الكريسماس والعمل الخيري.. مناسبة عالمية للتضامن مع الفقراء والفئات المهمشة

الكريسماس والعمل الخيري.. مناسبة عالمية للتضامن مع الفقراء والفئات المهمشة
احتفالات الكريسماس

ترتبط احتفالات الكريسماس ارتباطا وثيقا بالعمل الخيري، حيث يمثل فرصة لإطلاق مبادرات تركز على دعم الفئات المهمشة وتحقيق أثر مستدام على المدى الطويل، حيث تلهم الاحتفالات الناس في مختلف دول العالم لتقديم المساعدة للآخرين، خاصة الفقراء والمحتاجين.

وتمثل احتفالات الكريسماس فرصة لتعزيز روح العطاء والعمل الخيري، إذ يتجلى ذلك في العديد من المبادرات التي تُطلق خلال موسم الكريسماس لدعم المحتاجين، ونشر المحبة، وتعزيز قيم الإنسانية.

وتركز الروح العامة للاحتفال على المحبة والعطاء والسلام، ما يجعل العمل الخيري جزءًا من تقاليده التراثية، حيث يتم إطلاق مبادرات لتوزيع الطعام والملابس وتقديم المساعدة الأساسية للأفراد الذين يواجهون صعوبات اقتصادية ومعيشية.

ويصاحب الاحتفال بالكريسماس حملات لتقديم الهدايا للأطفال في المناطق الفقيرة أو اللاجئين لإدخال السرور إلى قلوبهم، إضافة إلى توفير منح دراسية أو دعم مادي للطلاب المحتاجين، وتنظيم قوافل طبية أو دعم المستشفيات والمراكز الصحية.

ويعد الكريسماس موسما ملهما للمبادرات الخيرية من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني والشركات لتحقيق أهداف تنموية، حيث يتم توزيع صناديق الكريسماس التي تحتوي على مواد غذائية وألعاب على الأسر المحتاجة، فيما يتم إقامة أسواق تجارية لبيع منتجات الكريسماس واستخدام عائداتها لدعم المشروعات الخيرية.

ويتم تنظيم احتفالات مجتمعية شاملة، تجمع الفئات المهمشة مع المجتمع لتكريس فكرة الوحدة، إلى جانب إطلاق مبادرات تهدف إلى جمع ألعاب جديدة للأطفال في المناطق المحرومة، ومواقع إلكترونية تربط المتبرعين بالمحتاجين لدعم مشاريع تخلق دخلًا مستدامًا.

يأتي ذلك إلى جانب تنظيم الزيارات للمستشفيات ودور الرعاية للأيتام وكبار السن، لتقديم الهدايا ونشر البهجة، وإطعام الفقراء والمشردين، إلى جانب التفاعل مع الأشخاص الذين يعانون من الوحدة أو المشكلات النفسية، لتذكيرهم بأنهم ليسوا وحدهم.

أهمية التضامن الإنساني

وتعزز الأعمال الخيرية خلال الكريسماس من تذكير الجميع بأهمية التعاون والتضامن الإنساني والدعم، إذ تثبت الدراسات أن تقديم العون للآخرين وترسيخ قيم العطاء يعزز مشاعر الرضا والسعادة لدى الأفراد، ويبعث رسالة أنه بإمكاننا جميعًا أن نكون جزءًا من التغيير الإيجابي في حياة الآخرين.

وخلال موسم الكريسماس ينشط الأفراد في العمل التطوعي، سواء في ترتيب الفعاليات الخيرية أو تقديم الخدمات مثل تنظيف الشوارع أو زيارة المرضى والمسنين، كما يتم تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية المهمة مثل الفقر أو حقوق الإنسان لجذب الانتباه والدعم خلال هذه الفترة.

وتنشط حملات دعم المشروعات الصغيرة، إذ تطلق العديد من المبادرات التي تركز على شراء المنتجات من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر أو المشروعات الحرفية لدعم أصحابها اقتصاديًا خلال موسم الاحتفالات بالكريسماس.

وتعتمد جدوى المبادرات الخيرية في تحقيق أثر مستدام للفئات المهمشة على تصميم وتنفيذ المبادرات بطريقة استراتيجية وشاملة تتجاوز تقديم المساعدات المؤقتة إلى معالجة الأسباب الجذرية للتهميش والفقر، ويتحقق ذلك من خلال تبني نهج يمزج بين الإغاثة الفورية والتنمية طويلة الأمد.

ورغم تعدد وتنوع المبادرات الخيرية في موسم احتفالات الكريسماس، فإن معظمها يتسم بالإغاثات الفورية من خلال توفير مساعدات عاجلة (مثل الغذاء والملابس والهدايا والمستلزمات الأساسية) لكنها لا تتميز بالاستدامة إلى حد كبير.

وعادة ما تعاني المبادرات الخيرية، من نقص التمويل المستدام، والذي قد يؤدي بالتبعية إلى توقف المبادرات بعد فترة قصيرة، إلى جانب غياب التنسيق بين المؤسسات الخيرية والحكومية، ما يؤدي إلى تداخل الجهود وإهدار الموارد، فضلا عن غياب آليات قياس الأثر، ما يجعل من الصعب معرفة مدى نجاح المبادرات أو الحاجة لتعديلها.

وتستطيع المبادرات الخيرية أن تحقق أثرا مستداما إذا ركزت على تمكين الفئات المهمشة وتعزيز اعتمادهم على أنفسهم، مع توفير بنية تحتية ودعم مالي مستدام، كما أنه من الضروري أن تكون هذه المبادرات مدمجة مع استراتيجيات شاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق تغيير دائم للفئات المستهدفة.

تحول في مفهوم العطاء

وتكمن أهمية الأعمال الخيرية في المجتمع في تعزيز القيم الأخلاقية فعندما يتعاون الأفراد معًا لمساعدة الآخرين، يتم تعزيز القيم مثل الإيثار والتضحية والتعاون وتعزيز شعور التسامح والاحترام بين أفراد المجتمع، ما يساهم في خلق بيئة إيجابية وصحية يتقاسم فيها الجميع ثمار الرخاء.

وقال خبير التنمية المستدامة، الدكتور ياسر شحاتة، إن تأثير المشاريع الخيرية بالغ الأهمية، حيث يمكن للأفراد والمؤسسات المساهمة في بناء مستقبل مستدام وتحقيق التنمية الشاملة، لا سيما أن تعزيز التنمية المستدامة من خلال المشاريع الخيرية يمثل استثمارًا في المجتمعات، الأمر الذي يساهم في بناء عالم أفضل للأجيال الحالية والمستقبلية.

وأوضح شحاتة في تصريح لـ"جسور بوست"، أن موسم الكريسماس يعتبر مناسبة سنوية لتعزيز روح العطاء والتضامن، من خلال الأعمال الخيرية التي تساهم في تعزيز العدالة الاجتماعية، حيث تُقدم المساعدات للفئات الأكثر احتياجا، إلى جانب المشاركة في الأنشطة الخيرية التي تعزز الروابط الاجتماعية وتقوي الشعور بالمجتمع.

وأضاف: "المبادرات الخيرية غالبًا ما تتضمن شراء هدايا وأغذية ومواد أساسية من الأسواق المحلية، فضلا عن أن الأسواق الخيرية والبازارات تساهم في تعزيز التجارة المستدامة، خاصة إذا تضمنت منتجات مصنوعة يدويًا، ومن ثم تحقيق السلام الاجتماعي في مختلف الدول".

ومضى شحاتة، قائلا: “الكريسماس يمكن أن يكون فرصة لتعزيز الأهداف العالمية للتنمية المستدامة مثل القضاء على الفقر، وتعزيز التعليم الجيد، وتقليل التفاوتات الاجتماعية وارتكاب الجرائم أو الانحرافات الأخلاقية، فضلا عن تعزيز التكافل الاجتماعي والتنمية المستدامة".

ضرورة إحداث تحول جذري

ومن جانبها، دعت القيادية الأردنية في العمل التنموي، نسرين قطامش، إلى ضرورة إحداث تحول جذري في مفهوم العطاء، من العمل المؤقت أو الموسمي وردود الأفعال الفورية إلى العمل المؤسسي، حيث يتم الانتقال من تقديم المساعدة إلى تمكين الأفراد.

وأوضحت قطامش في تصريحات صحفية أن تحقيق الأثر المستدام يتطلب وضع استراتيجيات طويلة الأمد تحقق عائدا حقيقيا من الجهود والموارد التي تُبذل في هذا المجال، وبالتالي علينا أن نكون جاهزين لاستثمار النمو المتسارع في عالم العمل الخيري. 

وأضافت أنه وفقا لاستبيان أجرته مؤسسة Philanthropy Alliance، من المتوقع أن تشهد إفريقيا وآسيا، بما فيها الشرق الأوسط، أعلى مستويات النمو في الأعمال الخيرية خلال الأعوام الـ25 المقبلة، وهذا النمو يشير إلى ضرورة التحول نحو نهج خيري استراتيجي، حيث يجب أن نضع خططا واضحة للتعامل مع التحديات المقبلة واستثمار الفرص التي يحملها هذا النمو.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية