«فايننشال تايمز»: تسارع ذوبان القطب الشمالي ينذر بكارثة بيئية عالمية
«فايننشال تايمز»: تسارع ذوبان القطب الشمالي ينذر بكارثة بيئية عالمية
كشفت دراسة علمية حديثة أن المحيط المتجمد الشمالي قد يواجه أول يوم خالٍ من الجليد قبل عام 2030، في ظل تسارع وتيرة ذوبان الجليد بمعدلات غير مسبوقة، وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وقالت الصحيفة البريطانية، اليوم الأحد، إن القطب الشمالي شهد منذ أوائل الثمانينيات فقدان نصف الغطاء الجليدي الذي يتكون في أواخر الصيف.
وأظهرت نتائج الدراسة، التي أجرتها مجموعة من العلماء الدوليين، أن الموعد المتوقع ليوم خالٍ من الجليد قد اقترب بشكل ملحوظ، حيث تتوقع النماذج المناخية المتقدمة حدوثه خلال السنوات الثلاث إلى الست المقبلة.
وأجرى الباحثون قياسات لتركيز الجليد باستخدام بيانات الأقمار الصناعية، وتوصلوا إلى عدة سيناريوهات محتملة.
وأشارت أستاذة علوم الغلاف الجوي والمحيطات بجامعة كولورادو بولدر، ألكسندرا يان، إلى أن السيناريوهات الأكثر تسارعًا لذوبان الجليد قد تبدو مستبعدة، لكنها لا تزال ممكنة، تمامًا كما تحدث فيضانات نادرة كل ألف عام.
ذوبان الجليد
اعتبر العلماء أن المحيط المتجمد الشمالي يكون خاليًا من الجليد عندما تقل مساحة الجليد البحري عن مليون كيلومتر مربع، وهي مساحة يقتصر وجودها عادة على مناطق شمال غرينلاند وأرخبيل كندا.
وأكد الباحث في المركز الوطني الأمريكي لبيانات الثلج والجليد، والتر ماير، أن تحديد السنة الدقيقة لحدوث الذوبان الكامل يكتنفه بعض الغموض بسبب التغيرات الطبيعية في الطقس، وأضاف أن الذوبان الكامل يتطلب ظروفًا مناخية موسمية قاسية.
وسجل القطب الشمالي في سبتمبر 2012 أدنى مستوى لمساحة الغطاء الجليدي، حيث تقلص إلى 3.4 مليون كيلومتر مربع، وهو ما يعادل نصف متوسط المساحة المسجلة بين 1981 و2010.
وتأخر تجمد الجليد في الخريف، مع تسجيل نقص بلغ 1.5 مليون كيلومتر مربع، وهي مساحة تعادل حجم دولة منغوليا، مقارنة بالمعدلات الموسمية طويلة الأجل.
ووصف والتر ماير هذا التراجع بأنه تغيير جذري، موضحًا أن مجرد احتمال حدوث ذوبان كامل في 2030 يعكس حجم التغيرات التي طرأت على البيئة القطبية.
تأثيرات مناخية متسارعة
أشارت عالمة المناخ في المسح البريطاني للقارة القطبية الجنوبية، إيلا جيلبرت، إلى أن الظواهر المناخية المتطرفة يمكن أن تُحدث تغييرات مفاجئة وسريعة، مثل انهيار رف كونجر الجليدي في القارة القطبية الجنوبية في مارس 2022، والذي سببه تيار هوائي دافئ.
وأدى فقدان الجليد البحري إلى تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث تُعرف هذه العملية باسم تأثير "ألبييدو"، فبدلًا من أن تعكس طبقة الجليد أشعة الشمس، تمتص المياه الداكنة الحرارة، مما يزيد من ارتفاع درجات الحرارة.
وحذر العلماء من أن هذا الاحترار قد يؤدي إلى زيادة الظواهر الجوية المتطرفة في مناطق خطوط العرض الوسطى.
الحد من الانبعاثات
وأكدت الدراسة أن الحد من انبعاثات غازات الدفيئة قد يساهم في تأخير حدوث اليوم الخالي من الجليد، لكنه لن يمنعه بشكل كامل، وذكرت ألكسندرا يان أن السيناريوهات الأقل انبعاثًا ستبطئ الزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون، لكنها لن توقف ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وتأثرت المجتمعات المحلية والحياة البرية في المنطقة القطبية بالفعل بذوبان الجليد، واضطرت بعض الحيوانات إلى النزوح إلى اليابسة بسبب نقص مساحات الصيد، بينما هاجرت أنواع بحرية أخرى إلى مناطق كانت شديدة البرودة في السابق.
وأكدت إيلا جيلبرت، أن القطب الشمالي يواجه احترارًا أسرع بأربع مرات من بقية كوكب الأرض، ما يهدد النظم البيئية والبنية التحتية وسبل عيش السكان المحليين.
وسلطت الدراسة الضوء على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة التغير المناخي وتقليل آثاره الكارثية على النظام البيئي القطبي وباقي أنحاء العالم.