«الإيكونوميست»: فجوة عنصرية في معدلات وفيات الأطفال السود بالولايات المتحدة
«الإيكونوميست»: فجوة عنصرية في معدلات وفيات الأطفال السود بالولايات المتحدة
كشفت مجلة "الإيكونوميست"، عن إحصائيات حديثة أشارت إلى أن الأطفال السود في الولايات المتحدة يتعرضون لمعدل وفيات قبل بلوغ عامهم الأول يزيد على ضعف معدل وفيات الأطفال البيض.
وقالت "الإيكونوميست"، في تقرير لها، الأحد، إن البيانات تشير إلى أن حوالي 11.2% من الأطفال السود يموتون قبل أن يصلوا إلى عامهم الأول، بينما تبلغ نسبة وفيات الأطفال البيض حوالي 4.7%.
وأضافت، أن هذه الأرقام تعكس فجوة كبيرة في نتائج الصحة بين العرقين، وقد استمرت هذه الفجوة لعقود طويلة دون أن تتغير بشكل ملحوظ، حتى عند الأخذ بعين الاعتبار الفروقات الاجتماعية والاقتصادية، مثل مستوى التعليم والدخل، تبقى معدلات الوفيات مرتفعة بين الأسر ذات الدخل المنخفض، مما يعكس عدم المساواة المقلقة في النظام الصحي.
وتوصلت دراسة نُشرت في الأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة في 2020، إلى أن “الأطفال السود الذين يتلقون الرعاية من أطباء سود، تقل نسب وفياتهم 50%”.
وتبرز هذه النتائج أهمية وجود أطباء من نفس العرق لتقليل الفجوة في نتائج الصحة، مما يسلط الضوء على تأثير العوامل الاجتماعية والعرقية في مجال الرعاية الصحية.
الاهتمام الإعلامي
استحوذت هذه النتائج على اهتمام واسع على المستويات الوطنية والدولية، حيث تم اعتبارها دليلاً على أهمية تطابق لون البشرة بين الأطباء والمرضى لتحسين النتائج الصحية.
ونشرت العديد من وسائل الإعلام الرئيسية تقارير تسلط الضوء على هذه الدراسة، وحصلت على حوالي 700 استشهاد في "جوجل سكولار"، مما يعكس أهمية البحث وتأثيره على النقاشات العامة.
وتم استخدام النتائج كحجة في النقاشات حول سياسة العمل الإيجابي، حيث استشهدت بها القاضية كيتانجي براون جاكسون خلال مناقشات أمام المحكمة العليا، مما زاد من زخم النقاش حول هذه القضايا.
دراسة تتحدى النتائج السابقة
في الشهر الماضي، نشرت دراسة جديدة أعدها جورج بورخاس وروبرت فيربروجين في PNAS، والتي تحدت النتائج السابقة بدراسة بيانات تتعلق بـ 1.8 مليون ولادة في فلوريدا بين عامي 1992 و2015.
استنتج الباحثون أن الفجوة في معدلات الوفيات بين الأطفال السود والبيض ليست مرتبطة بلون بشرة الطبيب، بل بوزن الطفل عند الولادة، قد أظهرت البيانات أن الأطفال الذين يولدون بأوزان منخفضة (أقل من 1500 جرام) يمثلون نسبة كبيرة من وفيات الرضع، حيث تتراوح نسبة الوفيات بين هؤلاء الأطفال حوالي 3% بين الأطفال السود، مقارنة بـ1% فقط بين الأطفال البيض، تعكس هذه النتائج الفجوة العميقة في رعاية الأطفال، وتسلط الضوء على أهمية تحسين تدخلات الصحة العامة لضمان ولادات صحية.
عوامل مؤثرة
تشير الدراسات إلى أن ولادة الأطفال بوزن منخفض تعد واحدة من أكبر العوامل المؤثرة على وفاة الرضع، وتتراوح الأسباب التي تؤدي إلى ولادة الأطفال بوزن منخفض بين العوامل الاجتماعية، مثل الفقر وسوء التغذية، والعوامل الطبية، مثل قلة الرعاية السابقة للولادة.
ويساهم التوجه نحو تحسين رعاية الحمل والولادة في تقليل مخاطر انخفاض وزن الأطفال عند الولادة، وبالتالي تقليل معدلات الوفاة في صفوف الأطفال السود، يعد التركيز على هذه العوامل أمرًا حيويًا لضمان تحقيق العدالة في نتائج الصحة.
السياسات الصحية والبحث الأكاديمي
تأثرت السياسات الصحية في الولايات المتحدة بشكل كبير جراء النتائج المتعارضة بين الدراستين، دفعت الدراسة الأصلية العديد من المؤسسات إلى تعزيز التنوع العرقي في مجال الرعاية الصحية، حيث تم استخدام النتائج كدليل على أهمية التنوع لتحقيق العدالة الصحية، ومع ذلك، لم تحظَ الدراسة الجديدة بنفس مستوى الاهتمام أو التغطية الإعلامية، مما يشير إلى وجود معايير مزدوجة في كيفية تعامل الأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام مع نتائج البحث.
وتظهر هذه المعايير أن هناك ضرورة ملحة لتقييم كيفية تأثير العرق على نتائج الرعاية الصحية، وكيفية تحقيق العدالة بين مختلف الفئات.
تعاون بين الباحثين والإعلام
تتطلب هذه القضايا تضافر الجهود بين الأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام لضمان التغطية العادلة والشاملة لكل النتائج، بغض النظر عن كونها تتماشى مع الاتجاهات السائدة أو لا.
ينبغي أن يعمل العلماء والصحفيون معًا لضمان أن يتم تسليط الضوء على الأبحاث الجديدة وعدم إغفالها، مع التركيز على حقائق البيانات بدلاً من الاتجاهات الظرفية، ويعد تسليط الضوء على الفروق في الرعاية الصحية بين الفئات العرقية خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية.
وانتهى تقرير "الإيكونوميست"، إلى أن الدراسات أثبتت أن العلم يمتلك القدرة على التصحيح الذاتي، لكن ذلك يتطلب تعاونًا مفتوحًا وشفافًا بين الباحثين والإعلام، ينبغي لجميع الأطراف المعنية السعي لتعزيز الفهم والوعي بالقضايا الصحية الحرجة، مع التركيز على حقوق المرضى ومساواتهم في الحصول على الرعاية الصحية الجيدة، وتظل القضية المركزية هي كيفية معالجة الفجوات في الرعاية الصحية وتحقيق العدالة الاجتماعية، مما يتطلب من المجتمع الدولي تبني استراتيجيات فعالة وشاملة لضمان حياة صحية وآمنة لجميع الأطفال، بغض النظر عن لون بشرتهم أو خلفيتهم الاجتماعية.