الإسكوا: الاقتصاد العربي يشكل 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
الإسكوا: الاقتصاد العربي يشكل 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
كشف تقرير حديث صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) أن الاقتصاد العربي يمثل نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع تصدر مصر والسعودية والإمارات قائمة أكبر الاقتصادات العربية.
وأبرز التقرير، الذي حمل عنوان "الأحجام الحقيقية للاقتصادات العربية بين عامَي 2017 و2023"، التفاوت الكبير بين الاقتصادات العربية، حيث تجاوز متوسط دخل الفرد في دول مجلس التعاون الخليجي المعدل العالمي، في حين بقيت بعض الدول تعاني انخفاض مستويات الدخل نتيجة الأزمات الاقتصادية والصراعات الداخلية.
وأظهرت نتائج التقرير أن قطر تصدرت قائمة الدول الأغنى عربيًا، واحتلت المرتبة الرابعة عالميًا، في حين جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الثانية عربيًا والثانية عشرة عالميًا، تلتها البحرين في المرتبة السادسة والعشرين عالميًا.
وفي المقابل، صنف التقرير الصومال وسوريا ضمن الدول ذات الدخل الأدنى عالميًا، نتيجة استمرار الأزمات الاقتصادية والاضطرابات السياسية، كما سجل لبنان تراجعًا من المرتبة السابعة إقليميًا عام 2017 إلى المرتبة الخامسة عشرة في عام 2023، بسبب التدهور الاقتصادي الحاد الذي تشهده البلاد.
مستويات الرفاه المعيشي
أوضح ماجد سكيني، معد التقرير والمسؤول في الإسكوا، أن تصنيف قطر كأغنى دولة عربية لا يعكس بالضرورة مستويات الرفاه المعيشي لسكانها، حيث يعتمد التقرير على مؤشر الاستهلاك الفردي الفعلي (AIC)، الذي يقيس الرفاه المادي بشكل أكثر دقة من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
ووفقًا لهذا المؤشر، جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربيًا والـ24 عالميًا من حيث الرفاه المعيشي، تلتها الكويت في المرتبة 37، ثم قطر في المرتبة 38.
وأشار سكيني إلى أن الاعتماد على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لتقدير مستويات المعيشة قد يكون مضللًا في بعض الأحيان، خصوصًا في الدول ذات الدخل غير المتوازن، حيث يعكس الاستهلاك الفردي الفعلي القدرة الشرائية الحقيقية ومستوى الرفاه المادي للمواطنين.
أداء الاقتصادات العربية
كشف التقرير عن تفاوت واضح في أداء الاقتصادات العربية بين عامَي 2017 و2023، حيث تأثر الناتج المحلي الإجمالي بعدة عوامل، أبرزها التغيرات في أسعار النفط، والسياسات الاقتصادية، والاضطرابات السياسية.
وسجلت مصر قفزة ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث ارتفع من 375 مليار دولار عام 2017 إلى 1.87 تريليون دولار في 2021، ثم 1.94 تريليون دولار في 2023، مدفوعًا بمشروعات البنية التحتية الضخمة وبرامج الإصلاح الاقتصادي، رغم التحديات المرتبطة بالتضخم وتراجع قيمة العملة المحلية.
وفي المملكة العربية السعودية بلغ الناتج المحلي الإجمالي 1.58 تريليون دولار عام 2017، وارتفع إلى 1.71 تريليون دولار في 2021، قبل أن يستقر عند 1.57 تريليون دولار في 2023، ما يعكس نجاح خطط "رؤية السعودية 2030" في تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.
أما الإمارات العربية المتحدة، فبلغ الناتج المحلي الإجمالي 619 مليار دولار في 2017، و645 مليار دولار في 2021، لكنه تراجع إلى 506 مليارات دولار في 2023، نتيجة التباطؤ في بعض القطاعات الاقتصادية، مقابل أداء قوي في مجالات أخرى مثل السياحة والطاقة.
وسجل العراق انتعاشًا اقتصاديًا، حيث ارتفع ناتجه المحلي الإجمالي من 94 مليار دولار في 2017 إلى 508 مليارات دولار في 2021، قبل أن يستقر عند 439 مليار دولار في 2023، مستفيدًا من تحسن الأوضاع الأمنية وزيادة الصادرات النفطية.
الاقتصادات المتوسطة والصغيرة
واصل الاقتصاد المغربي نموه، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 252 مليار دولار عام 2017 إلى 352 مليار دولار في 2023، مدعومًا بتوسع القطاعات الصناعية والزراعية.
وسجلت تونس نموًا تدريجيًا من 131 مليار دولار في 2017 إلى 160 مليار دولار في 2023، رغم الأزمات المالية والسياسية التي واجهتها البلاد.
وفي دول الخليج الأخرى، بلغ الناتج المحلي الإجمالي في قطر 212 مليار دولار عام 2023، والكويت 186 مليار دولار، وسلطنة عمان 155 مليار دولار، والبحرين 63 مليار دولار.
أما الدول التي تعاني أزمات حادة، مثل لبنان وسوريا والسودان، فقد شهدت تراجعًا كبيرًا في الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ الناتج في لبنان 59 مليار دولار فقط عام 2023، وسوريا 43 مليار دولار، والسودان 79 مليار دولار.
مستوى الأسعار والقدرة الشرائية
أبرز التقرير الفروقات الكبيرة في مستوى الأسعار (PLI) بين الدول العربية، حيث سجل الأردن أعلى مستوى للأسعار بـ106.3 نقطة، في حن بلغ في قطر 97.05 نقطة، في المقابل، جاء السودان وسوريا في أدنى المستويات نتيجة التضخم المفرط وفقدان العملة المحلية قيمتها، ما أثر في القدرة الشرائية للمواطنين.
وأكد التقرير أن تفاوت الأسعار بين الدول العربية يؤثر بشكل مباشر في مستوى المعيشة، حيث تعاني الدول ذات التضخم المرتفع من تآكل القدرة الشرائية، في حين تحافظ الدول ذات الاستقرار النقدي على مستويات أسعار أكثر توازنًا.
وركزت الدول العربية الكبرى على تعزيز الاستثمار في البنية التحتية والصناعة، حيث سجلت السعودية والإمارات ومصر أعلى معدلات الإنفاق على تكوين رأس المال الثابت (GFCF)، من خلال مشروعات ضخمة في الطاقة، والتكنولوجيا، والتطوير العقاري.
واستثمرت قطر والكويت بشكل كبير في المعدات والآلات الصناعية، في حين واصلت الإمارات ريادتها في قطاع الإنشاءات، من خلال مشروعات عقارية وسياحية عملاقة، ما عزز مكانتها كمركز إقليمي للأعمال.
الفجوة بين القيم الحقيقية والاسمية
كشف التقرير عن فجوة واسعة بين القيم الحقيقية والاسمية للناتج المحلي الإجمالي، حيث انعكس التضخم وسعر الصرف بشكل كبير على بعض الاقتصادات العربية.
على سبيل المثال، بلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر عام 2021 نحو 1.87 تريليون دولار وفق تعادل القوة الشرائية، في حين لم تتجاوز القيمة الاسمية 461.9 مليار دولار، ما يعكس تأثير التضخم وتراجع قيمة الجنيه المصري على الاقتصاد المحلي.
وتواصل الإسكوا تقديم التوصيات لتعزيز النمو الاقتصادي في الدول العربية، من خلال تحسين السياسات الاقتصادية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في التكنولوجيا والطاقة المستدامة، للحد من التفاوتات الاقتصادية وتحقيق تنمية أكثر شمولًا واستدامة.