«الأكثر خطورة».. فريدمان ينتقد مقترح ترامب بتهجير سكان غزة

«الأكثر خطورة».. فريدمان ينتقد مقترح ترامب بتهجير سكان غزة
الصحفي الأمريكي توماس فريدمان

هاجم الصحفي الأمريكي المخضرم توماس فريدمان، في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الأربعاء، مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة إلى دول الجوار، واصفاً إياه بأنه "السلام الأكثر غباءً وخطورة في الشرق الأوسط على الإطلاق". 

وأكد فريدمان أن محاولة فرض هذا المخطط ستؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة برمتها، موضحاً أن إجبار الأردن أو مصر أو أي دولة عربية أخرى على استقبال الفلسطينيين وترحيلهم قسراً من القطاع سيفضي إلى تداعيات كارثية.

وأوضح الكاتب أن أي تحرك من هذا النوع سيؤدي إلى تغيير التوازن الديموغرافي في الأردن بين الفلسطينيين وسكان الضفة الشرقية، كما سيتسبب في اضطرابات كبيرة لكل من مصر وإسرائيل. 

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي، رغم عدائه لحركة "حماس"، سيجد صعوبة في المشاركة في عملية تهجير قسري مشابهة لما تعرض له اليهود في الحرب العالمية الثانية.

تحذيرات من تداعيات المقترح 

استشهد فريدمان بتقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أكد أن "لا حلول سحرية يمكنها إنهاء الصراع"، محذراً من أن ترحيل سكان غزة باستخدام سياسات تنطوي على "تطهير عرقي وجرائم حرب" سيشكل إهانة للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. 

كما توقع أن يؤدي هذا المقترح إلى احتجاجات عارمة في العالم العربي والإسلامي، مما يعرض المصالح الأمريكية في المنطقة للخطر.

وحذّر الكاتب من أن تنفيذ مثل هذه الخطوة سيمنح إيران فرصة ذهبية لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، عبر إحراج الأنظمة السنية المتحالفة مع واشنطن. 

وستتعرض الشركات الأمريكية مثل "ماكدونالدز" و"ستاربكس" لضربات اقتصادية قوية، في ظل موجة مقاطعة متزايدة بسبب دعم واشنطن لإسرائيل في الحرب على غزة.

انتقادات لاذعة

وأعرب فريدمان عن قلقه من الطريقة التي يتعامل بها ترامب مع قضايا السياسة الخارجية، متسائلاً عن مدى خطورة مقترحه بتهجير سكان غزة مقارنة بسرعة استجابة مساعديه وداعميه للمخطط دون دراسة عميقة، واصفاً إياهم بـ"مجموعة من الدمى المتحركة". 

وأكد أن هذا النهج يعكس مشكلة أوسع في الإدارة الأمريكية، حيث تحولت حكومة ترامب من فريق يضم وزراء وجنرالات قادرين على كبح اندفاعاته، إلى مجموعة مستشارين يخشون انتقاده أو معارضة قراراته.

وأشار فريدمان إلى أن ترامب يدير بأسلوب أقرب إلى "العراب"، مستشهداً بمواقفه السابقة مثل مطالبته بشراء غرينلاند، ومحاولته فرض السيطرة على قناة بنما، والآن سعيه لإعادة تشكيل غزة وفق رؤيته الشخصية. 

وشدد الصحفي الأمريكي على أن هذا النهج قد يخلق حالة من الفوضى داخل الولايات المتحدة وخارجها.

"حماس" تحت مجهر الانتقادات

رغم انتقاده الحاد لترامب، أقر فريدمان بأن "حماس" منظمة "مريضة ومنحرفة"، مشيراً إلى أن هجومها في 7 أكتوبر 2023 الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واختطاف 250 آخرين أدى إلى شن إسرائيل حرباً قاسية على غزة، دون اكتراث بالضحايا المدنيين. 

وأضاف أن "حماس" تعمدت استخدام المدنيين الفلسطينيين "كقرابين بشرية" لتعزيز موقفها السياسي وتقويض صورة إسرائيل عالمياً.

وأكد أن استمرار أزمة اللاجئين الفلسطينيين ليس نتيجة سياسات إسرائيل فقط، بل أيضاً بسبب قادة فلسطينيين غير أكفاء ساهموا في تفاقم المشكلة.. إلا أنه شدد على أن الحل لا يمكن أن يكون عبر "التطهير العرقي"، وهو ما يريده اليمين الإسرائيلي و"حماس" لإبقاء الوضع القائم.

نتنياهو ودعم "حماس"

لفت فريدمان إلى أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يروج لفكرة أن "حماس" لن تحكم غزة مجدداً ولن تشكل تهديداً لإسرائيل، إلا أن الكاتب شدد على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من ساعد "حماس" في البقاء عبر السماح بتمويلها بمئات الملايين من الدولارات، مما عزز سيطرتها على القطاع.

وأكد أن هدف نتنياهو لم يكن القضاء على "حماس" بل إبقاء الفلسطينيين منقسمين بين غزة والضفة الغربية، ما يحول دون تحقيق حل الدولتين الذي دعمه جميع الرؤساء الأمريكيين منذ عهد جورج بوش الأب. 

وأوضح أن رفض نتنياهو تحديد قيادة بديلة لغزة يعكس إدراكه أن الخيار الوحيد الممكن هو سلطة فلسطينية جديدة قادرة على الحكم، وهو ما يرفضه اليمين الإسرائيلي.

رؤية فريدمان للحل

اقترح فريدمان حلاً للأزمة، يتمثل في إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية عبر تعيين قيادة جديدة، ثم تشكيل حكومة تكنوقراط تتولى إدارة غزة بمساعدة قوة حفظ سلام عربية، بهدف إخراج "حماس" من المشهد السياسي. 

ودعا إلى طلب دعم دولي لإعادة إعمار القطاع، على أن تتولى القوة العربية تدريب قوات أمن فلسطينية قادرة على إدارة غزة مستقبلاً.

وأشار إلى أن الحل يتطلب تقسيم غزة إلى منطقتين: الأولى تحت سيطرة السلطة الفلسطينية وقوة حفظ السلام العربية، والثانية تخضع لرقابة الجيش الإسرائيلي لعدة سنوات، إلى أن تجرى انتخابات فلسطينية شاملة تفضي إلى مفاوضات جدية لحل الدولتين.

وأكد فريدمان أن هذه الخطوات ستفتح الباب أمام السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، مما سيسمح بالمضي قدماً في المعاهدة الأمنية بين الرياض وواشنطن.

وختم فريدمان مقاله بالتأكيد على أن مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ليست متطابقة، مشيراً إلى أن نتنياهو يسعى للبقاء في السلطة بأي ثمن، حتى لو كان ذلك يعني تأخير إطلاق سراح الرهائن، أو استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى، أو حتى التخلي عن فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات مع السعودية. 

وأثار تساؤلاً ساخراً: "هل يدرك ترامب يوماً إلى أي مدى يعتبره نتنياهو وبعض الإسرائيليين المتشددين مجرد أداة لتنفيذ مخططاتهم؟".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية