استغلال الأطفال في التسول يثير الجدل بالمغرب ودعوات للمواجهة بالقانون
استغلال الأطفال في التسول يثير الجدل بالمغرب ودعوات للمواجهة بالقانون
تستمر ظاهرة استغلال الأطفال في التسول في إثارة الجدل بالمملكة المغربية، حيث تتصاعد الدعوات للتصدي لها عبر تغييرات قانونية.
ونوقش الموضوع مؤخرا في البرلمان المغربي، إثر تقديم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (المعارض) مقترحا قانونيا يهدف إلى تشديد العقوبات على من يستخدم الأطفال في التسول، وفق تقرير لقناة "الحرة" الأمريكية.
وتستهدف المبادرة تعديل القانون الجنائي لزيادة العقوبة الحبسية من ستة أشهر إلى سنتين، مع إلغاء التمييز بين فئات القاصرين، لتعزيز حماية جميع الأطفال دون سن الـ18.
مخاطر اجتماعية ونفسية
تشير المبادرة التشريعية إلى أن التسول أصبح ظاهرة شائعة، ولا سيما مشاركة الأطفال فيها، حيث يعانون من أضرار نفسية وجسدية ناتجة عن الحياة في الشارع.
وتؤكد المبادرة أن بيئة الطفل المثالية هي الأسرة والمدرسة، وليس الشارع، مما يعكس الحاجة الملحة لتغيير هذا الواقع المؤلم.
وعلى الرغم من الجهود التشريعية، تثير هذه المبادرة تساؤلات حول فعالية رفع العقوبات في الحد من انتشار الظاهرة، وسط تقارير رسمية تؤكد ارتفاع عدد الحالات المتعلقة بتسول الأطفال.
زيادة مطردة في الظاهرة
كشف تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أواخر 2023 عن تزايد قضايا استغلال الأطفال في التسول.
ففي عام 2022، تم تسجيل 127 قضية، مقابل 88 في 2017، مما يمثل زيادة تقارب 45% في هذه الظاهرة.
وأشار التقرير إلى غياب الدراسات والإحصائيات الدقيقة حول التسول، ما يشكل تحديا أمام اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة الظاهرة.
التشريعات وحدها ليست كافية
في تعليقها على المبادرة التشريعية، اعتبرت رئيسة جمعية "جود"، هند العايدي، أن تشديد العقوبة خطوة إيجابية، لكنها لا تكفي للحد من الظاهرة.
واعتبرت أن العقوبة الحالية، التي قد تصل إلى عامين من السجن، تعد "هزيلة" مقارنة بالحجم الكبير للضرر الذي يتعرض له الأطفال، الذين يُجبرون على الحياة في ظروف قاسية.
ودعت العايدي إلى أن يُعامل استغلال الأطفال في التسول كجريمة من قبيل الاتجار بالبشر، والتي يجب أن يعاقب عليها القانون بعقوبات أشد.
العوامل الاجتماعية والاقتصادية
وأشار الباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، إلى أن العقوبات وحدها لا تكفي للقضاء على هذه الظواهر الاجتماعية المعقدة.
فقد يكون السبب وراء استغلال الأطفال في التسول هو الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، بما في ذلك الفقر والبطالة.
وأوضح الشعباني أن التشديد في العقوبات لا يمكن أن يكون فعّالًا دون معالجة الأسباب الجذرية للظاهرة، التي تشمل قلة الفرص الاقتصادية والمعيشية للأسر الفقيرة.
ظاهرة "التسول الرقمي"
ظهرت مؤخرا ظاهرة جديدة تتمثل في استخدام الأطفال في التسول عبر الإنترنت، حيث يتم استغلال حالتهم الصحية أو وضعهم الاجتماعي في حملات لجمع التبرعات تحت ذرائع إنسانية.
وأكد المحامي محمد الشمسي أن هذا النوع من التسول الإلكتروني يحتاج إلى تشريعات خاصة ومراقبة دقيقة، لضمان عدم تحويل هذه الظاهرة إلى تجارة مربحة عبر الإنترنت.
وتتطلب القضية أكثر من مجرد تعديل قانوني لزيادة العقوبات، ويجب أن تكون هناك استجابة شاملة تبدأ بفهم الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة، بالإضافة إلى تعزيز الحماية القانونية للأطفال، وهي الفئة الأكثر عرضة للاستغلال.