«الإيكونوميست»: اكتظاظ السجون البريطانية يفاقم العنف ويهدد حياة الموظفين

«الإيكونوميست»: اكتظاظ السجون البريطانية يفاقم العنف ويهدد حياة الموظفين

بدأ آندي ليدلاو عمله كضابط في السجون بالمملكة المتحدة، عام 1998، واصفا عمله بأنه "وظيفة ممتعة" فرغم بعض اللحظات الصعبة، كان يعيش في أمان وكان يمكنه أن "يشعر بأنه يُحدث فرقًا".

تدرج ليدلاو، في الرتب حتى أصبح نائب مدير السجن، استمر في العمل رغم التحديات، لكن الأوضاع بدأت تتدهور منذ نحو عشر سنوات. بحسب صحيفة الإيكونوميست.

تهديد حقوق السجناء والموظفين

تدهورت الأوضاع داخل السجون البريطانية عندما قررت الحكومة خفض التكاليف، ما أدى إلى رحيل آلاف الضباط ذوي الخبرة، حيث أصبح الاكتظاظ أمرًا لا يمكن التحكم فيه، فيما أصبحت حوادث العنف جزءًا من الحياة اليومية في السجون.

بدأ الضباط، الذين كانوا يواجهون المشكلات بشجاعة في الماضي، بالتراجع خوفًا من العنف، وقد غادر ليدلاو الخدمة في مارس الماضي، بعدما فقد الأمل في الإصلاح.

خلال العقد الماضي، تضاعف عدد نزلاء السجون في إنجلترا وويلز ليصل إلى 87500، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 100 ألف خلال العام المقبل.

تسببت الزيادة في عدد السجناء في اكتظاظ الزنازين، حيث أصبحت الزنازين المصممة لشخص واحد تُستخدم لشخصين أو ثلاثة، مما قلل قدرة السجون على الحفاظ على الأمن.

وأدى هذا الاكتظاظ إلى زيادة كبيرة في حالات العنف، وارتفعت الاعتداءات على الموظفين، حيث سُجلت نحو 10 آلاف حادثة في العام الماضي، وأدت 3200 منها إلى إصابات خطيرة، وأصبح الأمر شائعًا أن يُنقل الضباط إلى المستشفى عدة مرات أسبوعيًا بسبب هذه الهجمات.

نقص الموظفين

عقب تقليص ميزانية السجون بنسبة 16% بين 2010 و2015، قامت الحكومة بإلغاء رتب ضباط السجون ذوي الخبرة، مما دفع العديد منهم إلى التقاعد المبكر، هذا النقص في الموظفين جعل الخدمة تعاني، حيث إن 50% فقط من الضباط الحاليين لديهم خبرة تزيد على خمس سنوات، مقارنة بـ80% في عام 2010.

على الرغم من زيادة رواتب الضباط الجدد إلى 32 ألف جنيه إسترليني سنويًا، فإن ذلك لم يكن كافيًا لجذب عدد كافٍ من الموظفين، إذ يمكن للعديد من الأشخاص كسب نفس المبلغ في وظائف أخرى دون التعرض لخطر العنف.

وعلاوة على ذلك، تم تخفيض معايير التوظيف، حيث يتم تجنيد الضباط عبر شركات خاصة مثل SSCL دون ضمان كافٍ للجودة أو الملاءمة.

تم اختصار فترة التدريب إلى ستة أسابيع فقط، ما يترك العديد من الضباط الجدد غير مستعدين لمواجهة الحياة داخل السجون، وازداد الوضع سوءًا عندما بدأت بعض العصابات الإجرامية باستغلال ضعف معايير التوظيف لتهريب المخدرات إلى داخل السجون عبر موظفين متواطئين.

انتهاك حقوق السجناء

ازدادت حالات العزل داخل السجون بعد جائحة كورونا، حيث يقضي الآن أكثر من ثلثي السجناء 18 ساعة أو أكثر يوميًا داخل الزنازين، هذا العزل المتزايد يزيد من احتمالات تفشي الأمراض النفسية وتعاطي المخدرات بين السجناء، وهو ما يعد انتهاكا لحقوق السجناء المعترف بها.

وبدا الطريق إلى الإصلاح واضحا، إذ يتطلب تقليل عدد السجناء، ولكن في ظل الثقافة السياسية التي تفضل الأحكام القاسية، قد يكون من الصعب تحقيق ذلك.

أعلن وزير العدل السابق، ديفيد جوك، عن مراجعة للإصلاحات في السجون والتي ستُقدم تقريرها في الربيع، هذه الإصلاحات قد تشمل تقنيات جديدة للإقامة الجبرية بدلًا من السجن، ولكن يبقى التساؤل حول ما إذا كانت الحكومة ستتحرك بالفعل لحل الأزمة، أم ستظل التوصيات مجرد كلمات على الورق.

تجارب دولية وحلول بديلة

أظهرت دول مثل الولايات المتحدة وهولندا نجاحًا في تقليل أعداد السجناء دون إثارة ردود فعل سلبية من الجمهور، ففي أمريكا، انخفض عدد السجناء بنسبة تزيد على 25% في العقد الأخير، بينما شهدت هولندا انخفاضًا بنسبة 44% في الفترة بين 2005 و2015.

يرى ليدلاو أن بريطانيا قادرة على تحقيق إصلاح مشابه، قائلًا: "لقد تم ذلك في دول لا تختلف كثيرًا عنا، أعتقد أننا نستطيع الوصول إلى ذلك".

 




ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية