قادة العالم يجتمعون في باريس لمناقشة مستقبل الذكاء الاصطناعي

تنطلق في باريس، اليوم الاثنين، قمة دولية حول الذكاء الاصطناعي، بمشاركة قادة سياسيين من مختلف دول العالم، من بينهم نائب الرئيس الأمريكي، ونائب رئيس الوزراء الصيني، والمستشار الألماني، إضافة إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إلى جانب كبار مسؤولي شركات التكنولوجيا مثل سام ألتمان (OpenAI)، وسوندار بيتشاي (غوغل)، وداريو أمودي (Anthropic).

ويُتوقع أن يشارك نحو 1500 شخصية في القصر الكبير، حيث يسعى المؤتمر إلى مناقشة فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي، وسبل تطويره، وضبط مخاطره المحتملة، من دون عرقلة الابتكار، وفق وكالة "فرانس برس".

يتناول المؤتمر مواضيع مثل الأمن السيبراني، وسلامة المعلومات، ومستقبل العمل، والذكاء الاصطناعي في العلوم. كما ستركز النقاشات على سبل تنظيم هذه التكنولوجيا عالميًا، بهدف الحد من التجاوزات المحتملة، مع الحفاظ على تنافسية الدول في هذا المجال، خصوصًا بعد الانتشار السريع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ إطلاق ChatGPT قبل عامين.

وفي هذا السياق، أطلقت تسع دول، بينها فرنسا، تحالفًا جديدًا تحت اسم "الذكاء الاصطناعي الحالي" (Current AI)، بتمويل أولي يبلغ 400 مليون دولار، لدعم "الذكاء الاصطناعي من أجل المصلحة العامة".

يهدف هذا المشروع إلى تحسين الوصول إلى قواعد بيانات في مجالات الصحة والتعليم، وتعزيز الشفافية، وتطوير أدوات لتقييم التأثير البيئي والاجتماعي للذكاء الاصطناعي.

سباق عالمي في الذكاء الاصطناعي

تشهد القمة تنافسًا واضحًا بين القوى الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، لا سيما بعد ظهور روبوت الدردشة الصيني "ديب سيك" (DeepSeek)، الذي أثار اهتمام وادي السيليكون بقدرته على منافسة النماذج الأمريكية بتكلفة أقل، إضافة إلى مشروع "ستارغيت" الأمريكي الضخم بقيمة 500 مليار دولار، والذي يسعى إلى تعزيز الهيمنة الأمريكية في هذا القطاع.

وفي مواجهة هذا السباق المحموم، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة أن تثبت فرنسا وأوروبا جدارتهما، قائلاً: “نريد أن نتقدم بسرعة وقوة أكبر بكثير”.

وكشف ماكرون عن استثمارات خاصة بقيمة 109 مليارات يورو في مجال الذكاء الاصطناعي في فرنسا خلال السنوات المقبلة، ستُعلن تفاصيلها خلال القمة.

استثمارات ضخمة

تشمل الاستثمارات المرتقبة مشروع مركز بيانات عملاق تموله الإمارات العربية المتحدة، بقيمة تتراوح بين 30 و50 مليار يورو، في إطار حرم مخصص للذكاء الاصطناعي في فرنسا، إلى جانب استثمار بقيمة 20 مليار يورو من صندوق "Brookfield" الكندي لإنشاء مراكز بيانات جديدة.

ويؤكد الخبراء أن هذه الاستثمارات الضخمة تعكس أهمية بناء مراكز تخزين ومعالجة البيانات، والتي تُعد أساسية لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

وفي السياق ذاته، ستعلن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، خلال القمة، عن إنشاء نحو عشرة حواسيب عملاقة متطورة لدعم الأبحاث وتوفير البنية التحتية للشركات الناشئة الأوروبية.

التزام دولي بالذكاء الاصطناعي

يُختتم المؤتمر، الثلاثاء، بجلسة عامة بمشاركة رؤساء دول من نحو 100 دولة، حيث تأمل فرنسا في الحصول على التزامات دولية بشأن تطوير "ذكاء اصطناعي مستدام وصديق للبيئة"، دون فرض أي قيود قانونية صارمة.

يأتي هذا المؤتمر في وقت تتسابق فيه الدول الكبرى لتعزيز مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وسط تنافس محموم بين الولايات المتحدة والصين، ومحاولات أوروبية للحاق بركب التطور التكنولوجي السريع.