«تمشريط».. تقليد جزائري يعكس قيم التضامن والتكافل الاجتماعي (صور)
«تمشريط».. تقليد جزائري يعكس قيم التضامن والتكافل الاجتماعي (صور)
يواصل سكان القرى الجزائرية، وخصوصًا في منطقة القبائل، إحياء تقليد "تمشريط" الذي يعكس قيم التضامن والتكافل الاجتماعي.
ويقوم هذا التقليد على جمع الأموال لشراء عجول وذبحها، ثم توزيع لحومها في احتفال جماعي، يشمل سكان القرى وحتى العائدين من مناطق بعيدة، وفق وكالة "فرانس برس".
وتجمع العشرات من أهالي قرية آث عتيق القريبة من بجاية في يوم شتوي قارس، احتفالًا برأس السنة الأمازيغية "ينّاير"، وسط أجواء موسيقية قبائلية مميزة.
وأكد دحمان برباشة، أحد سكان القرية، أن هذا التقليد يحافظ على التراث الثقافي، ويتيح للمغتربين فرصة العودة إلى جذورهم والمشاركة في الفعاليات المجتمعية.
جذور تاريخية وروح جماعية
يرتدي الأطفال أزياء تقليدية ويزينون وجوههم برموز أمازيغية تعبيرًا عن الهوية، فيما يرى المؤرخ صالح أحمد بارودي أن "تمشريط" يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي، وكان يشكّل مناسبةً للقاءات العائلية، التصالح، وحتى التزاوج.

وأضاف بارودي أن هذا التقليد يحمل أسماء مختلفة حسب المناطق، مثل "الزردة" و"الوعدة"، لكنه يرمز جميعها إلى الهدف ذاته: تعزيز الروابط الاجتماعية.
ويحتفل به أيضًا خلال المناسبات الدينية مثل شهر رمضان والمولد النبوي وعاشوراء.
مراحل الإعداد والمشاركة المجتمعية
قبل أيام من الاحتفال، يجمع رجال القرية التبرعات لشراء العجول، ثم تُوزّع لحومها بالتساوي على جميع السكان دون تمييز بين من تبرع ومن لم يساهم.
كما يُحضَّر طبق الكسكسي التقليدي لتناوله في مأدبة مفتوحة للجميع، تشارك في إعدادها نساء القرية.
وأوضح فرحات مدحوس، رئيس جمعية "إيثران" الثقافية أن الهدف الأساسي من هذه الفعالية هو غرس قيم العطاء والتعاون في نفوس الشباب، حيث يتولى تنظيمها أفراد تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا.

تراث متجذر رغم التحديات
ظل "تمشريط" حاضرًا حتى خلال حرب التحرير الجزائرية (1954-1962)، حيث مثّل رمزًا للوحدة الوطنية، لكنه شهد تراجعًا خلال الحرب الأهلية في التسعينيات.
ومع ذلك، عاد التقليد تدريجيًا في مطلع القرن الحادي والعشرين، ليصبح اليوم وسيلة لحل النزاعات المحلية وتشجيع المغتربين على العودة إلى قراهم.
وأشار مدحوس إلى أن الجمعية تخطط لإعادة دور النساء في "تمشريط"، بعدما تراجعت مشاركتهن منذ الحرب الأهلية، حيث كنّ يشاركن في تجمع منفصل عن الرجال.
ويأمل المنظمون في استعادة الدور المتكامل للجميع في هذا التقليد الذي يجسد روح التعاون والهوية الأمازيغية في الجزائر.