«فايننشال تايمز»: فوز ترامب يعمق القلق بشأن العمل المناخي قبيل «كوب29»
«فايننشال تايمز»: فوز ترامب يعمق القلق بشأن العمل المناخي قبيل «كوب29»
اعتبر العديد من المراقبين فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، ضربة للعمل المناخي العالمي، حيث يتوقعون أن يؤثر هذا الفوز بشكل كبير على قمة "كوب19" التي ستنعقد الأسبوع المقبل، حيث سيكون له انعكاسات على الزخم الدولي نحو مواجهة تغير المناخ، وفقا لصحيفة “فايننشال تايمز”
وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير لها السبت، أنه بالرغم من ذلك أكد قادة الاتفاقية المناخية التي تم التوصل إليها في باريس أنهم لا يزالون واثقين من أن عملية إزالة الكربون في العالم ستستمر رغم التحديات التي يطرحها ترامب.
الانسحابات من قمة باكو
وتطرق التقرير إلى أن العديد من القادة السياسيين أشاروا إلى أنهم لن يشاركوا في قمة"كوب29" المزمع إقامتها في أذربيجان، ومن بين هؤلاء، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اللذان قررا عدم الحضور.
وفي المقابل، يظل كل من المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس وزراء المملكة المتحدة سير كير ستارمر على قائمة المشاركين، بالإضافة إلى ذلك، لن يحضر عدد من القادة الماليين البارزين مثل رؤساء بنوك "بنك أوف أمريكا"، "بلاك روك"، و"دويتشه بنك"، فضلًا عن مارك كارني، الذي يتزعم تحالف المناخ المالي.
وأوضح أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة في الولايات المتحدة أن قرب أذربيجان من روسيا كان سببًا رئيسيًا في قراره بعدم المشاركة.
مستقبل التمويل المناخي
وقال أحد المفاوضين المناخيين من مجموعة العشرين إن "الذهاب إلى قمة كوب الآن أصبح أكثر صعوبة"، وأضاف أن ترامب كان دائمًا واضحًا في موقفه من تغير المناخ، مشيرًا إلى أن هذا الموقف يجعل الأمور أكثر تعقيدًا.
كان ترامب قد عبّر عن رفضه للتعددية والعولمة، موضحًا التزامه بمبدأ "أمريكا أولًا"، ما يزيد من تعقيد المفاوضات المتعلقة بتغير المناخ.
في الوقت ذاته، كان من المقرر أن يتم في قمة كوب29 الاتفاق على هدف جديد للتمويل المناخي، الذي يهدف إلى دعم الدول النامية في بناء أنظمة طاقة خضراء والتكيف مع تحديات الاحترار العالمي، وتعتبر الولايات المتحدة، بكونها أكبر اقتصاد في العالم، لاعبًا أساسيًا في هذا السياق.
الدعوات لإصلاح النظام المالي
من جانبه، أكد رئيس المناخ بالأمم المتحدة، سيمون ستيل، أن التحضيرات لقمة "كوب29" تسير كما هو مخطط لها، مشيرًا إلى أن الحد من الاحترار العالمي أمر بالغ الأهمية لجميع الاقتصادات، وأضاف أنه "ما لم تتمكن جميع الدول من خفض الانبعاثات وبناء مزيد من المرونة في سلاسل الإمداد العالمية، فإن أي اقتصاد -بما في ذلك دول مجموعة العشرين- لن ينجو من آثار الاحتباس الحراري".
وأكد وزير المناخ الأيرلندي، إيمون رايان، الذي سيتولى قيادة محادثات التكيف في قمة "كوب29"، أن فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية يجعل من "الأكثر أهمية" الوصول إلى أهداف جديدة للتمويل المناخي، وأضاف أن "هذا لا يغير ما نحتاج إلى القيام به في باكو، ولكنه قد يجعل الأمور أكثر صعوبة".
وتابع أن من مصلحة كل دولة حماية شعوبها من آثار تغير المناخ، مع ضرورة التحول الاقتصادي لضمان عدم الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد.
قانون الحد من التضخم
أثناء حملته الانتخابية، عبّر ترامب عن دعمه لصناعة الوقود الأحفوري، التي تعد من بين أكبر داعميه، كما تعهد بإلغاء قانون "الحد من التضخم" الذي كان له دور كبير في جذب استثمارات ضخمة إلى قطاع الطاقة الأمريكي.
وفقًا لتقرير "مراقبة الاستثمار النظيف"، جلب هذا القانون استثمارات تقدر بحوالي 450 مليار دولار إلى قطاع الطاقة في الولايات المتحدة، وقدّر تقرير من "بلومبيرج" أن إلغاء هذا القانون سيؤدي إلى انخفاض بنسبة 17% في قدرة الطاقة المتجددة الجديدة بين عامي 2025 و2035، مع تراجع في طاقة الرياح البحرية بنسبة تصل إلى 45%.
في المقابل، أظهر تحليل أجرته "فايننشال تايمز" أن ثلاثة أرباع المشاريع الصناعية التي تم الإعلان عنها في السنة الأولى من إقرار القانون استفادت منها الدوائر التي يمثلها الجمهوريون في الكونغرس.
وفي هذا الصدد، أشار 18 عضوًا من الحزب الجمهوري في مجلس النواب إلى أنهم يعارضون "إلغاء الإعفاءات الضريبية للطاقة" التي تدعم الاستثمارات الجديدة في ظل قانون الحد من التضخم.
رؤية قادة المناخ
رغم التحديات السياسية، أكدت كريستيانا فيغيريس، التي قادت مفاوضات اتفاق باريس، أن التحول إلى الطاقة النظيفة سيستمر بغض النظر عن الانسحاب المحتمل للولايات المتحدة، وأضافت أن تقنيات الطاقة النظيفة ستواصل التفوق على الوقود الأحفوري بفضل كفاءتها وتوافرها بكميات أكبر.
وأوضح أحد مهندسي اتفاق باريس، لورانس تيوبينا، أن الاتفاق أظهر مرونة كبيرة وأنه سيصمد أمام أي انسحاب محتمل من الولايات المتحدة، وتابع أن الاقتصاد العالمي قد تغير بالفعل، مشيرًا إلى أن الزخم الاقتصادي وراء التحول العالمي للطاقة النظيفة سيكون خطرًا إذا قررت الولايات المتحدة التخلي عن الدور الريادي.
دور الاتحاد الأوروبي
أشار العديد من الخبراء إلى أن المسؤولية قد تقع على عاتق الاتحاد الأوروبي لزيادة عمله المناخي الطموح لإظهار أن الإجراءات المناخية لا تحمي فقط البيئة بل تعزز أيضًا الاقتصاد وتزيد من القدرة على الصمود.
وقالت المبعوثة المناخية لألمانيا، جينيفر مورغان، إن برلين ستسعى للعمل مع الإدارة الأمريكية القادمة "حيثما أمكن" للتعامل مع التحديات الأمنية المشتركة، بما في ذلك أزمة المناخ.
وبدوره، قال عالم المناخ في معهد بوتسدام، يوهان روكستروم، إن "فوز ترامب سيمثل إيقافًا للعمل المناخي لمدة أربع سنوات، فهل يمكننا تحمل ذلك؟ الجواب هو لا".