في اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب.. مُطالبات بحماية الصحفيين وترسيخ العدالة
في اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب.. مُطالبات بحماية الصحفيين وترسيخ العدالة
يوافق اليوم، الثاني من نوفمبر، اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، وهو اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر عام 2013.
ويهدف اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، إلى تسليط الضوء على المخاطر التي يواجهها الصحفيون أثناء تأدية مهامهم ولفت الانتباه إلى مشكلة الإفلات من العقاب على الجرائم التي تستهدفهم.
ورأت الأمم المتحدة أن هذا الأمر يمثل تحديًا رئيسيًا في وجه تعزيز حرية الصحافة وحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات.
يشير قرار الأمم المتحدة إلى ضرورة معاملة الصحفيين والإعلاميين في مناطق النزاع المسلح كمدنيين، مع التأكيد على احترام وحماية حقوقهم بموجب القانون الدولي الإنساني. ويُطالب القرار المجتمع الدولي بالعمل الجاد على إنهاء الإفلات من العقاب؛ إذ يعتبر تحقيق العدالة للصحفيين هدفًا أساسيًا لتمكين حرية التعبير وضمان تدفق المعلومات إلى المواطنين.
تحدي الإفلات من العقاب
يمثل الإفلات من العقاب أحد أخطر التحديات التي تهدد عمل الصحفيين حول العالم، وفي هذا السياق، أعربت منظمة اليونسكو عن خشيتها من أن يؤدي الإفلات من العقاب إلى تقويض المجتمعات بأكملها؛ حيث يسهم ذلك في إخفاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وقضايا الفساد والجرائم.
ويشكل تقرير "سلامة الصحفيين" الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مرجعًا هامًا يقدم استعراضًا شاملاً لأفضل الممارسات التي تبنتها الدول لتعزيز حماية الصحفيين.
ويعتبر التزام الدول بهذه الممارسات أساسًا ضروريًا لبناء بيئة آمنة، تسهم في تعزيز قدرة الصحفيين على أداء عملهم بحرية دون تهديد لحياتهم.
يركز التقرير على الإجراءات السياسية والقانونية الضرورية لحماية الصحفيين، ومنها سن قوانين تحمي حرية الصحافة وتضمن المساءلة والمحاسبة في حال وقوع انتهاكات.
وتعتبر اليونسكو هذه الإجراءات خطوة فعالة في بناء نظام حماية حقيقي للصحفيين، خاصة في الدول التي تعاني من نزاعات أو أوضاع طارئة، إذ يمكن للتدابير التشريعية والتدريب المستمر لموظفي إنفاذ القانون أن تكون حجر الأساس لتأمين بيئة آمنة للعمل الإعلامي.
إحصائيات مقلقة
بين عامي 2006 و2017، فقد ما يقرب من 1010 صحفيين حياتهم أثناء تغطية الأحداث ونقل المعلومات إلى الجمهور، وفي 90% من هذه الحالات، ظل الجناة طلقاء دون أن يطالهم العقاب.
وأدى الإفلات من العقاب إلى تصاعد وتيرة الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، إذ إن غياب المحاسبة يشجع مرتكبي الجرائم على الاستمرار في استهداف الإعلاميين، وتشير هذه الأرقام إلى تحديات ضخمة تعترض سبيل تحسين الأمن للصحفيين، لاسيما في المناطق التي تشهد نزاعات وصراعات معقدة.
في السنوات الأخيرة، سجلت اليونسكو انخفاضًا طفيفًا في أعداد الصحفيين الذين قُتلوا في مناطق النزاع، لكن هذا الانخفاض لم يستمر، إذ أشارت تقارير اليونسكو لعام 2023 إلى أن أكثر من 50% من حالات قتل الصحفيين تمت في مناطق النزاع، مع تزايد الحالات خلال النصف الأول من عام 2024.
وتظهر هذه الأرقام أن العنف تجاه الصحفيين لم يعد مقتصرًا على النزاعات المسلحة فقط، بل امتد ليشمل حتى المناطق التي كانت تُعتبر في السابق آمنة نسبيًا.
حماية الإعلاميين وضمان الحقيقة
يواجه الصحفيون العاملون في بيئات الصراع تهديدات متعددة تشمل القتل والاختفاء القسري والاعتقال غير القانوني وحتى التعذيب، وتتعرض البنية التحتية للإعلام للتدمير، مثل محطات البث ومكاتب الأخبار وأدوات الصحفيين.
ويعاني العديد من الصحفيين من الصدمات النفسية بسبب ما يشهدونه أثناء تغطيتهم للأحداث، مما يضطر بعضهم إلى التوقف عن العمل أو الهجرة بحثًا عن الأمان.
ورغم أن الصحفيين يعملون في ظروف خطرة من أجل نقل الحقيقة، لا يزال الإفلات من العقاب يعرقل عملهم ويضعف ثقة المجتمع بالنظام القضائي، فبقاء الجرائم التي تُرتكب ضد الصحفيين دون عقاب يعزز فكرة أن كشف "الحقائق غير المرغوب فيها" قد يضع الأفراد في خطر، ما يخلق مناخًا من الخوف لدى الصحفيين، ويجعل من الصعب على المواطنين الوصول إلى معلومات دقيقة وموثوقة.
سلامة الصحفيين خلال الأزمات
وتنظم الفعالية الرئيسية للاحتفال باليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين يومي 6 و7 نوفمبر الجاري في مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، تحت شعار "سلامة الصحفيين خلال الأزمات وحالات الطوارئ".
وتهدف هذه الفعالية إلى زيادة الوعي بمخاطر العمل الصحفي في ظروف النزاع والطوارئ، وتسليط الضوء على الجهود الدولية لحماية الصحفيين، بما في ذلك الوقاية والحماية والملاحقة القضائية.
تشير إحصائيات اليونسكو لعام 2022 إلى أن مناطق أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي ما زالت تحتل الصدارة في عدد الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، فمنذ عام 1993، فقد أكثر من 1700 صحفي حياتهم أثناء أداء عملهم، مع إفلات القتلة من العقاب في 90% من الحالات، ويؤدي الإفلات من العقاب إلى تصاعد وتيرة العنف، ويعتبر مؤشرًا على ضعف القانون والانهيار القضائي في بعض الدول.
الأمم المتحدة وحماية الصحفيين
تشكل خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين وإفلات الجناة من العقاب أول جهد متكامل للأمم المتحدة لمواجهة الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين.
وتعتمد الخطة على نهج شامل يضم العديد من الجهات، بما فيها هيئات الأمم المتحدة والحكومات ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، وتهدف إلى تعزيز التدابير الوقائية لضمان سلامة الصحفيين وتقديم الجناة إلى العدالة.
ومنذ اعتماد هذه الخطة، أُحرز تقدم في التوعية بسلامة الصحفيين داخل الأمم المتحدة، حيث تزايدت القرارات والإعلانات التي تدعو لحماية الإعلاميين.
وتعتبر حماية الصحفيين جزءًا من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان، كما أدت الخطة إلى إنشاء آليات أمان وطنية في أكثر من 50 دولة، ما يعد إنجازًا مهمًا في مجال حماية الصحفيين.
رغم هذه الإنجازات، لا تزال التحديات قائمة، حيث يبقى الإفلات من العقاب مرتفعًا، ما يشير إلى ضرورة استمرار الجهود الدولية لضمان حماية الصحفيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحقهم.