«الإيكونوميست»: الأوضاع الاقتصادية أثرت على استثمارات الأغنياء في السلع الفاخرة

«الإيكونوميست»: الأوضاع الاقتصادية أثرت على استثمارات الأغنياء في السلع الفاخرة
الأوضاع الاقتصادية أثرت على استثمارات الأغنياء في السلع الفاخرة

شهدت أسواق السلع الفاخرة تراجعًا ملحوظًا في قيمتها خلال عام 2024، وهو ما يعكس التأثيرات السلبية لعدم اليقين الاقتصادي المتزايد على استثمارات الأغنياء، وفقا لتقرير نشرته مجلة “الإيكونوميست”، أمس الجمعة.

وأشار التقرير إلى أنه رغم النمو المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي العالمي وارتفاع الأسواق المالية، فإن التوترات الجيوسياسية والصراعات العالمية، مثل الحرب في أوكرانيا والأزمات في الشرق الأوسط، دفعت الكثير من المستثمرين إلى إعادة النظر في استثماراتهم في السلع الفاخرة.

وقالت “الإيكونوميست”، إن هذه الظروف تسببت في حدوث منافسة قوية بين الأصول المالية الأكثر استقرارًا، مثل الأسهم والعملات الرقمية، والسلع الفاخرة التي كانت في وقت سابق من بين الخيارات المفضلة للثروات الكبيرة.

وقال تقرير إن محبي النبيذ الفاخر والفن الرفيع وغيرهم من عشاق السلع الفاخرة عانوا هذا العام من تراجع حاد في أسعار الأصول التي استثمروا فيها، فقد خسرت الاستثمارات في الفن ما معدله 16% بحلول نهاية نوفمبر 2024، وفقًا لمؤشر "أول آرت" الذي يعكس مبيعات المزادات في هذا المجال.

وتراجع الاستثمار في النبيذ الفاخر بمقدار 11% خلال نفس الفترة، حسب مؤشر "ليف-إكس فاين واين 1000"، الذي يعد أقرب مؤشر عالمي لأسعار النبيذ، كما انخفضت أسعار الألماس بنسبة 20% تقريبًا، بينما ظل سعر السيارات القابلة للتحصيل ثابتًا إلى حد كبير.

تراجع في سوق السلع الفاخرة

سبق هذا التراجع سنوات من النمو السريع، حيث شهدت الأسواق ازدهارًا غير مسبوق خلال فترة جائحة "كوفيد-19"، عندما انخرط المستهلكون في شراء السلع الفاخرة كوسيلة للتسلية في ظل الأوضاع الصعبة، حينها، شهدت الأسعار ارتفاعات كبيرة.

ووفقًا لتقرير صادر عن بنك "إتش إس بي سي"، أصبحت الفساتين والحقائب المصممة أغلى بنسبة 54% مقارنةً بما كانت عليه في عام 2019، كما وصلت أسعار أفضل أنواع النبيذ من منطقة بوردو إلى أعلى مستوياتها منذ 12 عامًا في عام 2022.

ورغم ذلك، قد يبدو من غير المنطقي أن يضعف سوق الأصول الفاخرة في الوقت الذي يتوقع فيه صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.2% في 2024، فقد سجلت أسواق الأسهم نموًا قويًا هذا العام، حيث ارتفع مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق العالمية بنسبة 17%.

وزادت عملة "البيتكوين" بأكثر من 140%، وحتى سندات الخزانة الأمريكية حققت عوائد جيدة، حيث ارتفع مؤشر "إس آند بي 3-6 شهر" لسندات الخزانة الأمريكية بنسبة 5% منذ بداية العام.

تأثير الأوضاع الجيوسياسية

لم تسهم الأوضاع الجيوسياسية في تعزيز سوق السلع الفاخرة، بل ساهمت في تدهوره، فقد أثرت الحرب الروسية في أوكرانيا والصراعات المستمرة في الشرق الأوسط على معنويات المستهلكين في أسواق السلع الفاخرة الكبرى.

وتأجلت عمليات الشراء في العديد من الأسواق الكبرى مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومنذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات، تحول الاهتمام إلى القلق بشأن الحروب التجارية، التي يمكن أن تؤثر سلبًا على سوق السلع الفاخرة. 

وفي 2019، فرضت الولايات المتحدة ضريبة استيراد بنسبة 25% على النبيذ الأوروبي، مما أثر على مبيعات النبيذ في أوروبا، كما أُعيدت البهجة لمنتجي النبيذ الأسترالي بعد أن رفعت الصين التعريفات المفروضة على النبيذ الأسترالي في مارس 2024.

تعثر صيني

وكان للصين دور كبير في دعم الطلب على السلع الفاخرة على مدار عقدين من الزمن، إلا أن الأزمة الحالية في سوق العقارات، بالإضافة إلى حملة الحكومة ضد إظهار الثروات الفاحشة، قد أثرت سلبًا على الإنفاق.

وقد تجسد هذا التأثير في سوق النبيذ، حيث انخفضت مبيعات النبيذ الفاخر بنسبة تقارب 30% في العامين الأخيرين، وفي 2019، كانت الصين تستهلك حوالي 17% من إنتاج العالم من النبيذ، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 8% فقط في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من الانخفاض في بعض القطاعات، لا يزال هناك بعض الزخم في جوانب أخرى من سوق السلع الفاخرة.

أشار المتحدث باسم "أرت ماركت ريسيرش"، سيباستيان دوتي، إلى أن مبيعات الفن "البلو تشيب" لا تزال قوية في 2024، فقد شهدت بعض الأعمال الفنية التي لم تُعرض للبيع منذ فترة طويلة مزادات ناجحة، مثل اللوحة التي بيعت للفنان جان-ميشيل باسكيات بمبلغ 46.5 مليون دولار، أو اللوحة التي بيعت للفنان إدوارد روسشا بمبلغ 68.3 مليون دولار، وفقًا للسيد دوتي، فإن المستثمرين في هذه الأوقات يتجهون نحو الأساليب الأكثر أمانًا.

عشاق السلع الفاخرة

في الوقت نفسه، يستمر بعض المشترين في التخطيط لمشترياتهم المستقبلية رغم المخاطر المرتبطة بالاستثمار في السلع الفاخرة، ويعلم هؤلاء أن استثمارات مثل الألماس الوردي أو سيارات "فيراري" القديمة قد تكون محفوفة بالمخاطر، إلا أن لها مزايا أخرى، مثل القدرة على عرض هذه الممتلكات الفاخرة للآخرين.

وقال رئيس "مؤسسة أبحاث الألماس الفاخر"، روي سافيت، إن الألماس يمنح مالكه الفرصة للتباهي بنجاحه، بينما يضيف رئيس "المجموعة الدولية للسيارات التاريخية"، ديتريش هاتلابا، أن العديد من المشترين يواصلون شراء هذه الأصول لأسباب تتعلق بالشغف والاهتمام الشخصي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية