تورك أمام مجلس حقوق الإنسان: عقوبة الإعدام تتنافى مع «كرامة الإنسان»
تورك أمام مجلس حقوق الإنسان: عقوبة الإعدام تتنافى مع «كرامة الإنسان»
ندد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، بزيادة معدلات تنفيذ عقوبة الإعدام عالميًا خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أن هذه الممارسة "لا ينبغي أن يكون لها مكان في القرن الحادي والعشرين".
وتناولت جلسة لمجلس حقوق الإنسان، ضمن فعاليات الدورة الـ58، دور القضاء في تعزيز حقوق الإنسان ومسألة عقوبة الإعدام.
وأوضح تورك أن بعض الدول تعتبر تطبيق هذه العقوبة جزءًا من سيادتها الوطنية، غير أنه شدد على أنها تتعارض مع كرامة الإنسان والحق في الحياة، وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ارتفاع معدلات الإعدام عالميًا
سجل عام 2023 تنفيذ 1153 عملية إعدام في 16 دولة، بزيادة بلغت 31% مقارنة بعام 2022، ولم تشمل هذه الإحصاءات الإعدامات التي جرت في الصين، حيث تفتقر المعلومات المتاحة إلى الشفافية.
ودعا تورك السلطات الصينية إلى توفير بيانات واضحة حول عقوبة الإعدام والانضمام إلى الاتجاه العالمي نحو إلغائها.
وأشار المفوض السامي إلى أنه رغم أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يحصر تطبيق عقوبة الإعدام على "أخطر الجرائم"، فإن الجرائم المتعلقة بالمخدرات مثلت أكثر من 40% من الإعدامات في 2023، وهو أعلى معدل منذ عام 2016، وتركزت معظم هذه الإعدامات في إيران.
دور الجنوب العالمي في إلغاء العقوبة
في مقابل هذه الزيادة، شهد العالم تحركات إيجابية باتجاه إلغاء عقوبة الإعدام، بقيادة دول من الجنوب العالمي.
وأكد تورك أن 113 دولة ألغت العقوبة نهائيًا، من بينها زيمبابوي، التي وافق رئيسها إيمرسون منانجاجوا على قانون ينهي عمليات الإعدام بحلول نهاية 2024، بالإضافة إلى 26 دولة أفريقية أخرى.
ودعم 129 بلدًا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي الداعي إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام.
وأكد تورك أن استمرار بعض الدول في تنفيذ الإعدامات يعاكس هذا التوجه العالمي نحو تحقيق عدالة جنائية أكثر إنسانية.
الحد من الإعدامات
شدد المفوض السامي على أهمية دور القضاء في تقليص عدد أحكام الإعدام وضمان اقتصارها على الجرائم الأشد خطورة.
وأكد أن السلطة القضائية في الدول التي لم تلغِ العقوبة بعد تتحمل مسؤولية ضمان عدم تطبيقها بشكل تعسفي، خصوصًا في الحالات التي لم يثبت فيها الإدانة بما لا يدع مجالًا للشك.
ودعا الحكومات إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع الإدانات الخاطئة في قضايا عقوبة الإعدام، وتسهيل مراجعة الأحكام عند ظهور أدلة جديدة، وضمان وجود إجراءات عادلة للمحكوم عليهم.
عقوبة لا تردع الجريمة
أكد تورك أن مكتبه يعمل عالميًا على تقليص استخدام عقوبة الإعدام والسعي إلى إنهائها، وحث الحكومات على اتخاذ خطوات نحو الإلغاء الكامل للعقوبة، أو على الأقل فرض وقف مؤقت لتنفيذها، أو قصرها على الجرائم التي تنطوي على القتل العمد.
وأضاف أن عقوبة الإعدام لا تحقق عدالة حقيقية للضحايا ولا تسهم في ردع الجرائم، كما أشار إلى أن حتى أكثر النظم القضائية كفاءة قد ترتكب أخطاء تؤدي إلى إعدام أبرياء، معتبرًا أن هذا الثمن باهظ جدًا مقابل عقوبة لا تثبت فاعليتها، بل تسهم في زيادة العنف داخل المجتمعات والأنظمة القضائية التي تطبقها.