«نيويورك تايمز»: الثقة في القضاء الأمريكي تراجعت لأدنى مستوياتها
«نيويورك تايمز»: الثقة في القضاء الأمريكي تراجعت لأدنى مستوياتها
كشفت نتائج استطلاع جديد أجرته مؤسسة "غالوب" عن انخفاض حاد في ثقة الجمهور بالنظام القضائي في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع الماضية، حيث أظهر الاستطلاع أن مستوى الثقة تراجع بنسبة 24 نقطة مئوية، لينخفض من 59% في عام 2020 إلى 35% في العام الجاري 2024.
ووفقا لتقرير نشرته "نيويورك تايمز" حول الاستطلاع، اليوم الثلاثاء، صنف هذا التراجع النظام القضائي الأمريكي ضمن أسوأ المستويات عالميًا، ليصبح في مصاف دول تعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية حادة، مثل ميانمار وسوريا وفنزويلا.
ووصف الخبراء هذه النتائج بالمثيرة للقلق، حيث أكدوا أن مثل هذه الانخفاضات عادة ما تحدث في أعقاب أزمات كبيرة.
القرارات السياسية أثرت على الثقة
أرجع توم غينسبيرغ، أستاذ القانون المقارن والدولي بجامعة شيكاغو، هذا التراجع إلى قرارات سياسية مثيرة للجدل، وأشار إلى أن قرار المحكمة العليا بإلغاء حق الإجهاض المضمون في قضية رو ضد ويد، إلى جانب الملاحقات القضائية للرئيس السابق دونالد ترامب، ساهم في خلق انطباع بأن القضاء أصبح مسيّسًا.
وأكد غينسبيرغ أن هذه الأحداث عمقت شعور المواطنين بأن القضاء الأمريكي لم يعد مستقلًا كما كان في السابق.
وأضاف أن هذا التصور يدعو للقلق نظرًا لأهمية القضاء في حماية الحقوق وضمان العدالة.
مقارنة عالمية
قارنت مؤسسة "غالوب" مستوى الثقة في القضاء الأمريكي بمستويات الثقة في دول أخرى على مدى العقدين الماضيين.
وأوضح الاستطلاع أن الولايات المتحدة كانت من بين 9 دول فقط شهدت انخفاضًا حادًا في الثقة بنظمها القضائية خلال فترة 4 سنوات.
وشهدت ميانمار انخفاضًا بمقدار 46 نقطة بعد عودة الحكم العسكري، بينما تراجعت الثقة في فنزويلا بمقدار 35 نقطة بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية، كما انخفضت الثقة في سوريا بمقدار 28 نقطة خلال المراحل الأولى من الحرب الأهلية.
استقرار الثقة في دول أخرى
حافظت الدول المتقدمة الأخرى على مستويات مستقرة من الثقة في قضائها، أظهر الاستطلاع أن متوسط الثقة في الأنظمة القضائية بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بلغ 55%، ظل هذا الرقم ثابتًا تقريبًا على مدى العقد الماضي.
وسجلت الولايات المتحدة فجوة قدرها 20 نقطة مقارنة بنظيراتها من الدول المتقدمة، وهي الفجوة الأكبر منذ بدء استطلاعات "غالوب" العالمية في عام 2006، اعتبر الخبراء أن هذه الفجوة تعكس أزمة ثقة حقيقية تستدعي مراجعة عميقة.
التراجع للمركز 92 عالمياً
احتلت الولايات المتحدة المرتبة 92 عالميًا من حيث ثقة الجمهور في القضاء في عام 2023، بنسبة بلغت 42%، جاءت 5 دول في مقدمة التصنيف بثقة تجاوزت 85%، وهي الكويت، وسنغافورة، والنرويج، والدنمارك، وسويسرا.
تفوقت دول أخرى على الولايات المتحدة، مثل روسيا، والعراق، وإيران، وليبيا، والمجر، شكل هذا التصنيف صدمة لكثير من المراقبين الذين اعتادوا على رؤية القضاء الأمريكي كأحد أعمدة الديمقراطية الحديثة.
تداعيات تراجع الثقة
أدى انخفاض الثقة في القضاء الأمريكي إلى مخاوف من تأثيرات سلبية على العدالة وسيادة القانون، وحذر الخبراء من أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى تقويض مصداقية المؤسسات القانونية وزيادة الاستقطاب السياسي.
وأكدت مديرة الأبحاث الاجتماعية في "غالوب"، ليديا سعد، أن التراجع الحالي يعكس اضطرابات سياسية عميقة داخل الولايات المتحدة، وأضافت أن مثل هذه الانخفاضات عادة ما ترتبط بفترات من عدم الاستقرار السياسي أو الاجتماعي.
ضرورة استعادة الاستقلالية
دعا الخبراء إلى اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة ثقة الجمهور في القضاء، واعتبروا أن تعزيز الشفافية وضمان استقلالية القضاء بعيدًا عن التجاذبات السياسية يُعد أمرًا ضروريًا، وأكدوا أن حماية استقلال القضاء هو أساس استقرار أي نظام ديمقراطي.
واختُتمت نتائج الاستطلاع بتحذير من خطورة تجاهل أزمة الثقة الحالية، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تآكل شرعية المؤسسات القانونية وزيادة التوترات داخل المجتمع الأمريكي.