حظر الكنيست لأنشطة الأونروا يثير استنكاراً عربياً ودولياً

حظر الكنيست لأنشطة الأونروا يثير استنكاراً عربياً ودولياً
مقر الأونروا في غزة- أرشيف

أثار قرار الكنيست الإسرائيلي بحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) استنكاراً واسعاً في العالم العربي والدولي، حيث وصفته جامعة الدول العربية بأنه "سابقة خطيرة"، بينما أكدت الأمم المتحدة أنه لا يوجد بديل.

وصوّت الكنيست الإسرائيلي لصالح قانون حظر الأونروا بأغلبية 92 صوتاً مقابل 10 معارضين، وهو القرار الذي جاء بعد سلسلة من الانتقادات الإسرائيلية للأونروا، تفاقمت منذ اندلاع الحرب على غزة، وادّعت تل أبيب بأن الوكالة كانت شريكة في الهجوم الذي شنّته "حماس" في أكتوبر 2023.

جريمة بحق المنظومة الدولية

في البداية، أدان مجلس الوزراء الفلسطيني مصادقة الكنيست الإسرائيلية على قانون يشرع حظر عمل "الأونروا"، مشددا على أنها جريمة بحق المنظومة الدولية بأسرها، محذرا المجتمع الدولي من خطورة مخططات إسرائيل في استهداف "الأونروا" وتهديد عملها في تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، داعيا إلى تحرك دولي عاجل لإجبار إسرائيل على التراجع عن خطواتها غير القانونية التي ستُعمّق معاناة أبناء الشعب الفلسطيني في المخيمات ومختلف أماكن النزوح.

جامعة الدول العربية

وفي تصريح شديد اللهجة، أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، القرار، قائلاً إنه "يستهدف حرمان أكثر من 5.5 مليون لاجئ فلسطيني من خدمات أساسية"، وأكد أبو الغيط أن هذا القرار يعكس مساعي إسرائيلية ممنهجة لتدمير سمعة الأونروا وتجفيف مصادر تمويلها، مضيفاً أن "القرار يمثل مصادرة لمستقبل ملايين الفلسطينيين".

الأمم المتحدة

وفي هذا السياق، عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن القلق البالغ إزاء اعتماد الكنيست الإسرائيلي قانونين يتعلقان بوكالة الأونروا، «واللذين إذا طبقا من المرجح أن يمنعا الوكالة الأممية من مواصلة عملها الضروري» في الأرض الفلسطينية المحتلة -بما فيها القدس الشرقية- وفق تفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال «غوتيريش»، في بيان صحفي، إن الأونروا هي الوسيلة الرئيسية التي تقدم بها المساعدة الأساسية للاجئي فلسطين في الأرض الفلسطينية المحتلة، مؤكدا عدم وجود بديل عن الأونروا.

وأضاف أن تطبيق القانونين قد تكون له عواقب مدمرة على لاجئي فلسطين في الأرض الفلسطينية المحتلة «وهو أمر غير مقبول»، داعيا إسرائيل إلى العمل بشكل يتوافق مع التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وما يرتبط بامتيازات وحصانات الأمم المتحدة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، إن التشريعات الوطنية لا يمكن أن تغير تلك الالتزامات، مشيرا إلى أن تطبيق هذين القانونين سيضر بحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والسلام والأمن في المنطقة بأسرها، مشددا على أن الأونروا لا غنى عنها.

وقال إنه سيعرض هذا الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة وسيبقيها على علم بشكل وثيق بشأن تطور الوضع.

من جهته، قال المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، إن «تصويت البرلمان الإسرائيلي ضد الأونروا غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة، ويعارض ميثاق الأمم المتحدة وينتهك التزامات دولة إسرائيل بموجب القانون الدولي».

وقال لازاريني «إن هذا التصويت يأتي كأحدث خطوة في الحملة المستمرة لتشويه سمعة الأونروا ونزع الشرعية عن دورها في تقديم خدمات المساعدة والتنمية البشرية للاجئي فلسطين».

وأضاف أن هذين القانونين لن يؤديا سوى إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، خاصة في غزة حيث يعاني الناس هناك منذ أكثر من عام «في جحيم لا يوصف»، مشيرا إلى أن القانونين سيحرمان أكثر من 650 ألف طفل وطفلة هناك من حقهم في التعليم، مما يعرض جيلا كاملا من الأطفال للخطر.

وقال لازاريني، في بيان، إن «هذين القانونين يزيدان من معاناة الفلسطينيين، ولا يقلان عن كونهما عقابا جماعيا».

وتابع: «إن إنهاء الأونروا وخدماتها لن يسلب الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين. هذا الوضع محمي بقرار آخر صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى يتم إيجاد حل عادل ودائم لمحنة الفلسطينيين».

وحذر المسؤول الأممي من أن عدم التصدي لهذين القانونين سيضعف «آليتنا المشتركة متعددة الأطراف التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، ويجب أن يكون هذا مصدر قلق للجميع».

مصر

من جانبها، استنكرت مصر القرار واعتبرته جزءاً من "الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي"، مشددة على رفضها لمحاولات تهجير الفلسطينيين وتصفية حقوقهم في العودة والتعويض.

العراق

كما استنكرت الحكومة العراقية، الثلاثاء، قرار الكنيست وما يمثّله هذا التصرف من «تطور خطير الأثر على الوضع الإنساني، وعرقلة مساعي إيصال المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة». 

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، في بيان صحفي، إن «(أونروا)، التي تمارس عملها في المجال الإنساني في فلسطين منذ ما يزيد على 75 عاماً، مسؤولة عن دعم وإغاثة شعب لاجئ بأكمله، وإن حظر عملها من قِبل الكيان الغاصب يهدد سلامة وحياة الملايين من المدنيين، بما فيهم الأطفال والنساء والعجزة».

الأردن

وفي السياق، أدان الأردن حظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة، عادّاً ذلك «استمراراً لمساعي اغتيالها سياسياً». 

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية، سفيان القضاة، في بيان، إن «إقرار هذه القوانين يعدّ جزءاً من حملة الاستهداف الممنهج للوكالة، واستمراراً لمساعي إسرائيل المحمومة لاغتيال الوكالة سياسياً، وإمعاناً في حربها العدوانية على الشعب الفلسطيني»، مشيراً إلى أن «هذه الإجراءات والممارسات الإسرائيلية غير شرعية وباطلة».

سوريا

كما أدانت سوريا، قيام السلطات الإسرائيلية بحظر عمل وكالة (الأونروا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحرمان الشعب الفلسطيني من الحصول على المساعدات الإنسانية، مؤكدة أن هذا الإجراء انتهاك خطير للقانون الدولي.

وأكدت عدم شرعية مثل هذه القرارات، داعية إلى دعم استمرار عمل وكالة الأونروا وممارستها لدورها الإنساني المهم في تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني، محذرة من العواقب الكارثية الناجمة عن حجب الإغاثة الإنسانية عن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، واستخدامها أداة حرب ضدهم، في انتهاك خطير آخر لحقوقهم، وللقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

تركيا

بدورها، وصفت تركيا القرار بانتهاك صارخ للقانون الدولي، مؤكدة أن "الأونروا تلعب دوراً حيوياً في توفير الاستقرار الإقليمي، ويجب على المجتمع الدولي التصدي لمحاولات حظرها". وقد تعهدت تركيا بتقديم الدعم السياسي والمالي للأونروا، بصفتها رئيسة المجموعة الخاصة بتمويل الوكالة.

الولايات المتحدة

وعبّرت الولايات المتحدة عن "قلق عميق" بشأن مشروع القانون الذي أقره البرلمان الإسرائيلي، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر لصحفيين "لقد أوضحنا لحكومة إسرائيل أننا نشعر بقلق عميق إزاء هذا التشريع المقترح"، مؤكدا الدور "الحاسم" الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.

بريطانيا

وفي تعليق دولي، أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والسفير الألماني في إسرائيل شتيفن زايبرت عن قلقهما حيال تداعيات القرار على الوضع الإنساني، خاصة في قطاع غزة، حيث يعتمد السكان على خدمات الأونروا وسط تصاعد الأزمة الإنسانية.

ألمانيا

وبدوره، أعرب السفير الألماني في إسرائيل، شتيفن زايبرت، عن قلقه بشأن حظر عمل (أونروا)، الذي أقرَّه الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).

وكتب زايبرت على منصة «إكس» أنه «قلق للغاية» حيال تأثير تصويت الكنيست ضد «أونروا»، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني للرجال والنساء والأطفال النازحين في قطاع غزة كارثي بالفعل، وأردف أن «هذه القوانين ستجعلهم عرضة للخطر بصورة أكبر». 

وأعرب الدبلوماسي الألماني عن اعتقاده بأن «أونروا» تعد في الوقت الراهن ذات أهمية حاسمة لتقديم المساعدة لهؤلاء الناس، وهم «لا يزالون في حاجة إلى قدر أكبر بكثير من هذه المساعدات».

جاء هذا القرار ليزيد من المخاوف بشأن تداعيات الحصار المفروض على غزة، في ظل الخسائر الفادحة التي تكبدتها الأونروا، والتي شملت مقتل 223 من موظفيها وتدمير ثلثي مرافقها في القطاع منذ بداية الحرب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية