطنية، حيث بلغت 45% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ28% في اليابان و18% في الولايات المتحدة. 

وأدى هذا المستوى المرتفع من المدخرات إلى تمويل النمو السريع في الفترة الماضية. لكن مع تراجع فرص الاستثمار المربحة، بدأ الطلب يتراجع، مما حول ما كان يُعتبر قوة إلى نقطة ضعف.

الاعتماد على العقارات

كان الحل الذي اعتمدته الصين لتحقيق فائض في الحساب الجاري مع الاستثمارات العالية هو التوسع في قطاع العقارات، ومع ذلك، أدى هذا إلى زيادة الديون مع تزايد مخاطر عدم القدرة على سدادها. 

وقد أظهرت دراسة حديثة من "تشينا ليدير مونيتوور" أن البناء العقاري مثل حوالي 23-27% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة بين 2011 و2021، مما استنزف نصف مدخرات البلاد.

الحاجة إلى تغييرات هيكلية

يتطلب الوضع الحالي مجموعة من الحلول لتحفيز الطلب وتنظيف النظام المالي، وعلى الرغم من أن الحكومة الصينية قد تتخذ إجراءات لتعزيز الطلب مؤقتًا، فإن التحدي الأكبر يتمثل في تعزيز الطلب على المدى الطويل.

ويزعم بعض الخبراء أن القيادة الصينية تؤمن بأن الحل يكمن في "قوى إنتاجية عالية الجودة"، ولكن هذا يتطلب تحديثًا تكنولوجيًا وتحسينًا في جودة القوة العاملة.

وأشار المحرر في "تشينا ليدير مونيتوور"، مينكسين بي، إلى أن المشكلة الأساسية لا تكمن في جانب العرض، بل في ضعف الطلب، فإن معدل نمو الاقتصاد الذي لا يتجاوز 5% لن يمكّن الصين من الاستثمار أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي بشكل منتج. 

ووفقًا لتوقعات رايت، فإن حصة دخل الأسر في الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 61%، مما يضع قيودًا على الاستهلاك.

الحاجة إلى استهلاك أعلى

تشير التقديرات إلى أن الصين بحاجة إلى زيادة الاستهلاك، لكن القادة الصينيين لا يزالون يعتقدون أن الاستثمار والإنتاج هما الفضائل العليا. 

وبهذا، تواجه الصين تحديًا كبيرًا في إعادة هيكلة اقتصادها لضمان استدامته. كما كتب آدم سميث، "الاستهلاك هو الغاية والغرض الوحيد لكل إنتاج"، مما يتعين على الرئيس شي جين بينغ تبنيه كنهج أساسي لضمان مستقبل اقتصادي مستدام.

تحتاج الصين إلى إعادة تقييم أولوياتها الاقتصادية والتوجه نحو نموذج يعتمد بشكل أكبر على الاستهلاك، لضمان تحقيق الاستدامة والنمو في ظل الظروف الحالية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية